الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«هن» يقدم المرأة المصرية برؤية عصرية: «حواء» بألف وجه فى معرض «الطراوى»

«هن» يقدم المرأة المصرية برؤية عصرية:  «حواء» بألف وجه فى معرض «الطراوى»
«هن» يقدم المرأة المصرية برؤية عصرية: «حواء» بألف وجه فى معرض «الطراوى»


تصوير: منى عادل
 
شهدت قاعة «الباب سليم» بـ «دار الأوبرا المصرية» افتتاح معرض الفنان التشكيلى «محمد الطراوي» تحت عنوان «هن» وذلك فى السابعة مساء يوم الثلاثاء الماضي، بحضور كوكبة من نجوم الفن والإعلام والسياسة، من بينهم الكاتب والإعلامى «مفيد فوزي»، والشاعر والإعلامى «جمال بخيت»، والفنان التشكيلى «محمد عبلة»، واللواء «سمير فرج» رئيس الشئون المعنوية بالقوات المسلحة الأسبق وآخرون.
خلال مشاركته فى المعرض الذى يستمر حتى 11 نوفمبر المقبل، ويفتتح يوميا من الساعة 10 صباحا حتى 2 ظهرا ومن الخامسة مساء حتى التاسعة مساء عدا الجمعة، احتفى الفنان والناقد التشكيلى «صلاح بيصار» بلوحات «الطراوي»، حيث قال: «ينجذب الطراوى إلى نساء الواحات مشكلا عالما آخر فيه من الزمان والمكان، خاصة حواء التى تبوح وتصمت وتحنو وتملك سر الحياة وقوتها، فى إيقاع تعبيرى جديد، وقد أعاد الطراوى صياغتها وجعل منها أيقونته الأثيرة الخاصة بكثافة تجريدية لتخرج على الأطر المحفوظة، خاصة أنه بين الفنانين القلائل فى فن البورتريه أو الصورة الشخصية، وقد أراد أن يحول كل هذا التمرس الطويل وخبرة الأداء إلى مفهومٍ آخر».
وأضاف «بيصار»: «لقد واجه الفنان محمد الطراوى التحدى الناجم عن ضيق قماشة الموضوع، إذ اختزله فى شكل المرأة مع قلة عناصره البصرية، وذلك بمزيد من الكشف عن تجليات شكل الكتلة وخلفياتها التى تومض وتختفي، عن طريق الإضاءة المرتعشة كومضات من داخل السطح.. ويبقى التحدى الأكبر حول الرؤى الإبداعية المختلفة التى لا تنتهى بين الأجيال، كدليل على الخصوبة والتجدد، حتى ولو كان هذا التحدى حول موضوع واحد كالمرأة.. فمن قال إن حواء ذات الألف وجه قد تم اكتشافها فى الفن أو الأدب أو فى الواقع على مر الزمان وحتى الآن ؟!».
استعرض الفنان «محمد الطراوي» لوحاته بين جموع الحاضرين، وبدأ فى شرح مفرداتها قائلا: «حاولت استخدام بعض الرموز، وكان سر اهتمامى بالمرأة هو الدافع لرسمها، وقد حاولت أن أخدم الموضوع فى لوحاتى بأن تشعر بأن المرأة فى اللوحات وكأنها تنظر إليك والعكس».. وقد استوقفت الكثيرين إحدى اللوحات والتى استلهم منها «الطراوي» أسلوب الفنان الكبير الراحل «محمود سعيد» فى لوحته الشهيرة «بنات بحري».
فى معرضه «هن» جاء «الطراوي» ومحاكاته للوحة «بنات بحري» - كما رآها النقاد - بطريقته الخاصة واحساسه التعبيرى للرائد «محمود سعيد» أيقونة التصوير المصرى الحديث فى القرن العشرين.. وهى لوحة تجسد أسطورة الأنوثة بين الواقع والخيال.. وبين الأنوثة الطاغية.. وعرائس الجن من فرط شهرتهن تحولن إلى بطلات مرة أخرى فى لوحة «سعيد» الضخمة، وفى الحقيقة لم يكتف «الطراوي» بإعادة صياغة تعبيرية لـ «بنات بحري» ولكنه باختزال شديد أعاد روح لوحة المدينة من جديد، وترجمها بلغته المختزلة إلى سطوح وعناصر تجريدية خالصة، جعل البطل فيها لفانتازيا الأنوثة مع بقايا رموز من خلفية المدينة.. وتبقى الإضافة أيضا فى بحار الأزرق الصافى المشع بالنور والصفاء والحيوية والمسكون بروح «بحري» أو روح بحر الإسكندرية والنيل فى نفس الوقت، وقد أضاف «الطراوي» بعدا رمزيا جديدا للوحة «محمود سعيد» مثلما أضاف لعالمه بعدا آخر يتجاوز الاعتياد إلى الدهشة.. وهو ما نراه فى أعماله «هن» من «بنات بحري» إلى «نساء الواحات».
عن هذا قال الفنان التشكيلى «د.عز الدين نجيب» رئيس سلسلة «ذاكرة الفنون» التابعة للهيئة المصرية للعامة للكتاب: «على طريقة الشعراء والفنانين القديمة فى المساجلات الإبداعية، على أرضية نفس الموضوع والقافية أو نفس التكوين الفنى - لكن برؤية مبتكرة - يطرح الفنان محمد الطراوى رؤية جديدة حول لوحة بنات بحرى للفنان الرائد محمود سعيد، مقدما نموذج الفتاة البدوية بديلا عن فتاة حى بحري، فكانت بنت بحرى هى مجرد مفتاح للطراوى لولوج عالم المرأة، واختلفت بعد ذلك كل السمات الفنية بينهما».
وأضاف «د. عز الدين نجيب»: «تعد الصلابة والوضوح ورسوخ الكتلة - على خلفية من مناظر الطبيعية الوضاءة - ركائز فى لوحات محمود سعيد، وهى تحتشد بسحر الغواية الأنثوية ونداء النداهة الأسطورية، فإن أغلب لوحات الطراوى فى هذا المعرض تتميز بتفجير الكتلة وتحولها إلى شظايا لونية وضوئية، وتقدم المرأة بعيدا عن الغواية الجنسية، لتبدو فى هيئة كتلة غامضة بغير تفاصيل، تشع ببريق الألوان الناصعة، على خلفية من ترددات زرقاء متداخلة فى صورة المرأة، تتحول بنت البلد العائقة بمكنونها السحرى المعتاد لدى محمود سعيد إلى امرأة بعشرات الوجوه والأطياف البدوية أو مختبئة بداخل عباءتها الفضفاضة لدى الطراوي».
وقد قال «د.خالد سرور» - رئيس قطاع الفنون التشكيلية - أن «الطراوي» لديه عالم متفرد فى تفاصيله شديدة الأصالة والانتماء إلي موروثه البيئى والثقافى الشعبي، ولكن بمفاهيم ورؤية مغايرة تعنى بالمضمون، بل تعنى بالمغزى الروحي والوجداني، لاسيما عند تعاطيه المتميز مع المرأة وقضاياها، حيث يتناولها من جَوانبَ شديدة الخصوصية حيث مَعانى الحب والدفء والأرض والحلم .
وأضاف «سرور»: «عالم مدهش يرسمه الفنان محمد الطراوي، ودائما ما تعنى مشاهدة أعماله مناسبة للتمتع بأمسية فنية خاصة مفعمة بالطاقة والأمل والإبداع الذى تعكسه مسطحات تبرز موهبته فى توظيف الشكل واللون والضوء والرمز للخروج ببناء تشكيلى متكامل وفريد».