الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

طبّالة بدرجة مايسترو

طبّالة بدرجة مايسترو
طبّالة بدرجة مايسترو


الفن ليس حكرا  على أحد.. رجل أو طفل أو امرأة، الجميع «صناع بهجة»، وفكرة اقتصار العزف والموسيقى على جنس محدد كمهنة  «الطبال»، والتى لم تعد للرجال فقط، انتهت بالفعل! حيث ظهرت مجموعة من الفتيات تهوى العزف على الطبلة، وأصبحن «طبالات» أبهرن وأسعدن الجميع باحتراف العزف على آلة ذكورية بامتياز، ومن بينهن بسمة  الهجرسى، الفتاة التى تبلغ من العمر 23 عاما.
تنتمى إلى أسرة فنية شجعتها على الموهبة، فوالدها أحب التمثيل وتخرج من المعهد العالى للفنون المسرحية، وشقيقتها  عازفة «قانون». كلاهما اهتما بتربيتها الفنية وشجعاها منذ الصغر، واعتادا أن يحضرا معها الحفلات التى أقامتها مؤخرا فى ساقية الصاوى، ونقابة المهن التمثيلية.
عن بدايتها مع «الطبلة» تقول الهجرسى، إنها عشقت «الطبلة» فى المرحلة الإعدادية، وأول مرة اشترتها فيها كانت فى المرحلة الثانوية  (بـ 80 جنيه) وهى طبلة للهواة فقط وحفلات الزفاف والحنة الشعبى، وتختلف عن الطبلة الخاصة بالمحترفين والتى تساوى آلاف الجنيهات. وشجعتها على ذلك شقيقتها التى كانت تدرس فى معهد الموسيقى العربية، وكان والدها  لديه ورشة لتعليم الطبلة، فتعلمت فيها بدايات العزف، ثم قررت أن تعتمد على نفسها عن طريق بعض أصدقاء شقيقتها فى المعهد حتى تستفيد من خبرات من كانوا فى قسم الإيقاع، فسمعها أحد الأساتذة  فى قسم الإيقاع، وتبناها فنيا حتى أنه جعلها تحضر محاضراته مع الطلبة فى القسم، ثم قررت تنمية موهبتها وعشقها للطبلة عن طريق الدراسة، فالتحقت بأكاديمية الفنون، شعبة فنون شعبية، ولم يكن فى المعهد وقتها أقسام متخصصة لدراسات الآلات والإيقاع، الدراسة كانت هامشية بالنسبة للآلات.
«مهنة العزف على الطبلة ليست حكرا على الرجال فقط، لهذا أردت أن أتمرد وأظهر موهبتى للجميع».. هكذا علقت بسمة على من يرددون أن «الطبلة» مهنة «للرجال فقط» وممنوع اقتراب المرأة منها، وأضافت أن المجتمع تعود على ظهور الرجل عازفاً على الطبلة، ولم يعتد أن يرى امرأة تجيد العزف عليها مثل  بقية الرجال، لذلك قررت ألا تكون مجرد عازفة بل محترفة، فالمهنة تراها «لا عيب ولا حرام» بل فن وإبداع.
وعن نظرة المجتمع للمرأة التى تعزف على الطبلة قالت: «أحيانا  نظرة الناس بتضايقنى لأنها تحمل استفسار يعنى إيه طبالة؟! مع العلم أن الناس لازم تفهم أنى مش بعمل حاجة حرام، وكمان فيه ناس كتير موسيقيين مقتنعين إن الموسيقى حرام وبيمارسوها وبياكلوا منها عيش! وأنا شايفة إن دا قمة التناقض، وبعدين ييجوا يقنعوكى إن اللى بتعمليه دا حرام».
وأضافت أن الطبلة علمتها أن تكون رجلا فى تصرفاتها وليس فى شكلها، فرجولة العزف على الطبلة لم تنتقص من أنوثتها شيئا، بل على العكس زادت من قوة شخصيتها بإتقان عمل أجاده الرجال.
وعن رد فعل الجماهير فى أول مرة شاهدوها وهى تمسك بالطبلة قالت: «أنا كنت خايفة قوى وحسيت إن الناس مركزة معايا، والحفلة كانت عبارة عن واحد بيلعب على الطبلة وأنا برد عليه بالطبلة، يعنى حوار واستعراض مهارات».
بسمة الهجرسى لا تضايقها كلمة «طبالة» حين تسمعها من أحد، فهى تعتز وتفتخر بما تفعله، فالطبلة مثلها مثل أى آلة موسيقية أخرى، وهى عنصر أساسى فى الغناء، وقد اعتدنا أن نرى نساء وفتيات عازفات على آلات مختلفة، وكن لهن التقدير والاحترام من الجميع، فلم الطبلة لا تلقى نفس القبول والاحترام والتشجيع؟! حب بسمة لمهنتها وآلتها لم يتوقف عند هذا الاعتزاز فقط بل إنها قررت: «لو خيرت بين الزواج والطبلة، عمرى ما هاسيب الطبلة حتى لو بقيت أم، لأنى بعتبرها جزء منى ولو خيرونى بين الجواز والطبلة أختار الطبلة واللى عايزنى يتجوزنى أنا وهى».
بسمة لديها ورشة لتعليم الطبلة بأجر رمزى، فليس هدفها الربح المادى، بل تشجيع الفتيات على العزف والتعرف على الطبلة، فهى تعلمهم كيف يحبون الآلة التى يعزفون عليها حتى تحدث ألفة بينهم وبينها.
وعن مدى إقبال البنات على «ورشة الإيقاع» قالت، إن عدد الفتيان أكبر من عدد الفتيات فيها، مضيفة أن «مؤسسة بيانولا للفنون المستقلة» ستقيم ورشة لتعليم الطبلة فى الإسكندرية فى فبراير الجارى، وستكون مخصصة للبنات فقط، نظرا لأن هناك بعض البنات تريد أن تتعلم ولا تجد من يعلمها.
بسمة رغم نجاحها فى العزف وإقامتها العديد من الحفلات الموسيقية، إلا أنها ترفض أن تصاحب راقصة بطبلتها، فراقصات «اليومين دول» ليسوا كراقصات «الزمن الجميل» كسامية جمال وتحية كاريوكا، فهن الآن يستخدمن الرقص لإثارة الغرائز وهذه ليست هدف الفن، فالفن رسالة وهى لا تحب أن تقدم رسالة معيبة، على حد قولها، إضافة إلى أن الطبلة ليست حكرا على الرقص فقط، فآلة الطبلة تشارك فى أغانى الشرقى والمقسوم وفى الإنشاد الدينى أيضا يوجد إيقاع وطبول والطبلة ليست مرادفا لبدلة الراقصة فقط.
بسمة الهجرسى حلمت أن تكون عازفة طبلة، ومازالت تحلم بتحقيق المزيد فى هذا المجال الإيقاعى، تحلم أن تكوِّن فرقة إيقاع شرقى، وتكمل مسيرة الفنان «سعيد الأرتسيت»، والذى جعل الجمهور يذهب خصيصا إلى الأوبرا حتى يستمع  له، ولدقات طبلته.