الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

إسرائيل لـ«العرب»: تحالفوا معنا ضد «الإرهاب الفلسطينى»

إسرائيل لـ«العرب»: تحالفوا معنا ضد «الإرهاب الفلسطينى»
إسرائيل لـ«العرب»: تحالفوا معنا ضد «الإرهاب الفلسطينى»


لا صوت يعلو فى إسرائيل الآن فوق صوت مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذى تتحول إسرائيل بمقتضاه إلى حليف للدول العربية السنية، لمواجهة المد الشيعى من جهة، ومحاربة الإرهاب الذى تريد أن تلصقه بدولة الاحتلال بالفلسطينيين.

يبدو أن فوز الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب بـ«عرش البيت الأبيض» قد فتح شهية الاحتلال الذى أصبحت أبواقه الإعلامية وخبراؤه الاستراتيجيون «يطنطنون» بإحياء مشروع الرئيس الأسبق لدولة الكيان، «شمعون بيريز» إلى حد أن صحيفة «يديعوت أحرنوت» عنونت تقريرًا لها تطرق إلى هذا الموضوع بعنوان: «بيريز.. ارقد فى سلام، فالشرق الأوسط الجديد محل التنفيذ».
التحليلات السياسية والدينية الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضى تطرقت فى مجموعها إلى ما وصفته بالمشتركات بين تل أبيب والعواصم العربية، وعلى رأسها عواصم الخليج، التى قالت إنها بدأت خطوات جدية نحو التطبيع، ولم يعد إلا أن تعلن الأمر رسميًا.
موقع «كيكر هاشبت» المتخصص فى الشئون السياسية، ارتأى أن ترامب الذى يعتبر «الإرهاب الإسلامي» عدوه الأول، لن يتخذ أية خطوة للتقارب مع السلطة الوطنية الفلسطينية، هذا على الرغم من ترحيب الرئيس محمود عباس أبومازن باختياره، وقال إن فرحة الفلسطينيين بفوزه من الأمور غير المفهومة على الإطلاق.
وأظهرت تقديرات إسرائيلية غير رسمية، أن علاقات السلطة الفلسطينية مع الولايات المتحدة سترجع للوراء، ذلك أن ترامب «متعاطف جدا» مع إسرائيل ورئيس الحكومة «الليكودي» بنيامين نتنياهو.
لكن ما التصور الإسرائيلى لما يسمى الشرق الأوسط الجديد؟
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرنوت» نقلت فيه عمن وصفتهم بمصادر «سيادية»، وهو المصطلح المقابل لـ«استخباراتية»، فإن المنطقة يجب أن تتخذ خطوات جادة لتأسيس تحالف «سنى يهودى بروتستانتى أمريكي»، فى مواجهة التحالف «الشيعى الأرثوذكسى اليسارى الأمريكي».
وغنى عن القول أن التحالف الأول سيضم مصر وتركيا ودول الخليج وإسرائيل وإدارة ترامب ضد التحالف الثانى ويضم إيران وروسيا ونسبة من الديمقراطيين الأمريكيين.
وبالطبع.. هذه تقسيمة طائفية لا تنذر إلا بمزيد من «تفتيت المفتت»، وإدخال المنطقة فى متاهات حروب عبثية، تخرج منها فى النهاية منهكة ممزقة، بما يؤدى لإعلان إسرائيل قوة متفردة فى الشرق الأوسط.
ونصح المصدر فى التقرير إدارة ترامب بعدم اقتفاء خطى سلفه «باراك أوباما» الذى أدار ظهره للشرق الأوسط، فإذا بخطر تنظيم الدولة «داعش» يستفحل، وإذا البوارج الروسية تجد لها مكانًا فى مياه المتوسط الدافئة، بما يسحب من الرصيد الأمريكي.
«على إدارة ترامب أن تعتمد على إسرائيل فى المقام الأول».. بهذه العبارة شرع المصدر ذاته يتحدث عن شكل الشرق الأوسط المراد تأسيسه، ومضى يقول: «للوهلة الأولي، يمكن أن يقال إن ما يفرق بين الدول السنية وإسرائيل واليمين البروتستانتى الأمريكي، أكثر مما يجمعهم.. إلا أنه مع التدقيق، سيتضح أن التحديات والتهديدات الناتجة عن التغييرات الإقليمية والدولية، تجعل ما كان يبدو بعيدًا يقترب».
هناك مصالح مشتركة، بين دول الخليج، عدا عمان والمغرب ومصر، والأردن وتركيا والحكومة الإسرائيلية واليمين البروتستانتى الأمريكي. وتكمن أولا فى مجابهة خطر التوسع الإيراني.
فالإيرانيون، وحلفاؤهم فى العراق واليمن ولبنان وسوريا، لا يخفون عداءهم لإسرائيل، ورغبتهم فى تدميرها.. لكنهم «حسب التقرير» لديهم درجة عالية من الحقد أيضا تجاه الدول السنية.. وإزاء تلك الكراهية، يجب أن نتحالف، فالخطر أصبح وجوديًا.
 ويرى المصدر «السيادى الإسرائيلي» أن «طهران» تعمل كما لو أنها سيدة المنطقة، فالعراق أصبح «حديقة خلفية إيرانية» بعد سقوط صدام، ولعل الهيمنة الإيرانية على البلد الذى كان «حارس بوابة العرب الشرقية»، وتحول إلى «كعب أخيل» بالنسبة للخليج، يكشف عن حجم أخطاء إدارة أوباما التى انسحبت وتركت البلاد فى مستنقع الفوضي.
والمعروف أن مصطلح «كعب أخيل» يستمد من الأسطورة الأغريقية حيث كان أخيل رجل قوى ويستحيل قتله أو إصابته، لكن نقطة ضعفه تتمثل فى كعبه الذى تؤدى إصابته إلى شلل حركته كليًا.
وفى «اليمن»، تسعى «إيران» لتحقيق هدفين مهمين، أولهما نشر الفوضى من خلال دعم «الحوثيين»، مما يجعلها نقطة عبور نحو القرن الأفريقي، ثانياً خلق اضطرابات فى المنطقتين الجنوبية، والشرقية من المملكة السعودية.
أما بالنسبة لـ«سوريا»، فتحاول «طهران» خلق نسخة سورية من منظمة «حزب الله» على حدود «الجولان» المحتل، وأصبحت إيران الآن صانعة القرار فى «دمشق»، التى كانت عاصمة الخلافة السنية الأموية، وفى الوقت ذاته تنتشر ميليشيات الشيعة على طول الحدود الإسرائيلية فى الجنوب، والتركية فى الشمال.
ولن يؤدى التحالف إلى مجابهة المطامع الشيعية فحسب، فالخطر الروسى ليس أقل شأنًا، وهنا يجب على الولايات المتحدة أن تنتبه إلى أن وجود الجيش الروسى فى سوريا، سيستنزف «هيبتها فى المنطقة»، خاصة فى ظل الرئيس فلاديمير بوتين الذى يحلم ببعث القيصرية الغاربة.
وحذر التقرير من أن الدعم الروسى لإيران يشجعها على المضى قدمًا فى أطماعها التوسعية، حتى تصبح لها الكلمة الأولى على مضيقى «هرمز» و«باب المندب».. وعندئذ ستتضرر ربع تجارة النفط العالمية.
ونتيجة لتلك المتغيرات، فإن الحل وفقًا للتصور الإسرائيلى هو أن يرتمى العرب السنة وتركيا فى أحضان تل أبيب أو بالأحرى تحت قيادتها مع ضم القوات الكردية لإعلان الحرب على «المؤامرة الرامية إلى هدم الدول المستقرة».
«يديعوت أحرنوت» بررت تصورها ذاك، بأن العقدين الماضيين شهدا تغيرًا فى منظومة العلاقات فى الشرق الأوسط، فالعلاقات الرسمية مع القاهرة وعمّان، توازيها علاقات تجارية معلنة مع الدوحة ومسقط، توازيها العلاقات السرية مع الخليج والمغرب، وقالت: «العرب إجمالاً لا يشعرون بالحرج من إعلان علاقاتهم بإسرائيل، فقد تغير الزمان، وأصبحت الدولة العبرية أمرًا واقعًا».
وفى حين تهرول العواصم العربية للتطبيع مع تل أبيب، تبدى تخوفًا من التقارب مع إيران، والحقيقة التى يجب أن نستثمرها معًا هى أن طهران مصدر قلق للأنظمة العربية، وهكذا فإن التحالف الذى يبدو مستحيلا صار ممكنًا.
والأكثر من ذلك، مضى التقرير يرسم سيناريوهات المستقبل السياسى للمنطقة قائلا: «فى مرحلة لاحقة سيتحالف العرب معنا لمحاربة الإرهاب الذى يشكله الفلسطينيون».
أما عن الكيفية التى يمكن أن يتحقق فيها هذا الكابوس المرعب، فتتمثل فى الانضواء تحت لواء الرئيس ترامب الذى يعرف جيدًا أن العمليات الإرهابية «أى المقاومة» التى تشنها الفصائل الفلسطينية ضد دولة إسرائيل أى «الاحتلال مغتصب الأرض».. هى العقبة أمام السلام المرغوب أن يتحقق وفقًا لطلب الصهاينة ورغباتهم.
ونصحت بضرورة استغلال الولايات المتحدة النقاط الاستراتيجية، المشتركة، بحيث تدشن التحالف الذى ليس ضروريًا أن يكون زواجاً مقدساً، أو زواجًا دون مشاعر.. بل يجب أن يكون منطقياً وقائمًا على المصالح.
واختتمت الصحيفة التقرير بقولها: «شكرا لهذا لتحالف، الذى سيجلب السلام فى قضية الصراع الفلسطينى الإسرائيلي».. وكأنه قد أصبح تحالفًا قائمًا بالفعل.