السبت 29 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لويس جريس.. ومديحة عزت

لويس جريس.. ومديحة عزت
لويس جريس.. ومديحة عزت


فى بدايات البدايات.. وفى مؤسسة  مثل روزاليوسف.. تضم الفطاحل والنجوم.. أنت فى حاجة إلى من يشد أزرك ويبعث فى نفسك روح الحماس والانتماء.. وكانت مديحة عزت بحكاياتها المؤثرة والموحية.. كانت مديحة بعفويتها تحكى لنا  نحن الصغار عن المضايقات التى تعرض لها كبار المكان فى بداية المشوار.. حكايات أحمد بهاء الدين وخلافاته اليومية مع إحسان عبدالقدوس.. الذى امتدت خلافاته إلى فتحى غانم.. بما اضطر الست أو السيدة فاطمة اليوسف والدة إحسان إلى فض الاشتباك.. وتأسيس كيان جديد ينافس روزاليوسف هو مجلة صباح الخير التى تولى رئاسة تحريرها أحمد بهاء الدين.

حكت لنا مديحة عن شخابيط صلاح جاهين الذى كان يعمل خطاطا ومصححا.. ليكتشفه بهاء ويقدمه إلى عالم الكاريكاتير والصحافة.. ويعترف جاهين بأستاذية بهاء فيطلق على ولده الأول اسم بهاء جاهين.
تحذرنا مديحة من الزهق  والملل.. تحكى عن الموهوبين الذين لم يتحملوا مرارات الانتظار فابتعدوا.. ومع أن بعضهم تحقق ونجح كثيرا.. إلا أن نجاحهم كان منقوصا.. لأنه كان نجاحا خارج روزا.
وعندما طلب أنيس منصور من صلاح حافظ أن يرشح له مجموعة من شباب روزا للعمل فى مجلة أكتوبر  التى كانت على وشك الظهور.. حذرتنا مديحة  من تكرار خطأ من تركوا روزا.. مثل صلاح عبدالصبور وبهجت عثمان وممدوح الليثى.
تحكى مديحة عزت لجيل الشبان عن صلاح حافظ وفتحى غانم وأحمد حمروش وكامل زهيرى الذى اختلفت هى معه كثيرا.. لكنها كانت تحترمه.. ولم تنس مديحة أن تحكى لنا عن مشاغبات الولد الشقى محمود السعدنى وخناقاته اليومية  مع لويس جريس.. وكانا معا يرأسان تحرير مجلة صباح الخير فى أواخر السبعينيات.. كانت مديحة ترى أن لويس جريس هو الابن الشرعى لروزاليوسف.. وهو الذى حافظ على روح المؤسسة برحيل فاطمة اليوسف.. ولولا لويس جريس فربما تبعثرت الأحوال برحيل الست.. لكن لويس جريس الدارس الأكاديمى لعلم الإدارة فى مصر وأمريكا.. استطاع بالعلم والإدارة الواعية إدارة المؤسسة العريقة فى ثوبها الجديد منذ الستينيات من القرن الماضى.
لويس جريس الذي لم نعمل معه بشكل مباشر.. وقد ارتبط بصباح الخير.. إلا أنه لم يكن بعيدا عنا فى روزاليوسف.. بحكم تواجده على قمة الجهاز الإدارى للمؤسسة.. وذات يوم شكوت له عدم تعيينى رغم مرور خمس سنوات تدريبية.. قلت له إننى وزملاء دفعتى عادل حمودة ومحمد عثمان وشفيق أحمد على  منتشرون وفاعلون تماما على صفحات روزا.. ومع هذا نظل فى كشوف تحت التمرين.. فطالبنا بالصبر.. ثم أفشى سرا عندما قال لنا إن مجلتى روزا وصباح الخير تضمان أربعين محررا.. ولا يمكن بالتالى تعيين محررين جدد.. لكنه وعدنا بالتعيين فى حال خروج أحد الكبار على المعاش.. وقبلها بعامين أو ثلاثة اتجهت إلى مصعد روزا.. فوجدت الأستاذ لويس منتظرا.. ومن باب الأدب والأصول انتظرت حتى يصعد الأستاذ لويس أولا.. بوصفه أحد كبار الكبار.. لكنه أفسح لى لكى أصعد معه.. وفى المصعد سألنى عن أحوالى كأحد المحررين بالمجلة.. لكنى ذكرته بأننى لست معينا.. فقال لى: مادمت تجلس على أحد مكاتب المجلة.. وتستخدم تليفوناتها وتتحدث باسمها فأنت محرر بها.. والتعيين يأتى بعدين!
فى أواخر السبعينيات قررت أنا الهجرة المؤقتة من مصر احتجاجا على توقيع السادات لاتفاقيات كامب ديفيد.. وقررت الذهاب إلى لندن ضمن فريق من المحررين لتأسيس مجلة معارضة اسمها 23 يوليو.. وقتها لم أخبر أحدا بوجهتى الجديدة.. لكنى أخبرت لويس جريس الذى نصحنى بعدم السفر.. حذرنى من العمل خارج مصر لما سوف ألاقيه من عنت ومضايقات.. لكنى أخبرته بأننى سوف أسافر بالفعل.. فحذرنى مرة أخرى من العمل مع محمود السعدنى بالذات.. قال لى إننى لن أتحمل العمل معه.. لأنه عصبى فوق العادة.. لكنى أخبرته بأننى قد حسمت أمرى بالفعل.. فزودنى ببعض النصائح الذهبية لأسلوب التعامل مع الولد الشقى!
بعد سنوات من الغربة فى لندن.. والعمل مع محمود السعدنى الذى صار صديقا ووالدا ومرشدا ومعلما.. عدت إلى مصر.. وقابلت الأستاذ لويس الذى سألنى عن أحوالى.. ثم سألنى باهتمام إذا كنت قد أخبرت السعدنى عن نصيحة لويس بعدم العمل معه.. فقلت له إننى لم أخبره طبعا.. فقال لى: أحسن.. لأنه عصبى فوق العادة!
هذا الأسبوع رحل عنا الأستاذ لويس جريس.. وقبله بأيام رحلت مديحة عزت.. لتفقد روزا، فى أسبوع واحد، اثنين من البنائين العظام..!