السبت 7 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الأسـطـورة

الأسـطـورة
الأسـطـورة


من هنا.. من «روزاليوسف» كانت «الحكاية».. أو مولد أسطورة العندليب الخالد «عبدالحليم حافظ»، «روزا» كانت شاهدة على نجاحه ونبوغه بتنبؤ كبار كتابها بموهبته الفذة، ولم يكن غريبا أن يكون الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس هو الصديق المقرب له  ومستشاره الثقافى والغنائى  والإعلامى وأيضا السينمائى، فضلا عن علاقاته المتعددة مع كبار كتابها على مدار مسيرته الغنائية.

عبدالحليم حافظ ظل جزءا  أصيلا من إبداع «روزاليوسف» طوال مسيرته ولم يكن غريبا أيضاً أن يكون فى مقدمة المدعوين فى افتتاح مقرها الحالى فى قلب شارع قصر العينى مشاركا فى وضع حجر أساسها.
فعلى صفحات «روزاليوسف» كانت سيرة ومسيرة العندليب مجلته المفضلة وفيها نشر قصة حياته كاملة وهى المرجع النادر لرحلته مع الغناء بقلمه.
«روزاليوسف» هى الرفيق والصديق فى الرحلة القصيرة والخالدة تقف معه فى محطات النجاح حتى فى لحظات الألم والمعاناة.. وفى صورة تحمل أكثر من دلالة «روزاليوسف»  كانت معه فى الرحلة الأخيرة  فى فراش الموت قبل رحيله بأيام، فقد كان يحرص على متابعة بلده «أم الدنيا» منها وفى 17 يناير 1977 قبل رحيله بأقل من شهرين كان العدد رقم 2536  معه يتابعه بشغف فى لندن، بينما هو يرقد فى مستشفى كينجز كوليدج الشهير بلندن وفى محاولة إنقاذه الأخيرة قبل الرحيل.
المفاجأة أن العدد نفسه لم يتضمن خبرا أو تقريرا عن حليم، بل كان حافلا كالعادة. بالانفرادات الصحفية والتحليلات العميقة بأقلام كبار الكتاب فى ذلك الوقت، موسى صبرى وأحمد حمروش ويوسف الشريف، وساحر هذا الجيل الكاتب الكبير عادل حمودة.. وفى هذا العدد ارتدى «حمودة» ثياب الناقد الفنى بمقال رائع عن الفيلم الأجنبى الشهير «طار فوق عش المجانين» الذى حقق إيرادات كبيرة فى هذا التوقيت وكان يرأس تحريرها الكاتبان الكبيران فتحى غانم وصلاح حافظ، بينما يدير مجلس إدارتها الكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوى.
هذا العدد التاريخى كان آخر الأعداد التى تابعها «حليم» قبل رحيله انفرادات بالجملة، لعل أبرزها حوار نادر منشور لزعيم مصر الخالد جمال عبدالناصر يتحدث فيه عن قضية مشتعلة ومازالت عن تفاصيل اتهام ناصر للإخوان بحرق القاهرة وهو العنوان الذى تصدر الغلاف ومعه أحد العناوين اللامعة التى اشتهرت بها «روزاليوسف» «إنذار من المدعى الاشتراكى إلى رواد شارع الهرم.. وهو العنوان الرئيسى فى هذا العدد التاريخى، وكان يحمل عنوانا فرعيا تحت اسم «قنبلة الأسبوع» وإنذار وزارة ممدوح سالم بخطورة شارع الهرم وسرقة أموال الشعب فيه.
وبطبيعة الأمر، فإن حديث «ناصر» النادر عن الإخوان هو محل اهتمام «حليم» وهو يصارع الموت، فقد كان «حليم» هو المتحدث الرسمى لثورته الخالدة، ونشرة الأخبار الغنائية لإنجازاته وبصماته ونضاله الثورى.. العندليب قرأ باهتمام مقال الكاتب إبراهيم طلعت الذى حمل عنوان الغلاف وحوار جمال عبدالناصر الذى اتهم فيه الإخوان بحرق القاهرة فى مبنى قيادة الثورة وفيه يكشف برواية «ناصر» الوجه القبيح للجماعة  وتاريخها الأسود عبر العصور وكيف أنهم تواطأوا مع الإنجليز والملك فاروق لحريق القاهرة باستخدام بودرة حارقة كانت فى مخازن جهازهم السرى ولم يكن الجيش المصرى نفسه يملك مثلها كما حمل عنوانا بارزا بالمقال.
رواية «ناصر»  عن الإخوان التى تابعها «حليم» كانت جرس إنذار للرئيس المصرى وقتها الزعيم الراحل أنور السادات وكأنه يوجه تنبيها له على خيانة الإخوان الذين كتبوا نهاية أسطورة السادات رغم تلميحات «روزاليوسف» وقت حكمه بخطورتهم وخيانتهم.
عدد 17 يناير 1977 كان آخر علاقة حليم بصفحات «روزاليوسف».. وفى عدد لم يشاهده عبدالحليم لأول مرة والصادر فى 11 أبريل 1977 نشرت «روزاليوسف» تحقيقا عن تركة عبدالحليم التى انحصرت كما انفردت «روزاليوسف» بنشرها بين الورثة والشركاء.. الورثة يمثلهم ابن خاله شحاتة وإخوته إسماعيل ومحمد شبانة وشركاؤه ويمثلهم الموسيقار محمد عبدالوهاب ومجدى العمروسى والتأكيد أن «شحاتة» هو العارف الأكبر بثروته والغريب أن أزمة تركة عبدالحليم هى القضية التى لم تغلق منذ هذا التوقيت بعدما باع العمروسى نصيبه لـ«روتانا» فى صفقة الوليد بن طلال ومعه ورثة الحاجة علية شبانة ولم يتبق منها إلا نصيب محمد شبانة الذى لم يفرط فيه حتى الآن، والصراع مازال مستمرا بينه وبين المنتج محسن جابر الذى اشترى حصة الورثة وأصبح المحتكر الأكبر لتراث حليم الذى يحقق له سنويا مليارات، بينما يحصل شبانة على 21 ألف جنيه سنويا وفقا لتوزيع الحارس القضائى ومؤخرا حصل شبانة على حكم قضائى الشهر الماضى ربما يقلب الطاولة على المنتج محسن جابر بعد مرور 10 سنوات على احتكاره لتراث عبدالحليم.
وفى عدد صادر بتاريخ 18 أبريل 17 تفتح «روزاليوسف»  ملف أزمة وصية عبدالحليم وتفجير مفاجأة أن أشقاء حليم لم يكن لهم دراية كافية بأعماله التجارية وشركاته حتى كما أشار التحقيق أن شقيقه محمد شبانة الذى كان معه طوال حياته لم يعرف شيئا عن ثروته وأن إسماعيل كذلك بعد أزمة مع المقربين من حليم فى ذلك الوقت ولأن وصية حليم لم تكن مكتوبة بخطه، بل طلب من مجدى العمروسى المستشار الفنى والقانونى كشريك عبدالحليم فى «صوت الفن» كتابتها، ولم يتم تسجيلها أو إشهارها، وذلك أصبحت غير قانونية، واستمرت هذه الأزمة حتى قبل رحيل العمروسى نفسه.
بعد قنبلة الصراع على تركته ووصيته التى احتار فيها خبراء القانون مما أباح للكثيرين الاستفادة منها وتكوين ثروات طائلة.. نشرت «روزاليوسف» فى 25 أبريل 77 تحقيقا آخر حول الصراع على عرش حليم فى مناقشة مفتوحة شارك فيها عمالقة فى مقدمتهم أحمد رامى ويوسف إدريس وكمال الطويل ومحمد الموجى.. ومحرم فؤاد بقلم الكاتبة سامية عطاالله.. وأجمع فى التحقيق على صعوبة وجود خليفة للعندليب. وحتى بعد مرور 40 عاما على رحيل الأسطورة فمازال على عرش الغناء بدون وريث.
«روزاليوسف» على مدار 40 عاما بعد رحيله فتحت ملفات كبيرة لحليم وكان آخر انفراد المدوى فى الذكرى الـ29 لرحيله قبل 11 عاما بعدما انفرد كاتب هذه السطور بأسطورة أن جثته لم تتحلل، هذا الانفراد الذى يحلو للبعض أن يسطو عليه دون الرجوع إلى المصدر و«روزاليوسف» الشاهدة على أسطورة حليم الخالدة.