الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قبل هجرة الصحفيين الجماعية!

قبل هجرة الصحفيين الجماعية!
قبل هجرة الصحفيين الجماعية!


زمان زمان.. ضاق أنور السادات بالصحافة طويلة اللسان.. فطلب من نقابة الصحفيين شطب بعض أعضائها المشاغبين.. فرفضت النقابة بزعامة النقيب المحترم كامل زهيرى.. فقرر الرئيس الأسبق تحويل النقابة إلى نادٍ اجتماعى يجتمع فيه الأعضاء للعب العادة والمحبوسة.. ففشل أيضا.. والغريب أن بعض زملاء المهنة تحمس لدعوة السادات فتقمص دور سى السيد وأراد أن يجرجرنا لبيت الطاعة.. وأن يغلق علينا الأبواب والشبابيك بالضبة والمفتاح.. وأن يحتفظ بالعصمة فى يده.. وأن يحدد لنا بالضبط ما نقول وما نفعل.. فنمشى بحساب ونتكلم بالمقاس ونكتب بالمسطرة.. ولا مانع من النقد طبعا.. بشرط أن يكون بالشوكة والسكين.

لم يدرك السادات وقتها أننا على أعتاب القرن الواحد والعشرين.. حيث العالم قرية واحدة.. وحرية الآراء والمعلومات متاحة للجميع.. فإذا حجبت بالقوة أو بالحيلة عن وسائل الإعلام المحلية.. اتجهت العيون والعقول إلى وسائل الإعلام العالمية.. عسى أن تطالع فيها ما تفتقد فى وسائل الإعلام المحلية.
وفى عهد أنور السادات.. عندما حوصرت الصحافة فى الداخل.. ظهرت لأول مرة صحافة المعارضة فى لندن وباريس.. وهاجر الصحفيون بالكوم.. وعندما تغلق منابر الرأى.. فإنك تفتح شبابيك المجلات السرية وصفحات الفيس بوك التى تملك من وسائل التكنولوجيا ما يضمن لها حرية التعبير والتفكير بعيدا عن الملاحقة الأمنية المتلصصة!
فى الأزمة الأخيرة مع الصحافة.. لا يغيظك سوى بعض حكماء المهنة.. ويمارس بعضهم دور الوصى العاقل.. ويرفع شعار عيب يا ولد.. امشى بجوار الحيط،والخيبة الثقيلة أن هذا البعض ليس هو الحكومة تحديدا.. وإنما هم من زملاء المهنة من محاسيب الحكومة وقد انزعجوا بشدة عندما اكتشفوا أن القوانين التى يجرى مناقشتها الآن لا تتضمن عقوبتى حبس وفصل الصحفيين فرفعوا أيديهم بالفيتو.. ويطالبون صراحة بحصار الصحفيين بالغرامات الفادحة.. أو حتى حبسهم.. حتى ينعدل الحال المائل وتنصلح أحوال المهنة!
وفى تقديرى الشخصى.. فإن هذا البعض هم الخطر الحقيقى الذى يهدد مهنة البحث عن المتاعب.. وهم أشبه بالدبة التى قتلت حكومتها.. عندما تحكمت وسيطرت.. مع أن الحكومة بالقوانين المستقرة قادرة على الدفاع عن نفسها.. وأهم ميزة للعصر الحالى.. أنك تستطيع أن تقول ما تريد دون لف أو دوران!!
وهناك من يعترض على التسامح مع الصحافة.. على اعتبار أن هناك تجاوزات من بعض الصحفيين.. وماله.. هناك قوانين مستقرة تكفى لمنع هذا التجاوز.. ونأمل ألا يكون الاعتراض على بعض سياسات الحكومة من قبيل التجاوز.. لأن الاعتراض حق أصيل من حقوق المواطنة.. والأفضل فى تقديرى أن تحدث تجاوزات بدلا من أن يحبس صحفى واحد.. لأن حبس الصحفيين وفرض الرقابة على ما يكتبون يحرج الدولة لا الحكومة أمام جماعات حقوق الإنسان فى الداخل والخارج.
حاجة غريبة يا أخي.. والقوانين المقيدة للصحافة نجحت تماما فى جمع الشامى على المغربى للوقوف صفا واحدا ضد محاولات تكبيل الحرية التى يريدون إصدارها رغم أنف الصحفيين.. والخيبة أن هناك من زملاء المهنة من يتقمصون شخصية سى السيد ويريدون العودة بنا إلى الوراء.
ربي.. احمنى من زملائى العقلاء فوق العادة.. أما الحكومة.. فأنا كفيل بها!