الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اللواء فؤاد فيود: العبور بدأ من معركة «رأس العش»

اللواء فؤاد فيود: العبور بدأ من معركة «رأس العش»
اللواء فؤاد فيود: العبور بدأ من معركة «رأس العش»


بعد نكسة 1967 قرر طالب الثانوية فؤاد فيود، تغيير مسار حياته، كان يحلم بالالتحاق بكلية الهندسة، لكن الهزيمة حولت أنظاره إلى الكلية الحربية، وكأنه على موعد مع الأقدار، ليكون واحدا من رجال أكتوبر.
ويتذكر اللواء أركان حرب فؤاد فيود مستشار مدير إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة «أيام مصر المجيدة»، عندما كان ملازما بسلاح المشاة قائلا: «أبناء جيلى لم يلتحقوا بالقوات المسلحة من أجل نجمة على الكتفين يتباهون بها، بل سعيا إلى تحرير الوطن.. كنت أقاتل على الجبهة وبجوارى الملازم حاتم الدرديرى الذى ترك دراسة الطب، ومصطفى عبدالموجود الذى سحب أوراقه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. كان شعارنا وإيماننا عميقا بأن دماءنا تسترخص من أجل مصر».. حرب أكتوبر كانت معجزة الإنسان المصرى، وفيها استدعت الكنانة أصالتها لتنتفض على الصهاينة، وتحطم أغلال الهزيمة.
 يقال دائما إن التحضير للحرب كان أصعب المراحل.. فكيف كان ذلك؟
- فى يونيو لم تكن الأزمة هى الهزيمة العسكرية، ولا الخسائر فى المعدات، بل تمثلت فى انهيار الروح المعنوية.
الصهاينة تعمدوا بعدها التقليل من قدرتنا على تجاوز المحنة، حتى إن وزير الحرب «موشيه دايان» قال حرفيا: «إننى أنتظر أن يأتى المصريون لتوقيع وثيقة الاستسلام، وهم يعرفون عنواننا 31 شارع الكابلات بالقدس».
غير أن انتظاره طال، حتى مات بحسرته، بعدما جرعناه مذلة الهزيمة فى 6 ساعات.
وعودا إلى موضوع التجهيز للحرب، فإننى أجزم بأن ملحمة العبور بدأت منذ معركة «رأس العش» ففى الثلاثين من يونيو، وحينما كانت جراح الهزيمة مازالت طرية، اشتبكت سرية صاعقة مصرية بقيادة النقيب «سيد الشرقاوى» مع طابور مدرع إسرائيلى فدمروا 3 دبابات و11 مدرعة، بما تحمله من جنود.
هذه المعركة.. ومن بعدها بأسبوعين مهاجمة «تشوينات صهيونية» فى منطقة «رومانة بلوظة» وتدميرها، ومن بعدها تدمير المدمرة «إيلات»، التى كانت فخر البحرية الإسرائيلية، كلها عمليات مهدت للحرب، وأشاعت فى نفس المقاتل المصرى أنه خسر معركة ولم يخسر الحرب.
 هناك كثيرون يقللون من دور حرب الاستنزاف؟
- إنه الاستقطاب الإسرائيلى، لكن إحقاقا للحق علينا أن نعترف بأن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أسدى جميلا لا ينكر لمصر بعد الهزيمة، فقد عاد الرجل لتصحيح المسار، وعبر التحضير للحرب تحضيرا علميا.
 كيف ذلك؟
- تأسيس سلاح دفاع جوى قوى مثلا كان من أبرز الأمور التى ركز عليها الزعيم، بعدما أدرك خلال الحرب أن التفوق الجوى الإسرائيلى كان صاحب الكلمة الأولى فى الحرب، هذا بالتوازى مع الاعتماد على الاستخبارات العسكرية فى جمع المعلومات الدقيقة عن جيش العدو، وهكذا مضت الأمور حتى بلغنا ساعة الصفر.
العبور لم يكن ليتأتى لولا العلم.. درسنا حركة المد والجزر فى القناة، وكيفية هدم الساتر الترابى بخراطيم المياه، والوسائل المناسبة لغلق أنابيب النابلم.
وكنا فى القوات المسلحة نسمى خطة العبور بـ«كشكول الجمسى» لأنه كتبها بخط يده بالقلم الرصاص، بعدما استمع إلى آراء الخبراء المتخصصين.
والحقيقة أن «الجمسى» رحمة الله عليه كان  عسكريا من طراز فذ، إلى درجة أن رئيسة وزراء العدو جولدا مائير كانت تسميه «الجنرال النحيف المرعب».
 تحدثت عن حرب الاستنزاف والمشير الجمسى.. فهل تتعمد تجاهل دور السادات؟
- إطلاقا.. لا ينكر دور السادات إلا جاحد، التاريخ لا يعرف الأهواء السياسية، وعلينا أن نكون منصفين ومحايدين عندما نتطرق إلى الوقائع المجردة.
كان السادات واحدا من أمكر القادة فى التاريخ، وكانت خطة الخداع الاستراتيجى التى نفذها حجر الزاوية فى النصر، وقد ضرب الراحل المثل بنفسه فى الفداء والتضحية، عندما نمى إلى علمه نبأ استشهاد أخيه الطيار عاطف فى الطلعة الجوية الأولى فقال: «عاطف السادات مش أخويا، ده ابنى، وكل شهداء مصر أبنائى».
هذا التشجيع كان دافعا معنويا عظيما للجنود على خط النيران، عندما ترى القائد يبادر إلى التضحية ويقبل سداد الفاتورة كأى جندى، فهذا يشعل الحماس فى صدور رجال الجيش.
 لكن خبراء عسكريين يتهمون السادات بالتسبب فى الثغرة؟
- هناك تهويل صهيونى للثغرة، والمؤسف أن عددا ممن يتكلمون بما لا يعلمون أخذوا يرددون الأكاذيب الإسرائيلية دون وعى.
حقيقة الثغرة أن أرئيل شارون أراد الالتفاف من وراء الجيش لدخول الإسماعيلية، لكنه فشل فى ذلك أمام مقاومة الجيش بقيادة إبراهيم الرفاعى، ودارت حينها معركة ضارية فى منطقة «نفيشة» جنوب الإسماعيلية، وتمكن جيشنا من تدمير الدبابات الإسرائيلية التى مازالت فى مواقعها حتى الآن، شاهدة على بطولات قواتنا المسلحة.
وأمام صلابة المقاومة، اضطر شارون إلى محاولة التفاف أخرى، لاجتياح السويس، لكنها باءت بالفشل.
رغم ذلك أخذت الدعاية الإسرائيلية تردد أن شارون حاصر الجيش الثالث، والحقيقة أن الإسرائيليين هم الذين كانوا محاصرين.
كانت القوات المعتدية التى يقودها شارون من ضمن الاحتياطى الإسرائيلى، وبعدما توغلت فى سيناء لم يكن ممكنا تزويدها بالسلاح، الأمر الذى تسبب فى انهيار معنويات العدو، وفى هذه الغضون أصدر السادات أوامره إلى اللواء «على عبدالخبير» بتدمير الثغرة، غير أن وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر زار القاهرة فى 24 أكتوبر للتأكيد على أن الولايات المتحدة لن تسمح بالأمر، ووقتها أطلق السادات تصريحه الشهير «أنا لا أحارب أمريكا». 