الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ومتى تكون القبطية أمًا مثالية؟!

ومتى تكون القبطية أمًا مثالية؟!
ومتى تكون القبطية أمًا مثالية؟!


زمان زمان.. كانت أم الشهيد هى الأم المثالية.. أم البطل الذى ضحى وقدم حياته فداء للوطن.. وزمان أيضا كانت الأم المثالية هى أم العامل الشغال فى بناء السد العالى.. هجر المدينة وسحرها واختار العمل بعيدا من أجل رفعة الوطن.. أو كانت الأم التى تعلمت فى مدارس محو الأمية وعلمت أولادها بالمدارس والجامعات.. قبل أن تتطور الأحوال ويتشقلب حال المجتمع لتصبح السيدة فيفى عبده أمًا لعموم المصريين من الشمال للجنوب!

ومن الواضح أن المواصفات القياسية للأم المثالية، قد تطورت وتبدلت على مدى التاريخ الحديث منذ بدء الاحتفال بعيد الأم قبل ستين عاما.. منذ عام 1957 وحتى الآن.
لا تستطيع الآن أن تقول إن الأم المثالية هى أم العامل والفلاح.. لأن القيمة تغيرت والمصانع الكبرى التى كنا نفخر بها أغلقت أبوابها.. وبالتالى لم يعد المجتمع يعتد بقيمة العمل بالمصنع وفلاحة الأرض.. وقد انصرف الناس إلى الأعمال الهامشية ومصانع بير السلم وأمور التهليب والسمسرة وشغل التلات ورقات!
الأم المثالية الآن ليست التى علمت أولادها بالمدارس والجامعات.. ليست التى ترسل أبناءها للدرس الخصوصى وتنتظر بالطريق العام حتى انتهاء الابن من الدرس عند المدرس الخصوصى.. وليست التى تسهر وتوفر فى مصروف البيت لكى يلتحق ابنها بالجامعة.. لأن الدراسة الجامعية لم تعد مثالية أبدا.. والجامعات تقدم للمجتمع شبابا عاطلين بالكوم.. لكنهم حاصلون على الماجستير والدكتوراه.. وانظر حولك فى المساجد والزوايا والمقاهى والغرز والنواصى.. تجد خيرة شباب مصر فى حالة انتظار وترقب وضياع!
التعليم لم يعد هدفا إذن.. وزمان كانت الجامعات تفتح أبوابها للمتفوقين بالمدارس الحكومية.. يدخلون الجامعة عبر مكاتب التنسيق التى تساوى بين الجميع.. فلا تميز أبناء الموسرين أبدا.. الكل سواسى أمام مكتب التنسيق.. التمييز الحقيقى كان للحاصلين على الدرجات الأعلى يدخلون كليات القمة.. قبل أن تظهر الجامعات الخاصة لأبناء الأغنياء الجدد لا يكلفون خاطرهم بالوقوف فى مكاتب التنسيق.. الآن لهم جامعاتهم الخاصة وقبلها لهم مدارسهم الخاصة حتى لا يختلطوا بأبناء الفقراء.. جامعات ومدارس تعبر عن طموحات ذويهم  ومدى قدرتهم المالية على شراء الشهادات التى تضمن لهم الوظائف المميزة والمحجوزة مسبقا!
التعليم ليس مقياسا إذن..
ثم إن التعليم المجانى صار مقلقا للوزراء والمسئولين الجدد.. وأحدهم قال بالأمس وبالفم المليان: إن مجانية التعليم مع مجانية الصحة هما السبب فى انهيار المنظومة الصحية والتعليمية فى مصر.. ليؤكد بالصوت والصورة.. أنه وزير جاهل بامتياز!
فى تقديرى أن الأم المعيلة هى الأم المثالية.. لأنها تشتغل وتنفق على أبنائها فى مراحل التعليم  ولا تكتفى، بل تنفق على الزوج خالى الشغل.. هى تقوم بأعظم أدوارها فى الوقت الراهن.. وبكفاءة يحسدها عليها وزراء التموين والمالية والاقتصاد.. هى تقود السفينة.. فى ظل غلاء غير مسبوق.. وتوفر الحاجات الأساسية دون أن تمد يدها.. والمثير أنها تمثل ثلث المجتمع بالتمام والكمال.. والخيبة أنها لا تدخل فى حسابات السادة والهوانم المسئولين عن اختيار الأم المثالية فى مصر!
أم الشهيد هى أم مثالية بكل المقاييس.. وهى نجمة تليفزيونية فى جميع دول العالم.. يحتفون بها ويتحدثون عن أخبارها.. ويعوضون بحضور غياب الابن الذى استشهد.. أم الشهيد تستحق الاحتفاء والاحتفال والتقدير.. لكن المشكلة أننا لا نحتفل بها فى مصر.. لأسباب لا أعرفها.
أقترح أن تكون الأم المثالية لهذا العام الأم القبطية التى قتل أبناؤها أثناء الصلاة بالكنيسة أمام عينيها.. هى الأم الملتزمة دينيا واصطحبت أبناءها وبناتها لبيت الله لتنفجر فيهم القنابل الموقوتة.. وهى ذاتها الأم التى هجرت قسريا من بيتها فى العريش لتسكن الكنائس والبيوت البديلة.. وهى فى كل الأحوال صابرة محتسبة.
ولأننا فى مصر المحروسة.. لن يتم اختيار الأم المثالية كما أتمنى.. وسوف تكون كما فى الأعوام السابقة.. معبرة عن طبيعة المرحلة.. ولا تستبعد والله أن تكون السيدة فيفى عبده.. أو صافيناز الروسية..!