الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الصين تتعامل مع المعلومات الاستخباراتية بـ«الكيلو»

الصين تتعامل مع المعلومات الاستخباراتية بـ«الكيلو»
الصين تتعامل مع المعلومات الاستخباراتية بـ«الكيلو»


تمتلك الصين نظامًا استخباراتيًا قويًا، لكنه مُختلف تمامًا عن أجهزة الاستخبارات حول العالم، وتعتمد على نشر عملاء فى كل مكان بالعالم، لكن عملاء الاستخبارات الصينية ليس كلهم ضباطًا أو عملاء مدربين على التجسس والمراقبة وجلب المعلومات كما هو الحال فى معظم أجهزة الاستخبارات القوية، فالصين تعتمد على تجنيد كل مواطن يدرس أو يعمل خارج أراضيها ولا يهمها نوع المعلومات بقدر ما يهمها كم المعلومات والتفاصيل عن مختلف المجالات ويسخر خبراء أمن دوليون من منهج الصين الاستخباراتى ويشبهونه بجهاز استخبارات يجند شخصًا ليحصل على 100 وثيقة سرية بينما تجند الاستخبارات الصينية 100 شخص ليجلب كل منهم وثيقة واحدة فقط.

وكشفت دراسة حديثة أن الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من توطيد العلاقات بين الصين ونيوزيلاندا فى السنوات الأخيرة خاصة فى مجال الاستخبارات، ويأتى ذلك فى الوقت الذى بدأت الشكوك تحوم حول عدد من المسئولين والسياسيين النيوزيلانديين الذين يحملون الجنسية الصينية وعلى رأسهم عضو البرلمان «جيان يانج» الذى كشفت نيوزيلاندا الشهر الماضى أنه أخفى عن السلطات حقيقة عمله فى وحدة استخبارات جيش التحرير الشعبى الصينى فضلا عن عضويته السابقة فى الحزب الشيوعى الصينى، وأكد يانج أنه خاف من أن تحوم حوله الشكوك إذا ما أفصح عن حقيقة انتمائه للاستخبارات الصينية فى مرحلة من حياته إلا أن التحقيقات معه لا تزال مستمرة.
الصحف النيوزيلاندية لا تزال تتحدث فى هذه الواقعة التى هزت البلاد بعد اعتراف يانج بأنه كان يعلم الجواسيس الصينيين.
الدراسة تؤكد أن نيوزيلاندا كغيرها من دول العالم أصبحت مشبعة بالنفوذ الصينى وأنشطة بكين المختلفة سواء اقتصادية أو سياسية أو استخباراتية، لكن نيوزيلاندا بوصفها واحدة من مجموعة «شركاء العيون الخمس» مع الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا لها وضع خاص واختراقها بهذا الشكل يشكل خطورة على الدول الخمس، فزيادة التدخل الصينى هناك ووجود مسئولين حكوميين قد يكونوا جواسيس محتملين داخل الحكومة النيوزيلاندية يثير قلق الدول الأربع الكبرى من إفشاء أسرار ومعلومات استخباراتية وعسكرية سرية تتشاركها الدول الخمس منذ وقت طويل.
من ناحية أخرى تشير دراسة قامت بها  الباحثة «آن مارى برادى» المتخصصة فى السياسات الصينية فى جامعة كانتربرى بنيوزيلاندا، إلى أن هناك توطيدًا للعلاقة بين نيوزيلاندا وروسيا محذرة من الهدف الحقيقى من وراء ذلك وهو الوصول إلى المعلومات السرية التى تخص الدول الخمس.
تسعى الصين للارتقاء بعملياتها الاستخباراتية بالتنسيق مع الاستخبارات الغربية بهدف إقناع حكومات الغرب بدعم حكمها غير الديمقراطى وذلك وفقا للدراسة، وقد حاولت الصين على مدار عدة عقود ماضية خلق فجوة فى العلاقات الأمريكية - النيوزيلاندية وإبراز الخلافات بينهما وتعميقها وذلك منذ ثمانينيات القرن الماضي.
 ورغم ما يثيره هذا التقرير من مخاوف حول تنامى الدور الصينى فى أوروبا وفى نيوزيلاندا بشكل خاص فضلًا عن وجودها القوى اقتصاديًا على الأقل فى الولايات المتحدة الأمريكية ،فإن تقارير صحفية أمريكية وكذلك تقارير الكونجرس الأمريكى تركز على الأنشطة الاستخباراتية الروسية وخاصة خلال فترة الانتخابات، بينما نجد اهتمامًا محدودًا للغاية بنشاطات الصين الاستخباراتية والدعائية داخل الولايات المتحدة  الأمريكية.
وتعرف الصين أنشطتها السرية والمعلنة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها باسم «الجبهة الموحدة»، وفى سبتمبر 2014، تحدث الرئيس الصينى أكسى جينبنج عن أهمية هذه الجبهة فى دعم أنشطة بكين حول العالم واعتبرها «السلاح السحرى» للوصول بالصين لتكون القوة المهيمنة على العالم.
عمليات التأثير الصينى كما يسميها التقرير، وهى العمليات التى تسعى الصين من خلالها إلى التأثير على الغرب سواء بالدعاية أو التجسس، تشمل منظمات استخباراتية متعددة تابعة للحكومة الصينية أو الحزب الشيوعى الصينى (CCP).
وتنبهت أستراليا إلى تنامى حجم الأنشطة الصينية لديها فأصدرت الحكومة قانونًا جديدًا لتقليص أنشطة بكين السياسية والاقتصادية فى استرليا بما فى ذلك حظر أية مساعدات أو تبرعات سياسية أجنبية.
أما فى الولايات المتحدة فقد تورطت الصين فى عمليات واسعة للتأثير السياسى من خلال تجنيد عدد من المسئولين الحكوميين السابقين للتحدث باسم الصين وتشكيل لوبى للدفاع عنها، فضلاً عن إقناع الشركات الأمريكية التى تعمل فى الصين بدعم السياسات الصينية لدى الحكومة الأمريكية.
مكتب التحقيقات الفيدرالى ألقى القبض على عملاء صينيين فى 1990 أثناء تمويلهم حملات لإعادة انتخاب الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون، لكن منذ ذلك الحين لم يقم مكتب التحقيقات الفيدرالى بأية اعتقالات أو تحقيقات متعلقة بالصين وعملياتها السرية.
وكان رجل الأعمال الصينى «جوى ونجوي» قد كشف مؤخرًا أن الشركات الصينية يتم استخدامها من جانب وزارة أمن الدولة الصينية (MSS) ووكالة الاستخبارات الصينية لشراء ولاء سياسيين أمريكيين ومنظمات أمريكية بهدف نشر السياسات الاقتصادية والخارجية الصينية ودعمها لدى الحكومة الأمريكية. وأكد أن الصين كان لديها ما بين 10 آلاف وعشرين ألف عميل فى الولايات المتحدة فقط قبل 2012 وكانت ميزانية الاستخبارات الصينية فى ذلك الوقت حوالى 465 مليون جنيه استرلينى سنويًا بينما يصل حجم الإنفاق على عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية حاليًا مليارين أو ثلاثة مليارات استرليني.
 وأكد ونجوى أن الصين جندت عددًا أكبر من الجواسيس بعد 2012،  لكن ليس جميعهم طلبة ودبلوماسيون ومهاجرون صينيون بل إن هناك مجموعة من الجواسيس الذين جندتهم الاستخبارات الصينية من داخل الولايات المتحدة سواء سياسيين أو صحفيين أو إعلاميين.
وحذرت تقارير مؤخرًا من اتفاقية التبادل العلمى وتبادل الطلبة بين جامعتى بوسطن الأمريكية وجامعة العلاقات الدولية الصينية والمعروفة بصلتها الوثيقة بوزارة الأمن الداخلى والتى تعتبر أهم أجهزة الاستخبارات الصينية والتى تشارك فى تمويل الجامعة، بينما تحدث دبلوماسى أمريكى
إلى صحيفة نيوزويك ورفض ذكر اسمه مؤكدًا أن الدبلوماسيين الأمريكيين فى بكين يعانون من المحاولات المستمرة للتجسس عليهم وتجنيدهم مشيرًا إلى أن مسئولى السفارة الأمريكية اضطروا إلى معاقبة بعض موظفى السفارة بسبب صداقاتهم مع بعض الصينيين أو الصينيات التى تضعهم الاستخبارات الصينية فى طريق موظفى السفارة لإغوائهم ومن ثم الحصول على معلومات سرية.
ويشير التقرير إلى الجهات التى تشارك فى عمليات التأثير على الغرب هى إدارة الجبهة الموحدة وإدارة الدعاية المركزية وإدارة الاتصالات الدولية وإدارة أخرى تتابع مواطنى الصين فى الخارج وجمعية الصداقة بين شعب الصين والدول الأجنبية، ويؤكد التقرير أن كل هذه الجهات تقوم بأنشطة خارجية ودفاعية سرية لتحقيق أهداف الحكومة الصينية.
ومن ناحية أخرى يشير التقرير إلى أن الجبهة الموحدة تتعاون مع مجموعات وأفراد مؤثرين وتعمل على إدارة المعلومات والدعاية للدولة، لكنها فى الوقت نفسه تسهل عمليات التجسس، وتعتمد الصين كثيرًا على أصدقائها حول العالم والذين يساعدونها فى التأثير على حكومات بلادهم وإعلامها أيضًا بما يصب فى مصلحة الصين.
تعاونت الجبهة الموحدة مع جهاز الاستخبارات الحربية الصينى (PLA) وإدارة الدعاية من أجل المعارضين فى جنوب شرق آسيا وفى عمليات التجسس أيضًا.
عملاء الجبهة الموحدة ربما يكونوا دبلوماسيين صينيين يتعاونون مع الجبهة سرًا فى تعقب سياسيين أو رجال أعمال أو صحفيين أجانب، وتضم الجبهة الوطنية الموحدة، المؤسسات المجتمعية ومجموعات الطلبة بالإضافة إلى المنظمات التى تمولها الصين وتعمل على نشر الثقافة واللغة الصينية.
وهناك أداة تأثير مهمة جدًا تستخدمها الصين أيضًا وخاصة داخل الجامعات وهى المؤسسات التعليمية الصينية التى تعرف بـ«مؤسسات كونفوشيوس» وهى منتشرة بشكل واسع فى الجامعات الأمريكية والغربية بوجه عام.
وأصدرت الاستخبارات الأمريكية تقريرًا، الأسبوع الماضى، حذرت فيه من توسع الصين فى إنشاء قواعد عسكرية حول العالم والتى كان آخرها فى جيبوتى.