الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إنقاذ «باريس الشرق»

إنقاذ «باريس الشرق»
إنقاذ «باريس الشرق»


قضت الدكتورة سهير حواس أكثر من ثلاثين عاما تعمل على هذا المشروع البحثى العظيم الذى ورثته عن والدها أستاذ العمارة الكبير الراحل الدكتور زكى حواس الذى وضع اللبنات الأولى لهذا المشروع الذى يهدف لتوثيق الحفاظ على تراث مصر المعمارى الذى أقامه الخديوى إسماعيل نهاية القرن الثامن عشر.
جمعت سهير حواس فى موسوعة «القاهرة الخديوية» كل الوثائق التى تخص البنايات ذات الطراز المعمارى المتميز وسط القاهرة سواء تصميمات هندسية أو سندات ملكية أو مواد بناء أو الزخارف التى زينت واجهات البنايات.
ما قدمته أستاذ العمارة يعد مصدرا للفخر وهو تعبير دقيق عن الإرادة المصرية، فهى من صك مصطلح «القاهرة الخديوية».
محافظة القاهرة بعيدها القومى هذا العام أقامت ندوة حول القاهرة الخديوية ووجهت الدعوة لسفراء الدول الأجانب لزيارة متحف قصر عابدين.
وأشار المهندس عاطف عبدالحميد محافظ القاهرة للمردود الأجنبى لذلك على صورة مصر خارجيا.
وأوضح أن تطوير القاهرة الخديوية بدأ بإنشاء اللجنة القومية لحماية وتطوير القاهرة التراثية بتاريخ 27 ديسمبر عام 2016 وعدد المبانى المطلوب تطويرها 500 عقار وتم تطوير 200 عقار حتى الآن بتكلفة 120 مليون جنيه ومازلنا حتى الآن نحتاج إلى تمويلات لتطوير باقى العقارات ولتجديد مرافق هذه العقارات.
وأضاف المحافظ: طالبنا سكان هذه العقارات بتطبيق قانون 119 الذى يلزم بإنشاء اتحاد الشاغلين من سكان كل عقار ونضغط على رؤساء الأحياء لتنشيط القانون حتى يلزم اتحاد الملاك بتجديد المرافق والمشكلة أن معظم سكان شقق هذه العقارات من أصحاب المعاشات ومن أصحاب الدخول البسيطة وعليه فنحن سنطالب السكان القادرين تحمل تكلفة صيانة مرافق هذه العقارات حتى تكون الصيانة خارجية وداخلية للحفاظ عليها.
كان لواجهات البنايات المميزة فى قلب القاهرة الخديوية والذى تبدو فيه القاهرة كأرقى المدن العالمية أثرا مهما وأظهر العديد من المصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى صورا لجمالها وتنوعها وأشكالها المتميزة مما أسهم وبحق للترويج لفكرة استعادة تلك المبانى التاريخية مما أصابها من التشوهات التى كانت تغطى واجهات العمارات والبدء فى صيانة وتطوير هذه التحف المعمارية وإعادة تخطيطها بعد ما أصابها من تدهور والعمل على زيادة المساحات الخضراء ووضع اشتراطات واضحة وملزمة للأنشطة المختلفة لاستعادة الصورة البصرية الراقية للمنطقة بالكامل من جديد وصولا لأن تصبح القاهرة الخديوية عاصمة تراثية خضراء بمعايير سياحية واستثمارية عالمية يعيد القيمة التاريخية للمنطقة.
من جانبه أشار سعيد البحر مدير مشروع تطوير القاهرة الخديوية إلى أن تطوير القاهرة الخديوية مقسم إلى أربع مراحل ونحن انتهينا حتى الآن من مرحلتين شملتا شارع الألفى وميدان عرابى و11 عقار حولهم وميدان طلعت حرب والتحرير والعتبة وممر بهلدم وشارع الشواربى.
وأوضح أن القاهرة بها 3 آلاف عقار ذات طابع معمارى متميز منها 500 عقار ذات تراث خديوى.
إنشاء القاهرة الخديوية يعد رمزاً للإرادة المصرية فى إحداث تطوير فى الدولة فى ذلك الحين، حيث تم إنشاء مدينة غرب بركة الأزبكية تمثلت فيها كل مظاهر الحضارة والتطور المعمارى وشملت إنشاء كوبرى قصر النيل كأول كوبرى بالقاهرة وضمت دارا للأوبرا وهيئة للبريد والمطافئ وطرقا حديثة وشبكة للمياه وبدأ فى هذا العصر نهضة وحضارة لكل مناحى الحياة الحديثة فى مصر وليس فى الطرز المعمارية.
بدأت فكرة إنشاء القاهرة الخديوية أثناء زيارة الخديوى إسماعيل لباريس عام 1867 لحضور المعرض العالمى طلب الخديوى إسماعيل شخصيًا من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسى «هاوسمان» الذى قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية وفى مقابلة التكليف بين الخديوى إسماعيل وهاوسمان طلب إسماعيل من هاوسمان أن يحضر معه إلى القاهرة فنان مطلوب لتحقيق خططه.
وبالفعل تحولت القاهرة الخديوية إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك «باريس الشرق» وتمثل القاهرة الخديوية بداية العمران المصرى فى صورته الحديثة خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر وهى تعد من المشروعات العالمية البارزة التى تمت فى ذلك القرن لما بنى عليه تخطيطها من دراسات للتخطيط، والتعمير الشامل وتحطيم عوائق التنفيذ لإخراجها سريعًا إلى حيز الوجود وبالشكل الذى يجعلها تضاهى أجمل مدن العالم.
فى عام 1872 افتتح إسماعيل شارع محمد على بالقلعة بطول 2.5 كيلومتر فيما بين باب الحديد والقلعة على خط مستقيم.. وفى العام نفسه افتتح كوبرى قصر النيل على نهر النيل بطول 406 أمتار وكان يعد آنذاك من أجمل قناطر العالم حيث زُيّن بتماثيل برونزية لأربعة من السباع (الأسود) نحتت خصيصًا فى إيطاليا.. كما افتتح أيضًا كوبرى أبوالعلا على النيل على بعد كيلو متر تقريبًا من الجسر الأول والذى صممه المهندس الفرنسى الشهير «جوستاف إيفل» صاحب تصميم البرج الشهير بباريس وتمثال الحرية بنيويورك.. وقد تم رفع هذا الجسر منذ عدة سنوات لعدم قدرته على تحمل الضغط المرورى الكثيف بين أحياء القاهرة والجيزة. وتابع ذلك شق شارع كلوت بك، وافتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875 ثم أنشأ السكة الحديد وخطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا وتم ردم البرك والمستنقعات للتغيير من حدود المدينة وتحويل مجرى النيل حيث كان يمر ببولاق الدكرور وبمحاذاة شارع الدقى حاليًا وتزامن ذلك مع تنفيذ شبكة المياه والصرف الصحي، والإنارة ورصف شوارع القاهرة بالبلاط، وعمل أرصفة وأفاريز للمشاة وتخطيط الحدائق التى جلبت أشجارها من الصين، والهند، والسودان، وأمريكا.
تم تطوير 500 عمارة على التراث الخديوى بالقاهرة الذى يتميز بطراز معمارى مميز فى جزء لايزيد على 2 مليون متر مربع صممها أشهر المعماريين فى العالم، وعندما بدأت محافظة القاهرة تطوير المنطقة مؤخرا كانت بعض العمارات ليست تراثية وتقع بين عمارتين أثريتين فلم تترك وتم تطويرها لأن الهدف أن يصبح المشهد حضاريا بكل مكوناته والتطوير شمل ترميم الرصيف والممرات والتشجير وكورنيش النيل بحيث يشتمل التطوير على الدهانات فقط.
وكان اللون الأصفر فى المرحلة الأولى ثم تم إدخال ألوان أخرى مثل اللون الذهبى لتطوير التماثيل والكرانيش والألوان الأخرى أدخلت بعد الرجوع للرسوم والصور الأصلية القديمة للوصول لصورة إبداعية.