الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ابن الزواج العرفى لم يعد لقيطًا

ابن الزواج العرفى  لم يعد لقيطًا
ابن الزواج العرفى لم يعد لقيطًا


أقوى الحالات تلك التى تُبنى على حكم قضائى، خاصة إذا كانت أمرًا محيرًا تعب فيه المتخصصون، ويكون الحكم سندًا قويًا للمحتجين به، ومن هذا المنطلق أثار الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة برئاسة المستشار سامى عبدالحميد، بأحقية سيدة فى قيد طفلها بسجلات مصلحة الأحوال المدنية بصفة مؤقتة باسم زوجها استنادًا إلى عقد زواج عرفى حالة من الاستغراب.
الحكم ربما يحل مشاكل كثيرين من المتزوجين عرفيًا، إلا أنه قد يسبب الكثير من المشاكل فى حالة ادعاء أى امرأة نسب طفلها لأى رجل فى المجتمع.

محكمة القضاء الإدارى استندت فى حكمها إلى أن عقد الزواج العرفى يعد فى ذاته سندًا لإصدار وثيقة ميلاد للطفل مثبتا فيها اسمه منسوب لزوجها فى ذات العقد وأخذ فى الاعتبار أن وثيقة شهادة الميلاد ليست حجة فى إثبات النسب وإنما تعد قرينة بسيطة وتلك القرينة تزول بصدور حكم من محكمة الأسرة المختصة بإثبات نسب الطفل، وذلك حماية لوضع ظاهر يميز المولود ولو كان بسند غير رسمى وأعطى للمولود وضعًا واسمًا غير «اللقيط».
وقالت المحكمة إن التصاق الطفل بأمه، تعبير صادق عن العلاقة الربانية بين كائنين متصلين حسيًا، أحدهما على قيد الحياة والآخر فى الأحشاء، وبهذه المسافة فإن حرمان الأم من إثبات عقدها العرفى يُعَد نوعًا من الإيذاء النفسى والبدنى لها، وأن حرمان الطفل من حقوقه، فيعد تعديًا على آدميته، وحرمان الطفل من اسم والده يحقر من شأنه.
وتقول دراسة اجتماعية نُشرت مؤخرًا إن هناك 552 ألف حالة زواج عرفى بين طلبة الجامعات والبالغ عددهم 5 ملايين طالب، وأن هذا الزواج أثمر عن إنجاب 41 ألف طفل مجهولى النسب ناتج عن تلك الزيجات غير الموثقة.
 د.عزة كريم أستاذ علم الاجتماع قالت فى دراسة لها إن هناك مؤشرات وظروفًا تجعلنا كمتخصصين نتنبأ بزيادة أو نقصان تلك الظاهرة الاجتماعية، منها القانون الجديد لرفع سن زواج الفتيات، والذى جعل بعض الأهالى فى الريف يلجأون إلى تزويج بناتهن عرفيًا، حتى يبلغن السن القانونية للزواج، ثم يزوجوهن رسميا بعد ذلك.
وأضافت كريم: إن الضغوط الاجتماعية تدفع فئة ليست من الشباب إلى الزواج العرفى وهم رجال الأعمال والأرامل والمطلقات، حيث يلجأ رجل الأعمال للزواج من سكرتيرته للهرب من ملل الحياة الزوجية ومن المشاكل المستمرة بينه وبين زوجته، إما المطلقة فتلجأ إليه لسببين أما حرصًا على حقها فى حضانة أطفالها، أو للخوف من فشل زيجتهما، وللأسف فى الآونة الأخيرة بدأت الفتاة توافق على الزواج العرفى إذا كان العريس ميسورًا ماديًا، لكن الحقيقة الواضحة للجميع أن الغرض الحقيقى من الزواج العرفى أو «السري» إقامة علاقة جنسية فقط.
«سارة.م» طالبة فى معهد فنى تجارى، لجأت إلى محكمة الأسرة، لإقامة الدعوى رقم 21 لسنة 2017 «إثبات نسب» لابنها «آدم» بعد زواجها العرفى من «رفعت.ج» (34 عاما) رئيسها فى العمل ومدير مشتريات بإحدى شركات القطاع الخاص التى كانت تعمل بها.
وقدمت «سارة.م» لمحكمة الأسرة صورة من عقد زواجها العرفى من «رفعت.ج» وصورة من رسائل نصية بينهما عبر برنامج «واتساب»، وقالت للمحكمة إن الزوج لا يعترف بابنه الرضيع، وحضرت برفقة الزوجة والدتها وقالت لمحكمة الأسرة: «إن رفعت رئيس ابنتى فى العمل استغل ظروفها وحاجتها للعمل خاصة أنها تنفق على المنزل بعد طلاق والدها لى، وسفره للخارج وأقنعها بالزواج العرفى وأنه سيتزوجها رسميا، لكن بعد فترة خوفًا من زوجته الأولى وبعد أن حملت فى طفلها طردها خارج العمل خاصة أنها كانت تعمل معه فى نفس الشركة وتحت إدارته وحاول أن يتجاهل علاقة زواجهما وينكرها».
وقالت صديقة الزوجة: «أعمل معها فى نفس الشركة وكنت أرى تعامل (رفعت.م) مع سارة حيث يتقرب لها ويتودد إليها إلى أن تزوجها عرفيًا وبعد فترة من زواجهما طردها من العمل وغيَّر أرقام هاتفه المحمول حتى لا تستطع الوصول له».
وقد سبق قضية سارة العديد من القضايا التى تنظرها المحاكم سواء كان أبطالها مشاهير أو غير مشاهير فعادة قضايا «إثبات النسب» يصاحبها جدال كبير بين الاستنكار والتعاطف إلى أن يحسمها القضاء، إما بتأكيد نسب الطفل للمدعى عليه أو إبقائه بدون هوية.
من جانبها أرجعت داليا منسى مدير مشروعات جمعية حواء المستقبل زيادة نسب الزواج العرفى إلى تعديلات قانون الطفل وأشارت إلى أن رفع سن الزواج تبعه زيادة حالات الزواج العرفى خاصة فى القرى حيث يزوج الأهل الفتيات القاصرات ويكتبن إيصال أمانة على الزوج على أن يوثق الزواج عند بلوغ الفتاة سن الزواج القانونية وما ينتج عن ذلك من إنجاب أطفال لا تستطيع الأم تسجيلهم فى السجلات الرسمية لأنها ليست لديها قسيمة زواج وعند إتمام الزوجة الـ18 عامًا يلجأون إلى توثيق الزواج وفى حالة الطلاق هناك مشكلة أخرى، وفى النهاية يكون الأبناء من ساقطى القيد أو يلجأ الجد إلى تسجيل أبناء ابنته باسمه فيحدث اختلاط فى الأنساب والمحاكم بها حالات كثيرة لقضايا إثبات النسب الناتجة عن الزواج العرفى.
وترى منسى أن الحل فى أن يكون هناك ردع لتلك الحالات فعند اكتشافها يجب إبلاغ الجهات المسئولة وهناك حالات تم الإبلاغ عنها وتم إيقاف المأذونين وحبسهم وكذلك الوالدين بالإضافة إلى أهمية التوعية داخل الأسر بمخاطر الزواج العرفى والزواج المبكر من مخاطر صحية تصل إلى وفاة الفتيات وولادة أطفال غير أصحاء نتيجة صغر سن الأم إلى جانب التوعية الدينية.
أحمد مصيلحى رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل قال إن القانون أعطى الحق للطفل بأن تكون له شهادة ميلاد للأب والأم وذلك طبقًا لمصلحة الأحوال المدنية فى حين أنه لا يكتب الطفل باسم الزوج إلا إذا أثبتت الأم ذلك وبالتالى فلابد من إثبات عقد الزواج العرفى فى المحكمة حتى تستطيع أن تسجل الأم أبناءها باسم زوجها.
 وأضاف مصيلحى أنه حال اعتداء الأب على ابنته ونتج طفل يجب أن ينسب لأب وأم افتراضيين وتكون شهادة الميلاد لها شكل مختلف وعلى وزارة التربية والتعليم اعتمادها.
فيما قال محمد عماد الخبير القانونى إن المشرع المصرى لم يشترط لإثبات النسب فى الزوجية الصحيحة وجود وثيقة زواج رسمية، كما لا يشترط فى إثبات عقد الزواج العرفى تقديم هذا العقد بل يكفى أن يثبت بالبينة (شهادة الشهود) حدوثه بشرط توافر الشروط والأركان الشرعية فيه.
 وأضاف أنه بلغت أعداد دعاوى إثبات وإنكار النسب المنظورة أمام المحاكم المصرية فى الآونة الأخيرة ما يقرب من 17 ألف قضية وهو عدد خطير ترجع أسبابه إلى تزايد عدد حالات الزواج العرفى وتنكر الأزواج لما يسفر عنه هذا الزواج من أطفال يحاولون التنصل من إثبات أنسابهم إليهم.
الداعية فكرى حسن قال إن الزواج العرفى ليس من الإسلام وإن الزواج الصحيح يقوم على الشروط والأسس التى تعتمد على الإعلان والإشهار ووجود شاهدين وولى وغير ذلك من أركان الزواج، أما ما يسمى بالزواج العرفى الذى لا يعتمد على الإشهار والإعلان فهذا يضيع حقوق المرأة وطفلها الناتج عن هذا الزواج.
أشرف فتحى كشك المحامى المتخصص فى الأحوال الشخصية قال إن النسب له شروط لا بد أن تتوفر فلا بد أن تثبت علاقة الزوجية بعقد شرعى أو عرفى متوافر أركان العقد الشرعى فالحديث النبوى يقول «الولد للفراش وللعاهر الحجر» وهذا يعنى أنه لابد أن يكون الزواج صحيحًا لإثبات النسب.
وأضاف أن حكم محكمة القضاء الإدارى يعنى أن أى امرأة يحق لها أن تثبت طفلها لأى رجل تريده بمجرد أن يكون معها ورقة زواج عرفى تكتب فيه اسم الرجل الذى تريد إثبات نسب طفلها إليه.
وأكد كشك أن إثبات النسب حاليًا يتم طبقًا للقانون، وذلك بعد إقامة الزوجة دعوى إثبات نسبها من الزواج العرفى أمام المحكمة التى تستمع لأقوال الزوجة والزوج وفى حال إنكار الزوج للزواج العرفى وهذا ما يحدث دائمًا يحيل القاضى القضية للتحقيق للاستماع لأقوال شهود الزوجة وجميع المحاكم لا تأخذ بالشهادة السمعية بمعنى أن يقول أحد إنه سمع أن هذه المرأة تزوجت أو متزوجة من هذا الرجل، وفى محاكم الأحوال الشخصية يؤخذ بالقاعدة التى تقول «المشرع شغوف ولهوف لإثبات النسب» بعد ذلك تذهب القضية إلى المحكمة مرة أخرى للحكم فيها بإثبات النسب فى حال إثبات الزواج بشهادة الشهود حتى ولو أضاعت المرأة ورقة الزواج العرفى.
وأكد كشك أنه لابد من إثبات النسب عن طريق المحاكم، ولا يمكن نسب الطفل بورقة الزواج العرفى.