الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عجلة «Pink».. محاربة التحرش بالحرية!

عجلة «Pink».. محاربة التحرش بالحرية!
عجلة «Pink».. محاربة التحرش بالحرية!


«ع البسكلتة.. نلف يابا فى أى حتة.. ياللا ياعجلة نسابقوا التاكسى.. م الأنفوشى لحد الماكس.. واطلعى من بحرى وبالعكس.. وارجعى بينا على المنشية.. لابكار يهفك ولاكارتة.. يا بسكلتة.. نلفوا بيكى فى كل حتة».. كلمات شدت بها فيروز الصغيرة فى فيلم «الحرمان» الذى أخرجه عاطف سالم عام 1952، تظل حلم كل فتاة فى مواجهة كلمة «عيب»، «مايصحش» التى أصبحت ثقافة فى المجتمع، تحرم الفتيات من ممارسة حقوقهن فى ركوب الدراجات.


ومؤخرا، انتشر العديد من الحملات والفعاليات التى تدعو لممارسة رياضة ركوب الدراجات، بل اعتبار الدراجات وسيلة للتنقل، خاصة بعد غلاء أسعار الوقود، ومن بين هذه الحملات والفعاليات «عجلة بينك بنات فى بنات» التى تهدف إلى تعليم الفتيات ركوب الدراجات، فى محاولة لتغيير نظرة المجتمع الرافض لفكرة قيادة الفتيات العجل، تحت دعوات «عيب وغلط وبه خطورة على البنت».
«أسماء راشد» صاحبة فكرة «عجلة بينك» درست فى كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، وعملت مهندسة صوت، تؤكد حبها لركوب الدراجات، فالعجلة وسيلة النقل المفضلة لها داخل قريتها بالمنوفية، حيث كانت تذهب للمدرسة بالعجلة.
صاحبة فكرة «عجلة بينك» تستغرب من التناقض بين الريف والمدينة، ففى الوقت الذى لم تتعرض فيه لأى مضايقات أثناء قيادتها الدراجة فى قريتها، وجدت الاستهزاء والتحرش بالفتيات اللاتى يحاولن تجربة ذلك فى القاهرة، ومنه قررت تعليم الفتيات ركوب الدراجات ومواجهة «ثقافة العيب والقيود التى يفرضها المجتمع على الفتيات، وقامت بشراء دراجة، ودعت الفتيات عبر «فيس بوك» لتعلم ركوب الدراجات، ولقى الأمر قبولاً من عدد كبير من الفتيات وتحول الأمر من مجرد تجمع مرة واحدة شهريا لتعليم قيادة الدراجات، إلى رالى شهرى عن طريق تأجير دراجات، ومنه إلى كورسات لتعليم الفتيات قيادة الدراجات.
حب الفتيات للتجربة والمغامرة، لم يتوقف عند سن معينة، فعلى الرغم من أن غالبية المنضمات لـ«عجلة بينك» تتراوح أعمارهن بين 20 و35 عاما، فإن هناك أمهات وبعض النساء تقترب أعمارهن من الستين، حرصن على تعلم قيادة الدراجة فى محاولة من البعض لكسر حاجز الخوف، وأخريات يقدنها كنوع من الرياضة، وأخريات من أجل التخسيس.
«عجلة بينك» فكرة انطلقت منذ أغسطس الماضى، وتشهد إقبالاً متزايدًا من الفتيات؛ لتولى فتاة التدريب، وهو ما دفع الكثيرات للاشتراك والتجربة، بعد أن كن يرفضن تعلم قيادة الدراجات على أيدى رجال، وبعضهن قررن شراء عجلة واستخدامها، فى التنقل بدلا من زحام المواصلات، وهو ما أكدته أسماء راشد، التى ترى أن الأزمة التى تواجه بعض الفتيات هى إحساسهن بالخجل من ركوب الدراجات فى المناطق التى يسكن بها، لذا فهى تحرص على تعليم الفتيات قيادة الدراجة فى وسط القاهرة، الدقى، والزمالك؛  للقضاء على الخجل داخل الفتيات.
وعلى الرغم من أن قيادة الفتيات الدراجات، يبعدهن عن الاحتكاك والتحرش فى المواصلات العامة، وهو ما يساعد فى القضاء على ظاهرة التحرش، فإن أسماء رصدت تعرض بعض الفتيات للمعاكسات وإطلاق تعليقات من بعض الشباب ومن بينها «هاتى لفة»، و«العجلة حلوة» متمنية أن تتحول ثقافة المجتمع حتى تستطيع الفتاة أن تفعل ما تريد دون تعرض أحد لها.
فتيات كثيرات يمتنعن عن ركوب الدراجات بسبب الملابس، خاصة أولئك اللاتى لا يرتدين البنطلون، إلا أنه مؤخرا تم تصنيع دراجات خصيصا للفتيات، تسمح لهن بركوب وقيادة الدراجة بـ«الجيب» أو الفستان، حيث تشير صاحبة فكرة «عجلة بينك» إلى أن هذا النوع من الدراجات تستخدمه فى تدريب الفتيات، موضحة أن مخاطر ركوب العجل هى نفسها سواء كان للشاب أو الفتاة، وهى أقل بكثير من إصابات حوادث السيارات.
مروة مصطفى تبلغ من العمر 28 عاما ترى أن تعلم قيادة الدراجة هو محطتها الأولى لتعلم قيادة السيارات، وذلك لتحصل على الجراءة المطلوبة فى القيادة، إلا أنها على الرغم من تعلمها قيادة الدراجة، فإنها تخشى قيادتها فى منطقتها السكنية- المنيرة-، والتى ترى أن سكانها  لا يتقبلون فكرة قيادة الفتاة للدراجة فى الشارع، لذا حرصت على إخفاء الأمر عن أسرتها.
هند صالح صاحبة الثلاثين عاماً وتعمل مدرسة تمكنت من قيادة الدراجة بمفردها فى ثانى أيام التدريب، وتعتزم استخدامها فى جميع تنقلاتها لكسر حاجز الخوف من التنقل بها بعيدًا عن مكان السكن، حيث تعتبر ركوب الدراجات رياضة مفيدة، فضلا على أنها إحدى وسائل «الرجيم»، حيث نقص وزنها بشكل ملحوظ خلال الفترة التى بدأت تستخدم فيها الدراجة، مؤكدة أن قيادة الدراجات ليست بها أى خطورة، فحاليا هناك دراجات مخصصة للفتيات بها كراسى مبطنة، وأخرى صالحة لقيادة الفتاة التى ترتدى الجيب والفستان.
وتطالب هند ومعها العديد من فريق «عجلة بينك» بتوفير أماكن لسير الدراجات فى الطرق الرئيسية، خاصة بعد إقبال العديد من الشباب والفتيات على التنقل بالدراجات بعد ارتفاع أسعار البنزين، حيث توفر الدراجة للشباب وسيلة تنقل سهلة ورخيصة، فسعرها  يتراوح بين ألف جنيه و2500 جنيه، وصيانتها غير مكلفة، والخبرة فى إصلاح مشاكلها أثناء السير  لا تأخذ وقتًا طويلاً ممن يقودها.
ووجدت شاهى محمد فى تعلم قيادة الدراجة مع «عجلة بينك» أفضل وسيلة فى التصدى لنظرة المجتمع السلبية تجاه الفتاة التى تركب دراجة، بعد أن وجدت العديد من الدراجات الحديثة المصممة خصيصا للفتيات، بعد أن امتنعت عن ركوب الدراجات والتى كانت تعشقها فى الطفولة؛ بسبب رفض المجتمع لقيادة الفتاة الدراجة بحجة وجود حديدة فى منتصف العجلة وهى خطر على الفتاة.
قيادة الدراجة للفتيات لا تعترف بسن  محددة، وهو ما أثبتته تجربة سمية حامد التى تبلغ من السن 50  عامًا وتعد أكبر المنضمات لـ«عجلة بينك» التى كانت تتمنى قيادة الدراجات، إلا أنها لم تجد الفرصة للتعلم من قبل، وعندما وجدت الفرصة، لم تهتم بالسن، والفارق العمرى بينها وبين الفتاة التى تقوم بتدريبها، والآن تنهى معظم مشاويرها بالدراجة، حيث تسكن فى وسط القاهرة، وتحرص على زيارة والدتها التى تسكن فى العجوزة بالدراجة.
كبر سن سمية لم يمنعها من سماع عدد من التعليقات المسيئة، حيث ترى أن مثل هذه التعليقات لن تختفى من المجتمع حتى لو كانت سيدة معاقة وتجلس على كرسى متحرك، مؤكدة أنها لن تسمح لمثل هذه التعليقات بمنعها من ركوب الدراجة.
وترى أسماء الحفناوى مدربة لياقة بدنية أن ركوب الفتاة للدراجات نوع من الرياضة ولا يؤثر على أنوثة الفتاة، بل إنه يزيد الفتاة أنوثة وجمالاً ورشاقة، مطالبة الفتيات بتجنب القيام بالأعمال  التى يفعلها الشباب أثناء ركوب الدراجة، فيجب على الفتاة الاحتفاظ برقتها سواء الخجل أو الحياء أو الاحتشام وبهدوئها أثناء قيادتها للدراجة، دون حركات بهلوانية، مع ضرورة الابتعاد عن ركوب الدراجة بملابس تتسبب فى إثارة غريزة الرجال والشباب مما يعرض الفتاة للتحرش.
وطالبت الحفناوى الفتيات اللاتى يقدن دراجات بأن تكون معهن إحدى وسائل الدفاع عن النفس، وفتح خاصية «جى بى إس» لتمكن الأهل من معرفة مكان تواجدك، وتجنب دخول الأماكن المزدحمة، ودعت الأمهات والآباء لعدم الانصياع للمعتقدات الخرافية فى الخوف الزائد على بكارة فتياتكم.