الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من «عنتيل» نوبل إلى رجال السياسة: وباء «التحرش».. يجتاح العالم

من «عنتيل» نوبل إلى رجال السياسة: وباء «التحرش».. يجتاح العالم
من «عنتيل» نوبل إلى رجال السياسة: وباء «التحرش».. يجتاح العالم


يبدع الكثير من الرجال فى إبراز احترامه للمرأة وتضامنه معها لنيل حقوقها، لكن كثيرًا منهم لا يبدو «فيمنيست» إلا أمام الكاميرات، وفى الغرف المغلقة يظهر على حقيقته ذئب بشرى، ينهش جسد المرأة، والغريب أن كثيرًا من مدعى الثقافة والتحضر ما بين السياسيين والأدباء متحرشون، وهذا ما أظهرته حملة Me too، و«أنا أيضًا»، التى أتاحت للمرأة فرصة لفضح المتحرشين.
الفضائح بدأت بالمنتج «هارفى وينستين» وطالت عددًا من الفنانين والسياسيين والمثقفين حول العالم، وأصبحت الحملة ملاذًا آمنًا لكل امرأة تعرضت للتحرش ولم تستطع فضح المُجرم خوفا على عملها أو مستقبلها، أو من شهرة المتحرش التى يستخدمها درعًا فى الدفاع عن نفسه ضد الضحية.
 «نوبل» وقلة الأدب
إحدى الفضائح طالت واحدًا من أشهر مثقفى السويد ومدير واحد من أهم النوادى الثقافية هناك وهو «نادى ستوكهولم الثقافى»، وكان هناك 18 سيدة أعلن عن تعرضهن للتحرش على يد مدير النادى الثقافى الأشهر فى ستوكهولم والذى يرتبط بعلاقات وثيقة مع مسئولى «أكاديمية نوبل للأدب» التى تضع الترشيحات للجائزة فى مجال الأدب، وأعلنت الأكاديمية العريقة عن قطع صلاتها بهذا الشخص بعد تأكدها من تعرض بعض عضوات الأكاديمية للتحرش، فضلا عن بعض بنات الأعضاء وموظفين بالأكاديمية وزوجاتهم أيضًا.
الشخص المتهم بالتحرش والاغتصاب فى الفترة من 1996 و2017 لم يتم نشر اسمه حتى اللحظة تنفيذا للقانون السويدى الذى يمنع إعلان اسم المتهم فى الصحافة حتى انتهاء التحقيقات وثبوت الاتهامات.
النادى الثقافى الذى يملكه الشخص المتهم بالتحرش كان يستقبل أهم مثقفى العالم والحاصلين على جائزة نوبل فى الأدب خلال احتفالاته وفى المعارض التى يقيمها، وأكدت بعض الضحايا وقوع حوادث التحرش داخل مقر الأكاديمية السويدية، لكنهن لم يتهمنه علنًا فى الماضى خوفًا من نفوذه الذى كان يمكن أن يؤثر سلبيًا على مستقبلهن المهنى.
كما اتفقت أكاديمية نوبل للأدب فى السويد مع واحدة من أكبر الشركات القانونية هناك لإجراء تحقيق مستقل داخل الاكاديمية للتأكد من وقوع الحوادث الـ18 والوقوف على مدى تأثير المتهم على اختيار الجوائز والمرشحين للجائزة خلال الفترة التى حددها الضحايا، هذا إلى جانب التحقيق الجارى حاليًا مع المتهم.
التحرش بـ600 سيدة فى إيسلندا
تفجرت فضيحة تحرش أخرى، هزت إيسلندا عندما أعلنت 600 سيدة يعملن فى مجال السياسة عن تعرضهن للتحرش، ويعتبر الرقم ضخمًا جدًا حيث يبلغ عدد سكان إيسلندا 332 ألفًا و500 مواطن. واستخدم الضحايا الـ600،  هاشتاج #Me Too  لفضح المتحرشين والمغتصبين من رجال السلطة.
وكانت السياسية «هيدا هيلميسدوتر» أنشأت جروبًا مغلقًا على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لتتشارك فيه السياسيات قصصهن حول التحرش بهن من زملائهن، وكانت المفاجأة هى العدد الضخم الذى يشير إلى أن الأمر ليس حادثًا عارضًا بل ثقافة عامة.
وأكدت هيدا أنها أعلنت عن الجروب ومحتواه فى محاولة لفتح حوار بين الأحزاب السياسية حول كيفية تحسين الثقافة والنهوض بها فيما بينهم حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث المخجلة.
«هيدا» صرحت بأن ثقافة التحرش لا تقتصر على رجال السياسة فقط بل تمتد إلى فئات أخرى بكل تأكيد، ورغم أنها لم تعلن عن أسماء السياسيين الذين تحرشوا بزميلاتها، إلا أن الإعلام والصحافة يضغطون بقوة لكشف أسمائهم ومن ثم معاقبتهم وتقديمهم للمحاكمة، فيما أعلن سياسيون عن صدمتهم من حجم الكارثة التى تعرض لها زميلاتهم، بل نساء إيسلندا خارج مجال السياسة.
 بذاءة جورج بوش الأب
الولايات المتحدة الأمريكية شهدت هذا العام أكثر من فضيحة تحرش، كان آخرها، جورج بوش الأب الذى اتهم بالتحرش بالسيدات أثناء أخذ صورة معهن، فضلا عن إلقاء النكات البذيئة. المتحدث باسم الرئيس الأسبق البالغ من العمر 93 عامًا نفى تماما أن يكون «بوش الأب» يقصد أى إساءة لأى سيدة معتذرًا عن أى فهم خاطئ لسلوكه، لكن الفتاة الضحية عادت لتؤكد أنه كرر فعلته مرتين خلال أخذ الصورة وكانت زوجته باربرا بوش شاهدة ومستاءة مما يفعله زوجها بينما أخبرها حارسه أنه لم يكن عليها الوقوف بجانب بوش مما يشير إلى اعتياده القيام بذلك.
«روى موور» عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، وجهت له اتهامات  بالتحرش بـ9 سيدات عندما كن فى سن المراهقة، بينما اتهمت المقدمة الإذاعية الأمريكية «ليان تويدن» السيناتور «آل فرانكن» بمحاولة تقبيلها عنوة والتحرش بها العام الماضى. فرانكن اعترف بالتحرش بها وقدم السيناتور اعتذارًا لها.
وقالت سيدات أمريكيات إن الرئيس دونالد ترامب تحرش بهن فى الماضى وخاصة خلال الحملة الانتخابية، ونفى ترامب ذلك ولم يتم التحقيق فى الاتهامات.
 فضائح إنجليزية
وفى بريطانيا هزت سلسلة من الفضائح عالم السياسة، واتسعت الاتهامات بسوء السلوك، لتشمل كبار الساسة ورجال الدولة، وكانت آخر الشبهات التى طالت نائب رئيسة الوزراء البريطانى، وسكرتير الدولة الأول، هو لقب شرفى يستخدم من قبل حكومة المملكة المتحدة «داميان جرين»، بعدما اتهمته ناشطة نسائية، وصحفية تدعى «كيت مالتبى»، بأنه حاول مغازلتها بشكل مخل، من خلال إرساله رسائل نصية، حملت معانى جنسية.
وقال «بوب كويك» ضابط شرطة سابق، بعد هذا الادعاء، إن الشرطة البريطانية اكتشفت وجود مواد إباحية على حاسوب مكتب «جرين»، عندما داهمت مكتبه منذ بضع سنوات، (جراء تسريبات بعض الوثائق عن وزارة الداخلية البريطانية التى نشرت فى 2008).
وصرح «كويك» الذى كان يترأس تحقيقات تلك الوثائق المسربة، أن الضباط أكدوا وجود مواد إباحية على الحاسب الخاص به، لكن «جرين» نفى تلك الادعاءات، وبقى فى منصبه. أما أشهر الفضائح فكانت تلك التى سبقت «جرين» بأيام قليلة، وهى فضيحة وزير الدفاع البريطانى المستقيل أول الشهر الماضى «مايكل فالون»، بعدما اعترف أنه فى بعض الأحيان كان سلوكه لا يغتفر.
جاء هذا الاعتراف وسط ضجة إعلامية، سببها إعلان صحفية تدعى «جوليا هارتلى - بريور»، بأن «فالون» تحرش بها قبل 15 عامًا، عندما وضع يده مرارًا وتكرارًا فوق ركبتها، بينما اتهمته رئيسة مجلس النواب «أندريا ليدسوم»، حسبما ذكرت جريدة «ذا صن»، أنه أشار إليها بتعليقات جنسية، عندما عملا معًا بين عامى 2010 و2012.
ومن ناحية أخرى فجر مساعدو الحزب المحافظ مفاجأة بالإعلان عن ملف تناولته الصحف البريطانية، وأطلقت عليه اسم «الملف القذر»، حيث يضم قائمة بأسماء 40 نائبًا من أعضاء البرلمان، بينهم 6 وزراء، وعدد آخر من كبار ساسة الدولة، اتهموا بسوء السلوك الجنسى، أو أنهم تصرفوا بشكل غير لائق، أو كانوا على علاقة غير مشروعة مع زملائهم فى العمل.
نشرت جميع الصحف البريطانية باختلاف توجهاتها قائمة أسماء الساسة المتحرشين، والتهم الموجهة إليهم، لكن أغلب الأسماء كانت مخبأة لحين انتهاء التحقيقات، وعليه تناولت الصحف البريطانية أشكال الاتهامات، ثم حاولت الاجتهاد فى الكشف عن بعض الأسماء.
وتشير التقارير الصحفية إلى أن  بعض الاتهامات تعد خطيرة إلى حد أنها  قد تًنهى مسيرة عمل البعض، وتم الكشف عن مفاجأة وهى وجود 3 من المتهمين فى القائمة من النساء، نتيجة لنوع التهم الموجهة لهن، لكن لم يتم الكشف عن أسمائهن.
كما أوضحت التقارير الصحفية أن أغلب ما كتب فى الوثيقة يتعلق بالنواب، الذين تصرفوا بشكل غير مناسب تجاه أعضاء الهيئات الحكومية، والنواب، والصحفيين، وغيرهم. ووصف أحد كبار الشخصيات، بأنه «المتحرش وسط الأحزاب»، فى حين وصف آخر بأنه «ثمل بشكل دائم، وسلوكه سيئ مع النساء».
كما اتهم أحد الوزراء السابقين بإجبار سيدة على الصمت تجاه ما فعله بها، بينما أوضح أن آخر كان يضغط على امرأة أخرى للإجهاض، بالإضافة إلى وجود تسجيل فيديو لأحد كبار الشخصيات به أفعال جنسية مشينة.
ومن جانبها ذكرت جريدة «ذا صن» إن القائمة اتهمت نائبين باستخدام خدمات البغايا، كما اتهمت نائبة بإقامة علاقات غير مشروعة خارج نطاق الزواج مع باحثين شباب.
واقترح أحد كبار المحافظين السابقين على سكرتيرته إقامة علاقة غير مشروعة معه بسؤالها سؤالاً مخلاً، بينما اتهم أحد النواب بالشذوذ، بأنه يفضل إقامة علاقة مع رجال يضعون عطر المرأة.
وأكدت الجريدة أنها تحرت من الاتهامات، فوصلت إلى بعض المعتدى عليهن من قبل الساسة المتحرشين، الذين قالوا للجريدة إنهم أنشأوا مجموعة خاصة بهم على تطبيق «واتس آب»، فوجد أن أغلب من هم فى المجموعة نساء عاملات فى «ويستمنستر»، وذلك من أجل تحذير بعضهن البعض من النواب، الذين لديهم سمعة سوء السلوك الجنسى.
وأضافت الجريدة أن من بين أعضاء المجموعة، باحثين برلمانيين، ومساعدين، يدعون أن السياسيين مارسوا علاقات غير مشروعة فى مكاتبهم، والأسوأ هو تعرض أفراد الموظفين للتهديد بشكل غير قانونى، وإعطاء العاملات ألقابًا جنسية مشينة.
أما عن أسماء من هم فى الوثيقة، فلم يكشف سوى عن 5 أسماء فقط، بينهم «داميان جرين»، أما الأربعة الآخرون فأولهم الوزير السابق «ستيفن كراب»، الذى اعترف أنه انخرط فى «ثرثرة جنسية» مع شابة تبلغ من العمر 19 عامًا، كانت تريد التقدم بطلب للحصول على وظيفة معه، والوزير «مارك جارنييه»، الذى اعترف بأنه طلب من إحدى الموظفات شراء ألعاب جنسية له.
ووضع اسم «جاستن توملينسون»، البالغ من العمر 40 عامًا، فى الملف لارتباطه بعلاقة مع مساعدته «كاثرين بينيت» البالغة من العمر 25 عامًا، فى 2016، عندما كان متزوجًا بالفعل.
وأخيرًا «ستيف دوبل»، الذى اعترف العام الماضى، بأنه كان له علاقة مع باحثة فى العشرينيات، والتى كانت هى الأخرى متزوجة من صحفى فى جريدة بريطانية.
أما عن الأسماء غير المعلنة، فذكرت جريدة «ذا تايمز» على مسئوليتها أن النائب «مارك منزيز» الذى يمثل دائرة «لانكشاير»، والذى كان سكرتيرًا خاصًا لوزير الشئون الأوروبية «الان دانكان»، استقال من هذا المنصب، بعد الفضيحة التى طالته جراء عرضه على أحد رفاقه البرازيليين إقامة علاقة معه، وطالبه بإحضار بعض المخدرات، بينما أقرت جريدة «ذا صن» التى ذكرته أيضًا كأحد الأسماء المدرجة، لاتهام آخر، وهو توظيفه «ولد مأجور» لذلك.
وأوضحت الجريدة أن النائب «هارلو»، رئيس لجنة التعليم فى البرلمان «روبرت هالفون»، اعترف من قبل بإقامة علاقة غير مشروعة مع ناشطة من الحزب المحافظ قبل عامين.
تحاول السلطات البريطانية معالجة تلك القضية بشكل سريع، خاصة أن المؤسسة البريطانية تمر بأوقات حرجة، فبجانب عمليات الإقالة المتتالية، وفتح التحقيقات، أحضرت بالفعل خبيرة عنف جنسى لتقديم المشورة للبرلمان.
طالبت دكتورة «هيلين موت» حسبما نشرت «تليجراف» بإنشاء مكان جديد مستقل للتظلم ضد النواب من مزاعم التحرش الجنسى، لأنه قد يكون من الصعب على الموظفين إظهار مخاوفهم فى بعض الأحيان. وكدليل على ما سبق، ذكرت «ذا صن» أن الناشطة العمالية «بيكس بيلى» كشفت أنها تعرضت للاغتصاب فى التاسعة عشرة من عمرها من قبل أحد كبار زملائها فى الحزب عام 2011، لكن أمرها مسئول كبير فى حزب العمل بعدم الإبلاغ عما حدث من قبل، كما أكد لها آخرون أن الإبلاغ عما حدث سيضر حياتها المهنية.