الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هيكل الآخر.. ومفيد الذى نعرفه

هيكل الآخر.. ومفيد الذى نعرفه
هيكل الآخر.. ومفيد الذى نعرفه


عميد مهنة الصحافة محمد حسنين هيكل.. هو من دعا مفيد فوزى للحوار الإنسانى.. لم يبخل الأستاذ الجورنالجى على المحاور المشهور بالوقت.. فامتد الحوار بينهما ساعات طويلة.. ومفيد فوزى لم يحاول الحصول على شبه سيرة ذاتية للأستاذ عميد المهنة.. كان مفيد يبحث عن هيكل الآخر الذى لا نعرفه.. الإنسان والزوج والأب والجد.. ومع أن الحوار كان بعيدًا عن السياسة كما اشترط هيكل.. إلا أن السياسة كانت حاضرة باستمرار.

وهيكل الذى حاوره مفيد فوزى ليس هيكل الذى نعرفه أستاذ الأجيال كاملة من الصحفيين.. هيكل الآخر يختلف من وجهة نظر مفيد.. فهو أول من قرأ له كتاباً بالقاهرة «إيران فوق بركان».. ثم إنه الكاتب الصحفى اللامع الذى لم يتجاوز التاسعة والعشرين من العمر.. الذى يحقق من خلال مجلة آخر ساعة فى عالم الجريمة.. وينشرها بأسلوب السيناريو المبهر.. مع المعلومات الموثقة.. ثم إنه رئيس التحرير الشاب - 29 سنة - الذى دخل صالة التحرير فى أخبار اليوم وقت أن كان مفيد يجلس بجوار سلامة موسى يتحسس بدايات الطريق.
لا ينسى مفيد فوزى أن هيكل هو الذى توسط له فى أزمة إبعاده عن الصحافة فى بداية المشوار.. لا ينسى أن هيكل لعب دورًا فى حماية فكرى أباظة عندما طالب بالصلح مع إسرائيل.. لا ينسى أن هيكل دافع عن توفيق الحكيم عندما نشر بنك القلق فى الأهرام ضد ممارسات جهاز المخابرات.. «هيكل هو من فتح صفحات الأهرام لكبار المثقفين، توفيق الحكيم وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وحسين فوزى وعائشة عبدالرحمن ويوسف إدريس وغيرهم.. وهيكل لم يعينهم فى الأهرام.. ولكنه دعاهم للانضمام للأهرام.. يعنى ليسوا موظفين هناك.. إيماناً منه بدور المؤسسة فى رعاية الفن والأدب.. والفنان والأديب والكاتب لا يستطيع أن يعيش إلا فى جو آمن بالحرية.
مفيد فوزى أحب هيكل الأستاذ.. هو لا ينسى أنه وقف معه فى محنة المرض ولم يبخل عليه بنصائحه فى مناسبات كثيرة.. وحتى عندما تولى مفيد فوزى رئاسة تحرير صباح الخير.. كان هيكل يبدى له ملاحظاته الكثيرة.
ولعل عميد المهنة أدرك حجم ما يدور فى نفس المحاور الشهير وهو يطلب حوارا إضافيًا فى السياسة.. بعد الحوار مع هيكل الذى لا يعرفه أحد.. فقال هيكل لمفيد.. إنك أنت الذى اخترت أن يكون حوارًا إنسانيًا قبل أن يكون حوارًا سياسيًا.. وعلينا أن نفكر ونتطلع إلى حوار سياسى جديد.. أترك لك بمهاراتك التى نشهد بها جميعًا أن تضع القاعدة الحاكمة لطبيعته السياسية.
وفى تقديرى أن مفيد فوزى لم يكتف بالإبحار فى عقل وقلب هيكل.. بل هو تجاوز إلى الغوص فى نفس هيكل ليدخل فى مباراة مفتوحة ضد نفسه... هو لم يكتف بالأسئلة المألوفة.. بل يتجاوزها للأسئلة الملغومة.. حين يسأل عن علاقة جمال عبدالناصر بالمشير عبدالحكيم عامر.. أو حين يسأل عن دور المرأة فى حياة جمال عبدالناصر.. على اعتبار أن المرأة هى إحدى شواغل الإنسان الحقيقية.
مفيد فوزى فى حواره البعيد شكلاً عن السياسة لم ينس أن يسأل هيكل عن علاقته الملتبسة بعلى أمين الذى شهد على زواجه.. وعن اتهام مصطفى أمين بالتجسس.. وعن العلاقة الخاصة جدًا بين الأستاذ والأخوين على ومصطفى أمين.
لم ينس مفيد فوزى أن يسأل هيكل عن علاقته بالأستاذ أحمد بهاء الدين.. وعن رأيه فى كتابات إحسان عبدالقدوس السياسية والعاطفية الروائية.
أهم ما فى الحوار الممتد بينهما أن هيكل ومفيد ليسا من نفس المعسكر السياسى.. ورؤيتهما لثورة يوليو ودور الزعيم جمال عبدالناصر مختلفة تماماً.. ومتباينة كثيراً.. ومع هذا ظلت للحوار طبيعته الإنسانية والفكرية الراقية.
هيكل الآخر.. حوار ممتع وعميق ورحلة حقيقية فى عقل وقلب محمد حسنين هيكل.. رواها بصدق وعذوبة المحاور واللامع مفيد فوزى.