الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكايات زوجة «البيه البواب»

حكايات زوجة «البيه البواب»
حكايات زوجة «البيه البواب»


جسد الفنان الكبير الراحل أحمد ذكى شخصية البواب الذى نزح بزوجته وأولاده إلى القاهرة بحثا عن لقمة عيش بأداء فوق العادة، من خلال شخصية عبدالسميع فى فيلم «البيه البواب» والذى بدأ حياته فى القاهرة مع زوجته وأولاده بوابا بإحدى العمارات، وتمكن بذكائه من العمل سمساراً بجانب مهنة البواب حتى جمع أموالا طائلة.

«البيه البواب» اعتدى على زوجته زينب بالضرب عندما اكتشف أنها تعمل بإحدى شقق العمارة، ولكنه سخرها للعمل معه من خلال السوبر ماركت الذى افتتحه أسفل العمارة، حالة البواب عبدالسميع مع زوجته والتى جسدها الفيلم السينمائى عام 1987 تتجسد بصور جديدة، حيث تخلى الرجال عن المهنة وتركوا المهام الموكلة إليهم إلى زوجاتهم، وأصبحنا نشاهد زوجة البواب تقوم بكل أعمال العمارة من حراسة وغسيل سيارات ومسح السلالم، فى مقابل «البيه البواب» يجلس على المقاهى.
فوزية: زوجى شايل إيده
 من كل حاجة
«فوزية سيد» تعمل بأحد العقارات بالهرم، وتبلغ  43 عاماً، متزوجة منذ  25 عاما، كان زوجها يعمل مساعد عامل بناء، وتعمل هى فى خدمة المنازل حتى تستطيع مساعدة زوجها على الحياة، وأنجبت منه خمسة أولاد أكبرهم حسن متزوج لديه 24 عاماً ومحمد 23 عاماً ومنى 21 عاما، ومعى فتاتان ريهام 20 عاماً ومها  17 عاماً، تقول: أعمل بدلاً من زوجى كبوابة منذ 18 عاما بالعمارة، بعد أن  أجبرنى زوجى على العمل معه فى أعمال العمارة بسبب مرضه بالسكر، وأثناء بناء العمارة كنت أحمل الأسمنت والرمل والجبس للأدوار العليا حتى يتم توضيب الشقق، وأساعد السكان فى رفع الأثاث الخاص بهم.
وتضيف: «زوجى شال إيده من كل حاجة..  أنا اللى جهزت بنتى المتزوجة وساعدت ابنى فى الزواج بالجمعيات»، موضحة أن يومها بالعمارة يبدأ بشراء طلبات السكان، وطوال اليوم تحرس العمارة، وبعد الساعة الثانية عشرة صباحاً تغلق باب العمارة وتنام، كما أنها تقوم بكنس ومسح السلم مرة كل أسبوع.
أثناء لقائنا مع «فوزية» التى أصبحت مريضة بالسكر وخشونة فى القدم، دخلها الشهرى من العمل فى حراسة العمارة 600 جنيه فقط، دخل علينا رجل يبدو بصحة جيدة، وبعد نطره نحونا قال: «فى إيه؟»، وهو ما دفع البوابة للرد عليه وبصوت ضعيف: «مفيش صحفية بتعمل موضوع عن عمل البوابات»؛ سألنا الزوج: «لماذا تجعل زوجتك تعمل كبوابة بدلا منك»، فرد قائلا: «إيه المشكلة أنها تشتغل عندها بنات ولازم تجهزهم ومفيش شغل، وأنا أهو قاعد لحد ما حد يقولى تعال شيل شوية رملة».
 «أم رحمة»: زوجى بواب بالاسم
أما رقية عبدالرحيم الشهيرة بـ«أم رحمة» فبدأت العمل كـ«بوابة» منذ 4  أعوام بأحد العقارات بالمهندسين، تقول: تزوجت وأنا فى سن 25 عاما زواجا تقليديا حيث كان يبحث عن عروسة وأحد معارفه رشحنى للزواج منه وحدث النصيب وتزوجنا، وأنجبت 4 بنات، شاهندة 9 سنوات ورضوى 7 سنوات ورحمة  5 سنوات ونورا عاما ونصف العام».
تضيف: كنا نعيش بمحافظة سوهاج، قبل أن نأتى إلى القاهرة، لعلاج ابنتى رحمة التى ولدت وقدمها بها إعاقة وحينما حاولنا علاجها بالقاهرة وجدنا السكن غالى الثمن فاقترح علينا أحد المعارف أن نحرس عمارة ونوفر ثمن السكن ونحصل على راتب مقابل ذلك للنفق على علاج البنت، الذى يصل إلى 200 جنيه شهرياً».
وتكمل «أم رحمة» حكايتها قائلة: «منذ اللحظة الأولى وزوجى ترك لى كل أمور العمارة فأصبحت أنا البوابة، رغم أنه من المفترض أنه بواب العمارة وهو الذى يتقاضى راتبا من صاحب العمارة، ولكن فى الحقيقة هو بواب بالاسم لم يفعل شيئا بحجة أنه لا يستطيع التعامل مع سيدات العمارة، واعتمد عليَّ فى كل أعمال العمارة، وزوجى يخرج للبحث عن أى عمل باليومية فإن وجد عملاً قام به وإن لم يجد يظل جالساً بالمنزل،  ومسئولية الإنفاق على المنزل بالكامل تقع على عاتقى، ودخلى الشهرى 600 جنيه.
 أمل: مرض زوجى يمنعه
من حراسة العمارة
أمل صلاح  والتى تبلغ من العمر 32 عاماً وتعمل كبوابة منذ 8 سنوات، متزوجة من ابن عمها الذى يكبرها 16 عاما، وأنجبت منه 5 أولاد جميعهم فى المرحلة التعليمية المختلفة، تقول: عندما تزوجت كان عمرى 14 عاما فى محافظة المنيا، وبعد خمسة أعوام بالمنيا كنا نعيش على عمل اليومية إن وجد بجانب مساعدات أهل زوجى،  لذلك ذهبنا للقاهرة للبحث عن لقمة عيش لم يكن أمامنا سوى عمل حارسة العمارة».
وتضيف: زوجى لديه حساسية على صدره فلا يستطيع القيام بعمل العمارة، وأنا أقوم بكل أعمال العمارة من شراء الطلبات للسكان ومسح سلم العمارة وكنس ومسح السلم، بجانب العمل فى الشقق والعمارات الأخرى لزيادة دخل الأسرة فأكثر عمارة بها ستة أدوار أحصل منها على 30 جنيهاً  من مسح السلالم، وشهرية حارسة العمارة 500 جنيه فقط.
شريف عبدالرحمن زوج البوابة «أمل» يؤكد أن زوجته هى ذراعه اليمنى فى البيت والعمل، قائلا: «ليس لديَّ القدرة على العمل نتيجة للمرض، وكنت أتمنى أن أوفر لأولادى حياة كريمة بدلاً من  تلك الحياة التى نعيشها الآن».
البوابة «أحلام صلاح» لا تختلف حكايتها عن أمل حيث تعمل فى أحد عقارات بشارع السودان وجاءت مع زوجها من مركز ملوى بالمنيا منذ ثلاث سنوات لتعمل بوابة مثل شقيقتها، التى تسكن فى غرفة مساحتها لا تتجاوز مترين هى وزوجها و3 بنات.
 أحلام: زوجى بين القهوة
وسماع الأغاني
 تقول أحلام: جئت إلى القاهرة بعد عامين من زواجى من ابن عمى، بعد أن فقدنا أمل العمل بالمنيا، زوجى لا يفهم فى أعمال البوابة وترك لى أعمال العمارة بالكامل، أمسح العمارة وأكنسها وأشترى طلبات السكان، وأمسح سلالم عمارات أخرى وشقق فى حالة الطلب والشهرية التى نحصل عليها من العمارة 500 جنيه، وزوجى يعمل باليومية إن توفر له عمل ذهب إليه وإن لم يتوفر يجلس ما بين المنزل يسمع أغانى على تليفونه أو بالخارج مع أصدقاء على القهوة.
 فادية تحرم أطفالها من التعليم بسبب الظروف المادية
«فادية على» التى تبلغ من العمر 32 سنة، متزوجة ولديها 5 أطفال جميعهم فى مراحل التعليم المختلفة إلا التوأمان آخر العنقود لديها ست سنوات وأجلت دخولهم المدارس بسبب الظروف المادية، جاءت مع زوجها من قرية ديروط بأسيوط، إلى القاهرة بحثا عن فرصة عمل ، فعملت بوابة مع زوجها  منذ عامين بأحد العقارات بفيصل.
تحكى فادية قصتها قائلة: أنا متزوجة منذ 12 سنة، زوجى كان زميل أخى، وزوجى كان يعمل «خياط» ونتيجة إصابة عينه بالضعف وحاجته لإجراء عمليتين فى عينه، لم يكن أمامه سوى أن يبحث عن مهنة أخرى فعمل بواباً، ومع الوقت أصبح يعتمد عليَّ فى كل ما يخص عمل العمارة، والسكان أصبحوا يتعاملون على أنى أنا بوابة العمارة فيطلبون منى كل احتياجاتهم، وهو على القهوة.
وتضيف: لا يوجد دخل لنا سوى شهرية العمارة 700 جنيه من 12 دوراً جميعها ممتلئة بالسكان، ويتم إنفاق المبلغ التى نتحصل عليه خلال اليوم فى مصاريف الأكل والتعليم والعلاج، وأحاول أن أمسح السلالم لعمائر مجاورة لتحسين دخل الأسرة.
 عصمت: زوجى طول الوقت نايم
أما عصمت محمد فتقول: لا أعرف سنى ولكنى متزوجة منذ 16 عاماً من ابن عمتى وأكبر أولادى لديه 15 سنة ولديَّ خمسة أولاد ،  وعملت كبوابة منذ 13 عاما منذ أن تركنا المنيا وجئنا إلى مدينة 6 أكتوبر، وفى بداية وصولنا  للقاهرة للعمل كنت أشارك زوجى فى أعمال العمارة، ولكن بعد مرور عام واحد فقط أصبحت أقوم بها جميعاً بمفردى، وزوجى طوال الوقت يكون نائماً وينتظر انتهائى من تلك الأعمال.
وتضيف: «طلبت من زوجى كثيراً مساعدتى فى أعمال البوابة ولكن دون جدوى.. ولا يعمل اعتمادا على دخل العمارة، فحياته بين النوم والجلوس أمام باب العمارة.. أما أنا فأقوم بكل شيء ما بين حراسة العمارة والكنس والمسح وشراء طلبات السكان وغسيل سجاد، رغم ذلك شهرية عملى كبوابة 500 جنيه فقط، هو مبلغ لا يكفى ولكن لا بديل له، ولديَّ بنت مخطوبة منذ عامين، وأحاول تجهيزها».
 قومى المرأة: البوابات ضحايا
 الزواج المبكر
الدكتورة مديحة الصفتى عضوة مجلس القومى للمرأة ورئيس مجلس إدارة رابطة المرأة العربية ترى أن مشاركة المرأة زوجها فى أعباء الحياة مطلوبة فى ظل تدهور الأوضاع المعيشية، ولكن دون أن تحمل المسئولية منفردة والرجل يعيش حياته، مشيرة إلى انتشار ظاهرة المرأة المعيلة فى العديد من الطبقات الدنيا، فزوج البوابة والشغالة، والزوجة تعمل وفى نهاية اليوم يحصل على أموالها حتى يصرفها على القهوة أو المخدرات بعد كل ذلك يعتدى عليها بالضرب.
وفى المقابل يؤكد أحمد مصطفى أحد مؤسسى نقابة البوابين تحت التأسيس أن عمل زوجة البواب، يكون اختياريا من السكان فهناك أصحاب عقارات  شرط العمل للبواب أن يكون متزوجا حتى تساعده زوجته فى أعمال العمارة، وههناك بوابون يفرضون على زوجاتهم القيام بأعمال العمارة بدلاً منهم، وبالفعل الزوجة تفعل كل شيء، بالإضافة هناك بواب  يتزوج أكثر من واحدة وكل زوجة تكون مسئولة عن عمارة ويعيش هو على أموالهن.
أوضح أن نقابة البوابين تفضل عدم عمل المرأة فى أعمال البوابة، سوى زوجة البواب أو البوابة دون زوجها، لأنها مهنة تعرض المرأة للإهانة، ولكن هذا لا يمنع أن النقابة مسجل بها حوالى ألف امرأة تعمل بالمهنة دون زوجها، لذلك نعرض عليهن قبل التسجيل توفير فرصة عمل أخرى تليق بهن ولكن فى الغالب البوابة ترفض لأنها ترى أن عمل البوابة  تعطى لها راتبا ثابتا بالإضافة إلى المسكن.