الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رحلة عروس عمّان

رحلة عروس عمّان
رحلة عروس عمّان


فادي زعموت
أنا لم أبدأ بالكتابة بسن صغيرة كحال معظم الكتاب، فقد كنت مهتمّا بالرياضيّات والفيزياء فى المدرسة ودرست علوم الحاسوب كبكالوريوس وعملت كمصمم لصفحات الإنترنت فى أول سنوات حياتى العملية. لم أحلم يومًا بأن أكون كاتبًا ولم يكن التواصل مع الناس عن طريق الكلمة المكتوبة أمرًا يهويني.
لكن الأمر تغيّر فى السنوات القليلة التى تلت تخرّجى فى الجامعة، فمع ملاحظتى الضغوطات الاجتماعية التى يفرضها المجتمع على الشباب للزواج فى سن يافعة وتقاطع هذه الضغوطات مع الحالة الاقتصادية الصعبة التى كان وما زال يمر بها المجتمع الأردنى وتعارض هذه الرغبة الاجتماعية المهمة مع التغييرات التى نعيشها اليوم من خروج المرأة للعمل ومطالبتها لحقوقها، فى ظل تراجع اجتماعى عام تضخمت فيه الذكورية وهيمنت عليه قيم موروثة بالية، شعرت بدافع برفع صوتى والاعتراض على ما آلت إليه مجتمعاتنا من تشويه للعلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة ودفنها تحت قيود اجتماعية صارمة.
وقد أيقنت فى ذلك الوقت بأن تشويه العلاقة بين الرجل والمرأة فى مجتمعاتنا ينبع من خوف موروث من جنسانية المرأة بشكل أساسي، وأن القيود المفروضة على كل من الرجل والمرأة فى التعبير عن هويتهما الجندرية الخاصة، وأدوارهما الاجتماعية باتت تضيف على صعوبة الحياة معاناة اجتماعية تزيد على المعاناة الاقتصادية.
أردت أن أتكلم عن الحقوق الجسدية والحريات الجنسية، وقد بدأت بالكتابة الفعلية على مدونتى فى عام 2006 تحت اسم (The Arab Observer). كنت أكتب بالانجليزية عندما بدأت التدوين وقد لاقت الموضوعات التى كنت أطرحها صدى بين المدونين فى الأردن فى وقت لم تكن أدوات الإعلام التقليدى تتطرق إلى هذه المواضيع. لكنى بعد مدة شعرت بأن تلك الموضوعات يجب أن تناقش بالعربية وأنه عليّ طرح أفكارى باللغة العربية إن أردتها أن تصل إلى جمهور أكبر فى مجتمعي. وبعد سنوات من التدوين عرفت بأن طرح الأفكار بأسلوب قصصى يسهل من وصولها إلى المتلقى ولذلك فقد كتبت بعض القصص القصيرة وسيناريوهات الأفلام القصيرة حول تلك الموضوعات.
وفى عام 2009، أصبح لدى مجموعة من القصص والأفكار تصلح لأن تُجمع وتُعرض كرواية. وبالفعل بدأت بكتابة “عروس عمان”. وقد كان هاجسى وقتها أن أبيّن للمجتمع كيف يصعّب ميراثنا الثقافى من حياة كل فرد منّا، ولذلك لم أخجل بانتقاء القصص القاسية ولا فى طرح المواقف الجريئة ولا فى الدعوات الصريحة إلى تفهّم الخيارات الشخصية للأفراد واحترام حرياتهم الجنسية وحاجاتهم الجسدية.
اليوم وبعد خمس سنوات على صدورها، «عروس عمان» فى طبعتها الرابعة وقد صدرت فى اللغة الإنجليزية أيضًا بشكل أتاح لى للسفر إلى عواصم ومدن أوروبية كلندن وبرلين وسالزبرج لمناقشة الأفكار المطروحة للكتاب. وإلى اليوم ما زالت أصداؤه طيبة وما زلت أستقبل رسائل من سيدّات ورجال يشكروننى على الطرح الجرىء. 