الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إيران.. دولة آيلة للسقوط

إيران.. دولة آيلة للسقوط
إيران.. دولة آيلة للسقوط


لم تكن تلك الفتاة التى تظاهرت دون حِجاب فى شوارع طهران يناير الماضى احتجاجًا على سياسات نظام الملالى تَعْلَمُ أنها عندما أطاحت بغطاء رأسها أرضًا كانت تُسقط معه ورقة التوت التى تُستر سوءَة النظام لتكتب تاريخًا جديدًا للمجتمع.
أصبحت تلك الفتاة المجهولة أيقونة لحركة «الأربعاء الأبيض»، التى ظهرت احتجاجًا على قواعد الملابس المفروضة على الإيرانيات منذ ثورة 1979، وقد لعبتْ المرأة دورًا قياديّا فى الاحتجاجات وكانت حاضرة بقوة فى التظاهرات التى اشتعلت فى عدد من المُدن الإيرانية مؤخرًا، رُغْمَ المناخ القَمعى فى الشوارع.
حتى وإن لم تنجحْ الاحتجاجات الأخيرة فى إسقاط نظام الملالى عن الحُكم فعليّا لظروف دولية وإقليمية؛ فإن اندلاعَها كان تعبيرًا عن أن المجتمع الإيرانى باتَ على موعد مع الفكاك من ذلك النموذج من الحُكم الذى يسيطر فيه رجال الدين على السُّلطة فيحددون للناس ما يلبسون وما يأكلون وكيف يعبدون رَبَّهم.
يحمل هذا النوع من أنظمة الحُكم عناصر فنائه فى داخله، فهو يتعارض مع أبسط قِيَم الحضارة الإنسانية المُعاصرة التى تتعامل شعوب العالم مع مخرجاتها، ولعل هذا ما أدركته الدولة السعودية فسارعت إلى إنهاء مَظاهر الدولة الدينية والقفز بطريقة غير مسبوقة نحو قيَم الدولة المدنية التى توفر لكل مواطنيها جميع حقوقهم على قدم المساواة ودون تمييز.
كانت إيران على موعد مع هذا النموذج من الحُكم بعد انتصار الثورة فى فبراير 1979، إذْ دعا رجل الدين الشيعى روح الله الخُمينى الشعبَ الإيرانى للمشاركة فى استفتاء عام لتحديد هوية الحكومة الجديدة التى يريدونها بديلا عن النظام المَلكى الذى أطاحت به الثورة، وبعد شهرين من انتصار الثورة، وفى مارس 1979 تمّ إجراءُ استفتاء شعبى شارك فيه 98.2 % ممن كان لهم حق التصويت، وأعلن أكثر من 99 % من المُصَوّتين موافقتهم على قيام نظام الجمهورية الإسلامية.
اختطف النظام «الإسلامى» طهران ليُخرجها من الواقع ليرمى بها مئات السنوات فى غياهب التاريخ، ولكن شعبها أدرك مؤخرًا؛ أن عليه إذا ما أراد اللحاق بركْب الإنسانية أن يتخلص من بقايا أفكار لم تَعُد مناسبة لروح العصر.
رُبَّما لم يكن من قبيل المصادفة أن يأتى موعد اندلاع الاحتجاجات الأخيرة فى طهران ضِدَّ القَمْع وتردّى الأوضاع الاقتصادية  وانتشار الفساد، مُتزامنًا مع ذكرَى اندلاع الثورة الأولى فى يناير 1978 التى استمرت 13 شهرًا وسُميت لاحقًا بالثورة الإسلامية. 
فى ظلّ العداء المعلن من جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للنظام القائم فى إيران واستعانته بمجموعة من ألدّ أعداء طهران ليخدموا فى إدارته؛ أصبح من المنتظر أن يعمل الفريق الجديد على الإطاحة بالنظام الإيرانى فى أقرب وقت مُمكن، وإذا كان موعد انطلاق الاحتجاجات قد تزامن مع ذكرَى انطلاق الثورة؛ فليس من المُستبعَد ولو من الناحية النظرية أن تنتهى الاحتجاجات بإسقاط النظام فى فبراير المقبل.