الثلاثاء 3 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

«مُزَّة».. الطريق إلى عقل البرتغاليين يبدأ من المطبخ!

«مُزَّة».. الطريق إلى عقل البرتغاليين يبدأ من المطبخ!
«مُزَّة».. الطريق إلى عقل البرتغاليين يبدأ من المطبخ!


يواجه السوريون اللاجئون حول العالم مشكلة حقيقية ليست فقط على مستوى الأشخاص، وإنما على المستوى الجمعى تتمثل فى محاولة الحفاظ على ثقافاتهم وقيمهم المجتمعية التى تعرّضت لمخاطر كبيرة بسبب تفرقهم بين البلدان المختلفة بفعل الحرب المستعرة على الأراضى السورية منذ العام 2011.
فى إحدى العواصم الأوروبية وهى مدينة لشبونة عاصمة البرتغال، يعيش الكثير من السوريين الذين تم توزيعهم من قبل المؤسسات الدولية المسئولة عن مستقبل اللاجئين.. مجموعة من الشباب السورى المقيم فى لشبونة منذ وقتٍ قريب بحثوا عن إمكانية تأسيس مشروع جديد يحقق لهم مستوى معيشة لائقا، ويساعد باقى السوريين على التأقلم مع الحياة أو توفير فرص عمل لهم.
 ولأن السوريين لديهم مطبخ مشهور بأطعمته الخاصة، فكان من الطبيعى أن تكون فكرة المشروع مطعمًا يُقدم وجبات سورية 100 بالمئة، وأطلقوا عليه اسم «مِزّة».
المطعم افتتح فى يوليو الماضي، ولاقى إقبالًا كبيرًا من البرتغاليين لم يكن متوقعًا من قبل أصحاب المشروع، وسرعان ما أصبح الطلب على وجبات المطعم أكثر من المعروض، فأصبح من العادى أن يصطف الناس أمام باب المطعم منتظرين مكانًا يخلو لهم أو الحصول على طلبهم بسبب الزحام الشديد!
«مِزّة» لمساعدة اللاجئين فى البرتغال
تقول آلاء الحريرى لـ«روزاليوسف» إنها جاءت إلى البرتغال فى عام 2016 عن طريق منحة دراسية فى مجال الهندسة المعمارية، ودخلت فى نقاشات مع 4 من أصدقائها للبحث عن فكرة مشروع جيد، فاختاروا أن يكون المشروع متعلقًا بالطعام العربى لاسيما وأنّ العرب ليسوا نسبة كبيرة فى البرتغال، وليست هناك مطاعم عربية.. لكن بعد افتتاح المطعم أصبحت هناك مطاعم أخرى عديدة بعضها بجوار المطعم السورى تقدم أيضًا وجبات وأكلات عربية، تيمنًا بمطعم «مِزّة».
نقل خبرات المرأة السورية للمطعم
عن أوضاع اللاجئين فى البرتغال، تتحدث مُؤسسة مطعم «مِزّة» قائلة: «معظم اللاجئين فى البرتغال لم يأتوا بإرادتهم، بل عن طريق برنامج إعادة التوطين التابع للأمم المتحدة، لذلك لا يشعر اللاجئون بالسعادة عندما يأتون إلى هنا خاصًة مع غياب برامج الاندماج، والتى يتم الاعتماد عليها فى بلد مثل ألمانيا، لذلك يكون على اللاجى فى البرتغال أن يوجد لنفسه باب رزق وحياة مستقرة، لكن أكثر ما يميز الحياة فى البرتغال بالنسبة للاجئين أن الشعب البرتغالى غير عُنصرى ضد العرب، بعكس بلاد أوروبية أخرى.
حين بدأت مع شركائى فى اختيار الأشخاص الذين سيعملون فى المطعم استقبلنا الكثير من الطلبات والتقينا بأكثر من 25 لاجئا سوريا.. تستدرك آلاء: لكن الاختيار لم يكن سهلًا، وقررنا أن نختار الشباب الصغار والنساء السوريات وعددهم 16 سوريًا وعراقيين اثنين ومثلهما من الفلسطينيين وجميعهم لاجئون.
 النساء السوريات تحديدًا كن هدفا لنا لأن هدفنا بالنسبة للمشروع أن ننقل الطبيخ البيتى إلى المطعم، لذلك فالسيدة السورية تمتلك خبرات كبيرة فى طبخ الأطعمة المختلفة وبأفضل الطرق، فأردنا أن نُقدم تلك الخبرات عبر المطعم».
مركز لحوار الحضارات داخل المطعم
تقول آلاء إن المطعم يعقد كل شهر ورش عمل لمجالات مختلفة، مثل تعليم الطبخ ووصفات الأكل، بجانب فتح نقاشات اجتماعية على الطاولة الكبيرة الرئيسية بالمطعم، والتى يجتمع عليها جنسيات مختلفة أغلبهم برتغاليون وسوريون.
وتتابع الفتاة السورية: «البرتغاليون عندما جاءوا للمطعم وجدوا المرأة المحجبة سيدة عادية يمكنها أن تمارس أعمالا مختلفة، بعكس معتقداتهم حول النساء المحجبات بسبب «رُهاب الإسلام» أو ما يُعرب بالإسلاموفوبيا.. والنقطة المهمة الأخرى هى كسر الحدود بين الحضارات، فالبرتغاليون الذين حضروا المناقشات أظهروا شغفًا للتعرف على حضارة السوريين أو العرب، وكذلك السوريون عبروا عن رغبتهم فى التعرف على حضارة الغرب والاندماج معها، وقد أظهرت النقاشات أيضًا نقاط الاختلاف بين الحضارتين ونقاط التشابه أيضًا، ولاحظنا أنَّ هناك كثيرا من الصفات المتشابهة بين البرتغاليين والعرب بحكم أنهم شعب اجتماعى ويحب الأسرة والتواصل مع الآخر».