جواز عابر لـ«الحدود» النصف الحلو عربى

ابتسام عبد الفتاح
لم يعد للحب حدود جغرافية.. فقد أصبح التعارف سهلاًَ فى عصر السماوات المفتوحة والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى.. وحتى وقت قريب لم يكن مألوفًا أن نشاهد قصص زيجات ناجحة من ثقافتين مختلفتين، فمعدلات الطلاق وأزمات الزواج التى نشاهدها فى المجتمع الواحد تجعل من الصعب تخيل نجاح علاقة تجمع بين أفكار مجتمعين مختلفين، لكن الحقيقة أن بيوتًا قامت واستقامت بعد أن ضرب الرجل بالأعراف السائدة عرض الحائط وذهب ليتزوج من امرأة عربية.. مغربية كانت أو جزائرية أو سعودية أو غيرها من الجنسيات.. فالمهم هو وجود زوجة تجعل الطريق ممهدًا نحو الاستقرار الأسرى والسعادة الزوجية.
سعاد وهاب من الجزائر متزوجة من مصرى منذ 27 عاما، وأم لثلاثة أولاد تروى لنا قصة زواجها من رجل مصرى قالت: تزوجت مصريا لأننى أحب مصر منذ صغري، كنت فى زيارة إلى مصر، حيث يمتلك والدى شقة وفى إحدى الزيارات بمصر تعرف على أخى وبمجرد رؤيته لى طلب يدى من أخى فقال له يجب أن يتحدث مع والدي، فطلب يدى من والدى وخلال الثلاثة أشهر التالية لأول لقاء تم كتب الكتاب بالجزائر والإشهار للزواج، ثم سافرنا لمصر حيث تم الزفاف بمصر، بطقوس مختلفة عن الجزائر نحن نقدس يوم الحنة فهو يوم فرح آخر حيث تقام الولائم للحضور من أهل الزوج والزوجة، فالزفاف يتم فى ثلاثة أيام أول يوم يوم الحمام، حيث تذهب العروس وفتيات العائلة وأصحابها للحمام فيرتدين ملابس معينة فكل ولاية لها ملابس خاصة بها بالجزائر وكل ملبس له اكسسوارات خاصة به، وينظفن جلودهن ويحتفلن، وفى اليوم التالى تتم الحنة، حيث يعقد فرح بالكامل ببيت العروس على نفقة الزوج ويتم تحنية يد العريس فقط والعروس يتم تحنية يدها وقدمها ويجب وضع جنيه ذهب بداخل صنية الحنة كهدية من العريس للعروس، وباليوم الثالث يتم الزفاف ببيت العريس أو بقاعة زفاف، حيث يأخذ العريس عروسه عصرا بعد ارتدائها للملابس الخاصة بالعروس المرتبط بالولاية التى تنتمى إليها.
وتابعت: بالجزائر العروس لا تقوم بشراء أى شيء بشقة الزوجية مطلقا سوى ملابسها فقط، والملابس فى الجزائر تكون باهظة الثمن فهناك فساتين يفوق ثمنها الأربعين ألف دينار حيث يحتوى على خاتم ذهب، والعريس بالجزائر يدفع مهر 15000 دينار، وشبكة بمبلغ 10000 دينار إذا استطاع فليس هناك شرط الزواج دفع المهر ولا شبكة، وأوضحت بمصر يوجد مغالاة فى المهور والشبكة والمؤخر وأعتقد أن ذلك سببه الحالة الاقتصادية، ففى الجزائر بمجرد أن تعمل المرأة تستطيع أن تحصل على شقة للمعيشة خاصة بها بل وتشترى سيارة فى وقت قصير، ولكن بمصر الأمور معقدة جدا مقارنة بالجزائر، وذلك يجعل الأب المصرى يحاول التأكد من تأمين مستقبل ابنته فى بداية زواجها، ففى الجزائر لا يشترط الأهل على العريس أى شروط فلو لم يكمل تجهيز الشقة يتم الزفاف فى موعده، فالبعض تزوج بعد شرائه غرفة النوم فقط، وبمصر حينما يتساهل الأهل فى تكاليف الزواج ينظر أهل الزوج للزوجة بأن أهلها قاموا ببيعها بخلاف ما يوجد بالجزائر الذى يعتبرون أن ذلك مساعدة للعريس فى بداية زواجه.
■ المصرى «كول»!
وعن الفرق بين الرجل المصرى والجزائرى تقول: الرجل الجزائرى صفاته كالرجل الصعيدى بمصر تماما فهو غيور جدا ومتمسك بآرائه ويفرضها على زوجته، أما الرجل المصرى رجل متفهم «وكول» بالنسبة إلى أى امرأة عربية، والرجل الجزائرى لا يعبر عن مشاعره كثيرا فلا يعرف يتكلم برومانسية والستات عموما تحب الكلام لذلك فالستات بالوطن العربى يفضلن الرجل المصرى نتيجة كلامه المعسول المشهور به.
وأشارت: يعيب زواج العربى بمصرية أو مصرى بعربية أو أى زواج مختلط أنه يجب التحفظ فى احترام الآخر وتقاليده، ويجب عدم وضع الأطفال بين ثقافتين مختلفتين وعدم ترجيح كفة أحد البلدين عند تربية الطفل فيتم تخييره بين كونه مصريا مثلا أو جزائريا وقد تكون ثمرة الزواج المختلط خروج أطفال من تلك الزيجة يحبون بلدين بنفس القدر بلد أمهاتهم وبلد آبائهم، ومراعاة أنه لا يجوز سب الدولة التى ينتمى لها الآخر وأنا أكره الكرة لأنها تفرق بين العرب وفى ماتش مصر والجزائر تجتمع العائلة لمشاهدة الماتش ويكون رد فعلى أن أستأذنهم لأدخل أنام، وحينما يدخل جون من مصر فى الجزائر ويبدأ الجميع بمحاولة إثارة غيرتى على بلدى أرد عليهم أن الوطن العربى يتقدم بفوز أى من البلدين وليس مصر أو الجزائر، وولدى الصغير يشجع منتخب مصر بتعصب، وابنى الوسطانى يشجع الجزائر وابنتى ببعض الأحيان تشجع مصر وببعض الأحيان تشجع الجزائر.
وعن المطبخ تقول سعاد: بيتى دائما مائدة عربية بين المصرى والجزائرى والشامى والعراقى والسعودي، والأطباق الجزائرية أحبها أهل زوجى خصوصا الشبة الجزائرى التى تحتوى على لحمة وخضار وكسبرة خضرة والكسكسى والريشته لحمة بالزبيب، وبالعاصمة الجزائرية أغلب الأطعمة تكون بمرق أبيض، وبمصر يطلقون على ذلك المرق أكل مرضي، والأكلات المصرية تعلمت كثيرا منها من حماتي، كالمحشى والفتة والملوخية المصرية كنت أستغربها فى السابق.
■ زواج بدون قائمة!
فى السياق نفسه تقول سماح مقداد من تونس متزوجة من مصرى منذ 7 أعوام والتى أنجبت منه بنتا: تزوجنا بعد قصة حب كبيرة وكاد أن يفشل الزواج بسبب رفض أهلى الزواج من مصرى، تتحدث «سماح»: زوجى كان زميل دكتور كان يدرس لى الخط العربى بكلية فنون جميلة بتونس، وكان يعمل بخان الخليلى ويشترى بعض المنتجات من تونس مع شريكه، فتعرفت عليه من خلال دكتور بالكلية ونشأت قصة حب بيننا وتزوجنا، وفى بداية الأمر رفض أهلى حيث إنه جاء لخطبتى بمفرده، وأصبحت العلاقة بيننا بالتليفون فقط لمدة سنتين، وحينما تحدثت حماتى مع والدتى لم تصدق والدتى أنها والدته، واعتقدت أنها سيدة طلب منها زوجى الحديث معنا، فطلبت منه أن يحضر هو وأهله لتوثيق العلاقة ففعل ذلك بالفعل وتمت الخطوبة، ورغم حضور أهله كانت والدتى رافضة للزواج وإخوتى ووالدى كان بين وبين، تخوفا من عدم رؤيتهم لى بعد سفرى لمصر، ونتيجة تمسكى به ضغطت عليهم حتى وافقوا على الزواج من خلال البكاء وعدم الأكل، لذلك طلب منى والدى السفر لمصر لتقييم أهل زوجى وسيتخذ القرار بمجرد رجوعنا بالموافقة أو الرفض دون الحديث بالأمر مرة أخري، فكان انطباع والدى بعد زيارتهم أنهم ناس طيبين فوافق على الزواج رغم رفضه لبعدى عنه.
وعندما بدأنا فى إجراءات الزواج السفارة التونسية بمصر رفضت إعطائى الفيزا حينما علمت أننى سوف أتزوج من غير تونسي، لأنهم يخشون من الزواج المختلط فى غالب الأمر ينتهى بالفشل لأسباب تافهة مقارنة بالزواج من نفس البلد.
ونتيجة تأخر استلام الفيزا من السفارة التونسية تأخر موعد الزواج الذى كان محددا له، وتم الزفاف بتونس على نفقتى الشخصية مراعاة لتحمله مصاريف سفره هو وأهله لتونس لإتمام الزواج رغم أن العادات التونسية أن الزوج هو الذى يتحمل تكاليف الفرح، وعندما سافرنا لمصر لم نقم بعمل فرح فكانت جلسة عائلية لإشهار الزواج وذهبت مع زوجى لشقتي.
بتونس لا يتم كتابة قائمة منقولات زوجية كما بمصر، ولا طلب أى متطلبات مادية من الزوج كالشبكة أو شراء العفش بصورة معينة، فعند شراء الشبكة أنزل لأختار شبكة وفقا للمبلغ المتوفر مع العريس، والعروس التونسية لا تشترى، العريس هو يشترى كل شيء حسب إمكانياته فليس هناك شروط، وبتونس الزفاف يتم فى سبع ليالٍ يوم حنة ويوم عطية وهو فرح مصغر على نفقة أهل العروس بحضور الزوج ثم فرح العريس الذى تنتقل فيه العروس لبيت زوجها ويوم حمام، وتقاليد الزواج المصرية يعيبها المغالاة بالمهور وتكاليف الزواج على العريس والعروس.
وعن الفرق بين الرجل التونسى والمصرى قالت: الاثنان نفس العقلية الشرقية، ولكن التونسى يفضل أن يأكل بالمنزل بخلاف الرجل المصرى الذى ممكن أن يأكل خارج المنزل، وأنا مطبخى أكلات تونسية وزوجى يحب الأكلات التونسية ما عدا الكسكسي، ولا يختلف الطعام المصرى عن التونسى إلا فى اختلاف التوابل التى توضع على الطعام، والتوانسة يأكلون بالعيش أما المصريون فيفضلون الأكل بالأرز الأبيض، تعلمت الأكل المصرى كورق العنب والمحاشي.
والتقاليد التونسية لا تختلف عن التقاليد المصرية فى ماعدا ارتداء الحجاب فالمصريون يرتدون الحجاب بشكل أكثر منه فى تونس، والحجاب بمصر عادة اجتماعية أكثر منها تمسكًا شرعيًا بالحجاب، فمن ترتدى الحجاب تخلع الحجاب فى الكوافير أمام رجل وولاد العمات والخالات والأعمام والأخوال يظهرون أمامهم عادي، ولكن المرأة المحجبة بتونس تكون ملتزمة به فى كل جوانب حياتها.
■ قصة حب مصرية مغربية
أما غيثة غراس من المغرب فمتزوجة من مصرى منذ عامين فقط تقول غيثة: زواج بعد قصة حب، قابلت زوجى فى المغرب حينما كان مسافرا بالمغرب للعمل بمكتب الشركة الذى يعمل بها بالمغرب، وبعد 3 شهور فقط تم الزفاف منقسما بين المغرب ومصر فقمنا بعمل خطوبة وإشهار بالمغرب ثم عمل فرح مصرى بمصر، ولم تعترض أسرتى على زواجى منه، وقد كنت متوجسة خوفا من اختلاف العادات والتقاليد بين مصر والمغرب حيث إن عدد المصريين بالمغرب ليس كبيرا.
والفرح بالمغرب له لبس تقليدى وطريقة تقليدية بأن يكون الحضور يرتدون ملابس بنفس طريقة العريس والعروس، والفرح بالمغرب كان سبعة أيام يوم خطوبة ويومان حنة وثلاثة أيام فرح.
وعن أهم ما يميز الرجل المصرى عن الرجل المغربى أنه أكثر تفهما من الرجل المغربى، والرجل المصرى يتحمل مسئوليات كثيرة بتكاليف الزواج عن الرجل المغربي، وحينما قابلت زوجى شريف أحسست باختلافه عن كل الرجال المغاربة ويتميز زوجى بأنه يعرف العادات والتقاليد المغربية وبالتالى يتكيف معها.
والعروس بالمغرب، تشترى الروافع والصالون المغربى الذى يتم تصنيعه يدويا وتستمر صناعته بالشهور، أهم متطلبات الرجل بالمغرب غرفة النوم، وبالمغرب يتم اتفاق بين أهل العريس والعروس على المهر والشبكة كما بمصر تماما.
ومطبخى يحتوى على أكلات مغربية كثيرة وزوجى يحب من الأكلات المغربية الكسكسى واللحم بالقراصية، وأنا تعلمت بعض الأكلات المصرية كاللحمة الموزة والأرز بالشعرية والبسبوسة والمحاشى وخاصة الكرنب.