الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رياضيون.. أبطال حرب

رياضيون.. أبطال حرب
رياضيون.. أبطال حرب


بينما كانت القيادة المصرية برئاسة الزعيم الراحل أنور السادات تعد العدة فى غرفة العمليات لنصر أكتوبر العظيم، كانت كرة القدم المصرية ولاعبوها وأنديتها الوطنية تشارك فى خطة خداع العدو الإسرائيلى وتدعم قواتها المسلحة. على الجبهة يمرر المجند الصعيدى «شورى حمدون» الكرة لقائده فى السرية «608 إشارة» المقدم محمود الجوهرى - أعظم مدرب فى التاريخ المصرى - فى مباراة معتادة لإيهام العدو بحالة استرخاء - مصطنعة - للجيش المصرى..
اتحاد الكرة المصرى برئاسة محمد أحمد سكرتير الرئيس عبدالناصر الذى جاء بالتعيين قبل حرب أكتوبر بشهر تقريبًا قرر عودة الدورى الممتاز بعد إيقاف دام 4 سنوات متتالية منذ نكسة 1967، وتصدرت صفحات الرياضة فى الصحف المصرية، صور اللاعب الجديد المنضم حديثًا إلى نادى الزمالك «حسن شحاتة» بعد أن حرمته حرب 1967 من الانضمام إليه بعد أول تقسيمة، قبل أن تحرمه حرب 1973 التى نشبت بعد مباراته الأولى مع الزمالك مجددًا من الانضمام لمدرسة الفن والهندسة!
فى الوقت الذى كان أبطال مصر من جنود وضباط القوات المسلحة يعبرون قناة السويس محطمين أسطورة خط بارليف، ورافعين العلم المصرى فوق أرض الفيروز سيناء، كان لاعبو ناديى غزل المحلة والطيران يخوضون قتالاً كرويًا على أرض الملعب طمعًا فى الظفر بـ3 نقاط لتكتمل خطة الخداع الرياضية للعدو.
يومها تعجب لاعبو المحلة من هتاف جماهيرهم المدوى فى الشوط الأول والذى ملأ استاد نادى الترسانة باسم الفريق المنافس «الطيران» رغم أن التعادل السلبى سيد الموقف!
ليكتشف لاعبو المحلة بين الشوطين أن جمهورهم «المتعصب» هتف للمنافس الذى رأى فيه الوطن، تحية للضربة الجوية التى قام بها الطيران الحربى فى القواعد الإسرائيلية، بعد أن حمل الراديو البيان الأول للجيش المصرى الذى أعلن بدء المعركة والعبور.
قرر اتحاد الكرة عقبها إلغاء الدورى ووقف النشاط الكروى فى مصر للتفرغ للمعركة، وتم استئنافه فى الموسم التالى.
النادى الأهلى الملقب بنادى الوطنية لم يتأخر عن دوره فى مساندة الوطن فى المحنة.
بعد أربعة أشهر من يونيو 67 قرر مجلس إدارته برئاسة الدكتور إبراهيم الوكيل - الذى تولى المسئولية عقب استدعاء رئيس النادى الفريق مرتجى للجيش - فرض التدريب العسكرى تحت إشراف بطل ألعاب القوى بالنادى محمود سامى على جميع الأعضاء الرياضيين بالنادى، والتطوع فى أعمال المقـاومة الشعبية التى تتولاهـا الجـهات المسـئولة فى البلاد - بما فيهم فرق الآنسات - اللاتى تطوعن فى التمريض.
وأقر المجلس عقوبة الشطب على كل من يتخلف عن هذا الواجـب الوطنى. شارك فى التدريبات نجوم الفريق آنذاك (السايس - ظاظا - سعد أبو النور - محرم الراغب).
كما قامت إدارة القلعة الحمراء بتفويض أمين صندوق النادى فى صرف أى مبالغ تتطلبها أعمال المقاومة الشعبية، بالإضافة إلى جمع تبرعات من أعضاء النادى وجمهوره، وتخصيص عائد التذاكر لصالح المجهود الحربى.
فى أكتوبر عام 1973 فتحت إدارة الأهلى بقيادة الفريق مرتجى الباب للتبرع بالدم لصالح مصابى الحرب يومها تقدم 8 آلاف من أعضاء النادى للتبرع فى يوم واحد.
أبناء الدراويش الذين صدوا العدوان ببسالة لم يتخلوا يوما عن الوطن، عقب يونيو 1967 ورغم آلام التهجير قامت إدارة النادى بتجهيز ملعب كرة القدم الخاص بالفريق، ومنحته إلى هيئة «الفتوة» التى كانت تدرب المواطنين على حمل السلاح.
أخذ النادى الإسماعيلى وإدارته على عاتقهم مهمة دعم قواتهم المسلحة فى معركة الكرامة التى كان ينتظرها الجميع، بعد 3 أشهر من النكسة سافر الإسماعيلى - بطل الدوري- لجمع الأموال للمجهود الحربى فى جولة عربية بدأت بالكويت مرورا بقطر والبحرين والعراق ولبنان ثم ليبيا والجزائر وتونس والمغرب مختتمًا الجولة بالسودان والسعودية التى لعب فيها «برازيل مصر» 6 مباريات، ظافرًا بـ65 ألف جنيه استرلينى جمعها خلال الجولة ذهبت لدعم إعادة بناء الجيش.
لم تكتف الأندية المصرية بدورها فى خطة الخداع الاستراتيجى، ودعمها للجيش المصرى، بل تبارت فى إرسال نجومها فى كرة القدم والألعاب المختلفة للجبهة، يحاربون بأيديهم لا بقوتهم الناعمة فقط.
الثعلب الراحل حمادة إمام -أحد أفضل من أنجبتهم الكرة المصرية ونادى الزمالك- تخرج فى الكلية الحربية عام 1963، وقضت حرب 1967 على مستقبله اللامع كونه حصل على لقب اللاعب الأفضل فى مصر فى الموسمين اللذين سبقا النكسة، قبل أن يلغى النشاط الكروى لأربعة مواسم.
نائب رئيس اتحاد الكرة المصرى الأسبق شارك فى حرب أكتوبر ضابطًا للمخابرات ثائرًا لوطنه ولنفسه، وتقاعد عن اللعب والجيش عام 1974 بعدما وصل لرتبة عقيد، ليتجه إلى التعليق الكروى.
شاركه فى صنع المجد أحد أقطاب التعليق المصرى نجم النادى الأوليمبى ومنتخب مصر الراحل محمود بكر، والذى انضم للقوات المسلحة فى سلاح المشاة، وشارك فى حرب 73 برتبة نقيب، وتقاعد عند رتبة عقيد ليمنحه الرئيس الأسبق السادات قلادة النيل تقديرًا لدوره.
اللواء محمد عبدالعزيز قابيل نجم نادى الزمالك والمنتخب فى الخمسينيات، والذى انتقل إليه من النادى الأهلى بطلب مباشر من رئيسه ووزير الدفاع آنذاك محمد حيدر باشا عام 1948، منضمًا إلى الكلية الحربية الملكية، بعد أن أتم دراسته التوجيهية من مدرسة حلوان الثانوية.
تخرج قابيل فى الكلية الحربية عام 1950، وانضم إلي سلاح الفرسان «المدرعات».
اعتزل كرة القدم عام 1954، وشهد العدوان الثلاثى و67، وشارك فى حرب أكتوبر المجيدة قائدًا للفرقة الرابعة المدرعة، وكان أحد أبطالها. حصل على أعلى وسام عسكرى - نجمة الشرف العسكرية - وأشاد به السادات فى كتابه «البحث عن الذات» قائلًا عن بطولته فى الثغرة:
«لن أنسى هنا موقف الضابط قابيل لأنه وقف يناور بفرقة مدرعة واحدة فى مسافة بين السويس والإسماعيلية تحتاج لثلاث فرق من الشمال إلى الجنوب حتى يُثَبِّت الإسرائيليين فى الجيب».
رُقِّى قابيل لرتبة اللواء وعين قائدًا للمنطقة الغربية العسكرية، ثم ملحقًا حربيًا في واشنطن خلفًا للواء أبو غزالة - الذى أصبح وزيرا للدفاع فيما بعد.
شغل منصب عميد الملحقين العسكريين فى العالم فى عامى 1982 و1983، و نال من الرئيس الأمريكى ريجان وسام الجدارة الأمريكى تقديرًا له، وعين نائبًا لرئيس اتحاد الكرة عام 2000.
سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة الأسبق ونجم النادى الأهلى فى الستينيات استدعى للجيش عام 1967 ليشارك فى حرب الاستنزاف، وأكمل مدته كبقية أبناء جيله فى تلك المرحلة حتى نهاية حرب أكتوبر، ليعتزل الكرة ويتجه للمجال الإدارى.
أحمد ماهر مدافع الأهلى الجديد - حينها - الذى انضم لصفوفه فى موسم 64 - 65 قادماً من نادى الطيران، وكان عمره وقتها 25 عاماً لم يهنأ «بالأحمر» وشهرته. ألغى الدورى بعد عامين فقط، وتم استدعاؤه للجيش عام 1967، وخاض حرب أكتوبر ليحقق مجدًا أكبر من المجد الكروى.
أما شيخ مدربى حراس المرمى فى مصر الكابتن فكرى صالح فقد شارك فى صنع انتصار أكتوبر ضابطًا فى سلاح الصاعقة برتبة رائد، وكان حينها حارسًا لمرمى نادى الزمالك.
تحمل لوحة الشرف فى كتاب التاريخ أسماء نجوم آخرين فى كرة القدم شاركوا فى صنع انتصار أكتوبر، مثل: ميمى درويش أحد صناع مجد الإسماعيلى فى الستينيات، ونجومًا من النادى المصرى فى الستينيات والسبعينيات على رأسهم عبده أبو حسين - أحد أبناء جيل التهجير - (جنديًا) وعبدالعزيز بدران (ضابطًا) واللذان استشهدا ويحرص النادى المصرى على الاحتفال بذكرى استشهادهما فى التاسع من مارس كل عام.
لم تقتصر مشاركة الرياضيين فى حرب أكتوبر المجيدة على نجوم كرة القدم، بل سطر نجوم الألعاب الأخرى أسماءهم بحروف من نور بين صناع أكتوبر المجيد.
المشاركة الأبرز فى حرب 73 كانت لنجم كرة السلة فى نادى الزمالك عادل شرف الحاصل على لقب أحسن لاعب عربيًا وأفريقيًا، حيث استدعى إلى الجيش عام 1972 وشارك فى الحرب فى العام التالى.
يليه نجم الزمالك فى كرة السلة صبرى سراج، والذى تولى منصب نائب رئيس النادى الأسبق فى مجلس ممدوح عباس.
سراج - أحد أبناء دفعة الشهيد عبدالمنعم رياض- كان يخوض تدريبًا على الجبهة بين قوات الجيش الثالث الميدانى فى سلاح الدفاع الجوى، وكانت رتبته ملازم أول، وسقط مصابًا فاقدًا ذراعه إثر مدافع وطلقات العدو، لكنه ظل على قيد الحياة، ولم يلحق بزميليه فى «باسكت» الزمالك مبارك وسمير اللذين استشهدا أثناء العبور.
اللواء أركان حرب محمد فريد حجاج أحد رواد لعبة كرة اليد وكابتن نادى التوفيقية والمنتخب العسكرى ووكيل اتحاد كرة اليد لثمانى سنوات حتى عام 2000 تخرج عام 1958 فى الكلية الحربية، وانضم إلى سلاح المدفعية، شارك فى حرب اليمن، وكان من طليعة العابرين فى السادس من أكتوبر إلى الضفة الشرقية، حيث كان يشغل رتبة مقدم أركان حرب الفرقة 19 ورئيس عمليات مجموعة المدفعية.
على مر العصور لم تغب الرياضة المصرية وساحرتها المستديرة يومًا عن المشهد الوطنى.
كانت ومازالت قوة ناعمة تضع نفسها فى أهبة الاستعداد لخدمة مصر.