الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأخوان «كوتش» أسساها لخدمة مصالحهما الاقتصادية: شبكة تجسس «خاصة» تضم «نائب ترامب».. ومدير CIA!

الأخوان «كوتش» أسساها لخدمة مصالحهما الاقتصادية: شبكة تجسس «خاصة» تضم «نائب ترامب».. ومدير CIA!
الأخوان «كوتش» أسساها لخدمة مصالحهما الاقتصادية: شبكة تجسس «خاصة» تضم «نائب ترامب».. ومدير CIA!


«الأخوان كوتش» اسم شهير يعرفه المجتمع الأمريكى لاثنين من أغنى وأشهر رجال الاقتصاد الأمريكيين يمتلكان ثانى أكبر مجموعة اقتصادية فى الولايات المتحدة الأمريكية ويحققان أرباحا تصل إلى 115 مليار دولار سنوياً، لكن ما لا يعرفه كثير من الأمريكيين هو حقيقة الدور السرى الذى يقوم به كل من «دافيد كوتش» و«تشارلز كوتش» فى السياسة الأمريكية منذ سنوات وهو الدور الذى بلغ مداه هذه الأيام بعد أن تأكد أن هناك عشرات الأسماء من المسئولين بالبيت الأبيض والحكومة الأمريكية يرتبطون بعلاقات وثيقة مع الشقيقين.
الكاتبة «كينيث فوجل» كانت قد كتبت منذ سنوات عن شبكة علاقات الأخوان كوتش التى تهدف إلى إعادة تشكيل السياسة الأمريكية ككل، وأكدت وقتها أنها ليست مجرد شبكة علاقات بل «وكالة استخبارات خاصة»، وأشارت إلى أن الأخوان كوتش نجحا فى القيام بعمليات سرية تضمنت مراقبة بعض الشخصيات المهمة وجمع معلومات استخباراتية حول منافسيهم من الليبراليين معتبرين هذه العمليات أحد أهم أدواتهم من أجل تحقيق أهدافهم السياسية والاقتصادية.
ورصد التقرير جرأة الفريق الاستخباراتى التابع لشبكة كوتش، ففى الوقت الذى يركز الحزب الجمهورى على الفوز فى الانتخابات، يسعى آل كوتش إلى إعادة تنظيم السياسات والحكومة والمجتمع الأمريكى فيما يخص فلسفة المشروعات الحرة التى يرغبون فى نشرها بشكل واسع.
ووفقاً للمحيطين بالأخوان كوتش فإنهما يسميان العمليات السرية التى كشف عنها فوجل بعمليات جمع «معلومات استخباراتية تنافسية» لاستخدامها فى إعاقة الجماعات والناشطين الليبراليين وتحديد المخاطر المحتملة التى تهدد شبكة مصالحهم الواسعة، وتحدث التقرير الصحفى الذى كتبته «كينيث فوجل» عن فريق الاستخبارات التنافسية مشيرا إلى أنه يتكون من 25 موظفاً بينهم محلل سابق بوكالـة الاستـخبـارات المركزية  CIAويشمل عمل الفريق إعداد تقارير وجمع وثائق تخص خطط حشد الناخبين من خلال كبرى الجماعات المؤيدة للحزب الديمقراطي، كما يشمل الفريق الاستخباراتى التابع «للأخوان كوتش» تقديم تقارير استخباراتية مختصرة من خلال البريد الإلكترونى حول جهود اتحادات العمال والجماعات المهتمة بالبيئة، وأكد العديد من التقارير أن الفريق الاستخباراتى السرى يستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا لرصد تحركات الليبراليين بما فى ذلك رصد البيانات الجغرافية لبعض المجموعات من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ربما يرى البعض أن تدخل «آل كوتش» فى السياسة الأمريكية أمر متكرر فى العديد من دول العالم حيث يسعى رجال الأعمال إلى الحفاظ على مصالحهم بكل الطرق لكن الأمر مختلف لدى الأخوان كوتش اللذين شكلا شبكة من العلاقات وجندا العديد من السياسيين وأعضاء الكونجرس من أجل تمرير القوانين التى تخدم مصالحهما ووقف التشريعات والقوانين التى قد تؤذى مصالحهما الاقتصادية، وذلك من خلال شبكة استخبارات خاصة للتجسس على المنافسين ومراقبتهم وجمع معلومات استخباراتية حول الشخصيات والمنظمات التى قد تؤثر على مصالحهما.
كان تسريب تسجيل صوتى لأحد اجتماعات جمع التبرعات لشبكة كوتش قد كشف عن ولع الأخوان كوتش بالتجسس وجمع المعلومات من خلال شبكة استخبارات خاصة بهما.. التسجيل كشف عن عرض الاجتماع لوثائق تمكنت الشبكة من الحصول عليها لكن لم يكشف التسجيل عن ماهية هذه الوثائق لكنها بالتأكيد تخص الحزب الديمقراطى وحلفائه.
وليتضح الأمر أكثر يمكن القول بأن الأخوان كوتش توصلا إلى الحل الأمثل للتدخل فى الانتخابات الأمريكية والتأثير فى الناخبين دون الظهور فى الصورة، وذلك من خلال مؤسسات تبدو فى ظاهرها مؤسسات مستقلة غير هادفة للربح وتعمل فى مجالات تبدو بعيدة عن الانتخابات، وبذلك ضمن الشقيقان التأثير فى الانتخابات وعدم مخالفة القانون الأمريكى الذى يمنع المنظمات التى لها حق جمع تبرعات دون حد أقصى من التدخل فى الانتخابات أو التعامل مع المرشحين بأى شكل، هذا بخلاف عمليات المراقبة وجمع المعلومات وإعداد التقارير وإنشاء شبكة من الحلفاء الأكفاء فى كل المجالات، وبالتالى لن يكون بعد ذلك من الصعب اختيارهم لقيادة حملة انتخابية ناجحة أو إفشال حملة أخرى لمرشح منافس.
الأخطر أن تقريراً جديدا صدر مؤخراً حول علاقة العاملين بالبيت بالأبيض بشبكة مؤسسات كوتش وأكد التقرير أن هناك 44 مسئولا بحكومة ترامب تربطهم علاقات وثيقة مع الشقيقين كوتش من خلال عملهم فى مؤسسات تابعة للشقيقين ويأتى على رأس هؤلاء نائب الرئيس الأمريكى «مايك بنس» الذى يعتبر حليفا قويا لآل كوتش من زمن بعيد. كان بنس هو أكبر مؤيدى مطالب آل كوتش الخاصة بزيادة الضرائب الخاصة بالتغير المناخى والتى تهدف فى الأساس إلى دعم بيئة أكثر نظافة.
ومكافأة له على هذا الدعم قرر آل كوتش دعمه فى انتخابات عمدة أنديانا بمبلغ 100 ألف دولار عامى 2012 أملا فى يفوز رجلهم ويستمر فى دعمهم بشكل أكثر تأثيرا، وفى عام 2016 أيضا دعمته مؤسسات كوتش بمبلغ 100 ألف دولار إلا أنه انسحب من أجل منصب نائب الرئيس، ولم يكن الدعم الانتخابى مادياً فقط بل كان دعما بمختلف الوسائل ومن بينها ضرب خصومه بمعلومات ووثائق سرية من أجل تقليل فرص نجاحهم أمام بنس.
وفى مقالها بصحيفة «نيويوركر» الأمريكية، دقت الكاتبة «جين ماير» ناقوس الخطر منبهة الأمريكيين إلى خطورة وجود بنس فى البيت الأبيض، خاصة فى منصب نائب الرئيس إذ يمكن أن يصبح رئيسا إذا ما تم تنحية ترامب على إثر قضية اتصال مساعديه فى الحملة الانتخابية بالكرملين، بينما صرح السيناتور الديمقراطى «شلدون وايتهاوس» بأنه إذا ما أصبح بنس رئيساً لأى سبب فإن الحكومة ستدار من خلال «آل كوتش».
كما يؤكد التقرير أن عدداً من أعضاء فريق بنس كانوا يعملون بمؤسسات كوتش ومنهم كبير مساعديه «اندليز كاستلو» الذى عمل بمؤسسة «ليبر انيشياتيف». كما عين بنس «ستيفن فورد» مسئولا عن كتابة الخطابات التى يلقيها وهى نفس المهمة التى برع فيها فورد خلال عمله بمؤسسة «فريدوم بارتنرز» التابعة للشقيقين كوتش.
أما أخطر ما جاء بالتقرير أن الشقيقين المغرمين بالتجسس إلى حد إنشاء وكالة استخبارات خاصة  يعتبران «مايكل بومبيو» مدير وكالة الاستخبارات المركزية رجلهم منذ أن كان عضوا بالكونجرس، اشتهر بومبيو بـ«عضو الكونجرس التابع لكوتش» و«عضو الكونجرس القادم من مؤسسات كوتش»، كان بومبيو هو المرشح الوحيد للكونجرس الذى حصل على دعم  مادى لحملته من الشقيقين وشبكتهما عام 2010 بلغ المبلغ الذى أنفقه الأخوان كوتش على بومبيو خلال هذه الحملة الانتخابية 80 ألف دولار.
ولم يكتف الشقيقان كوتش بذلك بل دعما رجلهما الوفى فى الكونجرس عام 2012 مجددا من أجل إعادة انتخابه، ولكن هذه المرة وصل مبلغ الدعم إلى 110 آلاف دولار، وفى عام 2014 واجه بومبيو منافسة شرسة من مرشح جمهورى آخر يرتبط بعلاقات قوية مع «آل كوتش» وكانت المفاجأة أن الشقيقين اختارا الوقوف إلى جانب بومبيو ضد منافسه من نفس الحزب.
ومن المعروف عن بومبيو أنه دائم الحضور لاجتماعات شبكات كوتش المغلقة وهو مدافع شرس عن الرجلين وسياساتهما فى إدارة أمورهما سياسيا واقتصاديا ودائما ما يوجه اللوم للديمقراطيين وعلى رأسهم الرئيس السابق أوباما لانتقادهم المستمر لأساليب الشقيقين كوتش.
وكانت عدة تقارير ما بين عامى 2014ــ2015 قد اتهمت ما يعرف بـ«غرفة التجارة التابعة لمنظمة فريدوم بارتنرز» بأنها المجموعة الرئيسية فى شبكة آل كوتش، الغريب أن رئيس الغرفة وقتها  والذى رفض الإجابة على أية أسئلة تخص جهود الشبكة فى رصد أنشطة المنافسين أو حتى التعليق على وجود فريق «الاستخبارات التنافسية» الذى يعد أحد الوحدات الرئيسية فى الشبكة هو «مارك شورت» مدير الشئون التشريعية بالبيت الأبيض حالياً ونائب مساعد الرئيس ترامب، ولم ينف شورت وقتها الجهود التى تقوم بها شبكة كوتش من أجل التعافى من صدمة انتخابات 2012 والتى فاز فيها الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما الذى ينتمى إلى الحزب الديمقراطى المنافس، ويذكر أن هذه المؤسسة التى كان يرأسها المسئول الحالى بالبيت الأبيض قامت بجمع 750 مليون دولار من التبرعات لصالح أنشطة الأخوان كوتش خلال فترة الانتخابات الرئاسية العام الماضي.
أما «دونالد ماكجن» فقد قدم خدمات قانونية لعدد من المجموعات التى تعمل للتأثير فى الانتخابات  لصالح أهداف الأخوان كوتش، وذلك من خلال شركة «جونز داي» القانونية التى كان ماكجن موظفاً بها، ماكجن كان محامياً فى حملة ترامب الانتخابية ويشغل اليوم منصب مستشار بالبيت الأبيض. ومن بين المنظمات التابعة للثنائى كوتش التى قدم لها ماكجن استشارات قانونية، منظمة «أمريكانز فور بروسبيريتي» التى تعمل مع مجموعات التأثير وجماعات الضغط خلال الانتخابات و«فريدوم بارتنرز» التى تعد أحد أهم أذرع آل كوتش لجمع المعلومات وتحديد الناخبين واستهدافهم خلال الحملات الانتخابية.
يذكر أن مؤسسة «أمريكانز فور بروسبيريتي» قامت بتعيين 650 موظفاً جديداً خلال فترة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وكان معظمهم فى الولايات التى ضمنت النجاح لترامب، كما قامت المؤسسة ببث دعاية سلبية ضد المرشحة الرئاسية آنذاك هيلارى كلينتون.
بينما كانت كبير مستشارى ماكجن نفسه بالبيت الأبيض حالياً «آن دونالدسن» زميلة له بشركة جونز داى القانونية وقدمت بدورها خدمات قانونية لكل من «أى 360» و«فريدوم بارتنرز».
عمل «آندى كوينج» كنائب رئيس مؤسسة «فريدوم بارتنرز» التابعة للشقيقين كوتش، صرح كوينج بعد فوز ترامب بأن مؤسسته تأمل أن يدخل ترامب البيت الأبيض حاملاً ممحاة يمسح بها إصلاحات أوباما فورا، وأعلنت المؤسسة عما أسمته «خريطة طريق الإصلاح» وكان على رأس أولوياتها إلغاء اتفاق باريس الخاص بالتغير المناخى  وإلغاء قوانين المياه النظيفة وتقليص الحدود المفروضة على التلوث البيئى الناتج عن محطات توليد الطاقة باستخدام الفحم، عمل كوينج كنائب رئيس مؤسسة «فريدوم بارتنرز».
المثير أن البيت الأبيض استعان بعدد من العاملين بمؤسسات كوتش للعمل على وضع السياسات وعلى رأس هؤلاء جاء كوينج نفسه، ومن بين السياسات التى سيتم وضعها بالطبع هو الأمور التى رآها كوينج أهم.
وهناك «كليان كونواي» المديرة السابقة لحملة ترامب الانتخابية والمستشارة المقربة لترامب حالياً والتى عملت على مدار عام 2016 كمستشارة بمنظمة «أمريكانز فور بروسبيريتي» بفرعيها فى ميتشيجن وأوهايو، كما كانت كونواى عضو مجلس إدارة بـ«منتدى نساء مستقلات» الذى يضم عددا كبيراً من الأمريكيات اللاتى يدعمن أفكار كوتش بخصوص الاقتصاد الحر وغيرها من الأفكار التى يسعى آل كوتش للترويج لها من خلال مثل هذه المؤسسات لخدمة مصالحمهما فى النهاية.
قبل أن يدخل كل من «أندرو برمبرج» و«بثانى سكالي» إلى البيت الأبيض، عمل الاثنان معا فى مؤسسة «فريدوم بارتنرز» يشغل برمبرج حاليا منصب مدير مجلس السياسات الداخلية بالبيت الأبيض بينما تعمل سكالى كموظفة بمكتب ترامب للشئون التشريعية.
أما «بريان بلاز» مساعد الرئيس الأمريكى لشئون الصحة فقد أتى به ترامب من «مركز مركاتوس» الذى يعتبر المركز البحثى الخاص بشبكة الأخوان كوتش ومقره بجامعة جورج ماسون. 
هذا إلى جانب ستة مسئولين بوزارة الأمن الداخلى وستة مسئولين بوزارة الطاقة التى تهم آل كوتش على وجه الخصوص لضمان قرارات تخدم مصانعهم واقتصادهما، وفى وزارة التعليم أيضا رصد التقارير ثلاثة مسئولين تابعين لشبكة كوتش بينهم وزير التعليم.
وهنا تبرز العديد من علامات الاستفهام حول مستشارى ترامب الحاليين ورجاله بالبيت الأبيض والذين كانوا يعملون لدى مؤسسات تابعة للأخوان كوتش وقت الانتخابات بل وأثناء عملهم فى حملة ترامب الانتخابية، فهل تكشف الأيام عن علاقة بين الرئيس ترامب واثنين من أغنى رجال الأعمال الأمريكيين وأكثرهما تأثيراً فى السياسة والاقتصاد معاً؟ هذا على الرغم من أن ترامب أكد فى تغريداته أنه يحب الشقيقين كوتش لكنهما لا يستطيعان شراءه بينما صرح دافيد كوتش أثناء الانتخابات أن الناخب سيختار بين السرطان والسكتة القلبية مشيرا إلى ترامب وهيلارى كلينتون.
التقرير الحديث لا يوثق فقط أسماء المسئولين المتورطين بعلاقات وثيقة مع الشقيقين لكنه يوثق أيضا نجاح رجال كوتش فى البيت الأبيض فى إقناع ترامب بالكثير من أفكار الشقيقين من أهمها إعلان ترامب عزمه الانسحاب من اتفاق باريس، وقد حاولت العديد من الجماعات والناشطين الليبراليين فضح أنشطة آل كوتش وشبكتهما الاستخباراتية لكنهم لم يستطيعوا إثباتها لأن فريق الاستخبارات التنافسية التابع للأخوان كوتش، مثل الكثير من البرامج والنشطة التى يدعمها آل كوتش، يعمل بشكل منهجى يصعب اختراقه، هذا إلى جانب أكثر من واقعة لمحاولات التجسس على اتصالات معارضيهم أو قضاة يحكمون فى قضايا قد تؤذيهم اقتصاديا ومراقبة هؤلاء عن كثب حتى يتسنى لهم ابتزازهم.