فضائح مبعوثى وزارة الأوقاف فى كندا

هدى المصرى
يصبون اللعنات على من يسيئون إلى الإسلام فى الغرب، وهم يسيئون إليه أكثر من غيرهم يسمون أنفسهم دعاة أو مشايخ، لكنهم لا يشبهون المسلمين إلا فى أسمائهم، خطايا وأخطاء ارتكبوها مستغلين ما تخوله لهم مناصبهم، من سلطة روحية، مكنتهم من التمادى والاستخفاف بمن وثقوا بهم بكل يسر.
مسلسل طويل لمهازل وجرائم ارتكبها من يطلق عليهم لقب دعاة، وللأسف مبعوثو وزارة الأوقاف لهم النصيب الأكبر من هذه المهازل بتوظيف الفتاوى الدينية وابتكار الحيل التى تستخدم مفهومًا غريبًا ومعلومات خاطئة عن الإسلام لخدمة أغراض ومصالح شخصية.
أحدث حلقات هذا الفساد حدثت هذه المرة فى كندا 2016 بطلها الشيخ عبده أبو شمعة من محافظة البحيرة الذى قدمت ضده عريضة موقعة من 52 من المصلين للقضاء الكندى للنظر فيها بسبب سوء أخلاقه وتفريقه بين المسلمين داخل المسجد وإصداره الفتاوى التى توافق أهواء مجلس الإدارة الموالى له.
هذه الشكوى وإن كانت مليئة بالوقائع الخطيرة والمخيفة، إلا أنها ليست الأولى التى نعرضها فقد سبق وأن تصدت- روزاليوسف - للجرائم التى وقعت منذ ثمانى سنوات من دعاة أرسلتهم الوزارة وكانت أولى الشكاوى للمسئولين فى وزارة الأوقاف منذ 2008 ضد الشيخ «محمد أحمد غنيم» الذى ارتكب العديد من المخالفات الجسيمة باسم الدين وكانت موقعة من قبل العديد من المساجد بمونتريال بكندا، لكن أحدا لم يحرك ساكناً حتى هذه اللحظة، فالمسئولون بالوزارة لديهم أولويات أخرى.
هذا الأداء المتدنى لدعاة وزارة الأوقاف المبعوثين إلى أوروبا وأمريكا الذى تؤكده وثائق تعكس حقيقة ما وصلت إليه أحوال المسلمين فى البلدان الغربية، فالمفترض أن من ترسلهم الأوقاف من دعاة وأئمة هم سفراء للإسلام بالخارج ينقلون فكره الوسطى المعتدل، إلا أن الوزارة التى لم تعط أى أولوية لتجديد الخطاب الدينى فى مساجدها بالداخل لم تهتم أيضا بمخاطبة الآخر فى الخارج وهذا ما تسبب فى الكوارث التى نعانى منها الآن، فهى لم تخضع من ترسلهم لاختبارات أو حتى تتحرى عن سلوكياتهم الأخلاقية.
وكانت نتيجة ذلك إيفاد دعاة غير مؤهلين يفتون بغير علم ويحدثون كثيرا من البلبلة بسبب الفتاوى غير الصحيحة والسلوكيات الغريبة، والأنكى من ذلك أنهم لا يجيدون لغة البلاد المبتعثين إليها وفقا لما جاء فى الشكوى المقدمة من قبل عدد كبير من أعضاء الجالية المسلمة فى كندا ونرفعها لوزير الأوقاف التى من المتوقع ألا تلقى اهتمام المسئولين بالوزارة كالشكاوى السابقة.
وكما جاء فى نص العريضة الموقعة من 52 من المصلين بمسجد التوحيد بمونتريال كوثيقة إدانة مقدمة أمام القضاء الكندى التى قمنا بترجمتها من اللغة الفرنسية إلى العربية ضد الشيخ عبده أبو شمعة وأمثاله من العاطلين الذين استغلوا ثغرات القانون الكندى لإنشاء مساجد تُستغل فقط لجمع التبرعات بعد استثارة العاطفة الدينية للمسلمين المقيمين هناك.
كان نصها كالآتى «نحن الموقعين أدناه، أعضاء مركز التوحيد، والجمعية الثقافية لمساعدة المرأة والطفل، السكان المجاورون للمركز ورواد مسجد التوحيد، نعبر عن قلقنا وغضبنا من إمام المسجد الشيخ «عبده أبو شمعة» بسبب سلوكه المنحرف الذى ينافى الأخلاق والمبادئ الأساسية للإسلام، وذلك وفقا للأسباب التالية: فهو صاحب سلوك غير أخلاقى وغير مقبول فى التوسط فى النزاعات الزوجية، أو بالأحرى لاستعادة الوفاق بين الأسر وفقا لقيمنا الإسلامية، فهو قد طلب من امرأة أن تطلق زوجها وأنه على استعداد - أى هذا الإمام- أن يتزوجها ضاربا عرض الحائط بكل القيم الأخلاقية والمعنوية، وقد دفعته جرأته ووقاحته إلى أبعد الحدود فطلب من الزوج التنازل عن ابنه لزوجته، مع أن هذا الرجل لم يكن قد طلق زوجته حتى تاريخه، فضلا عن زواج الشيخ «عبده أبو شمعة» السرى الأخير من جزائرية بعد أن أقنعها بتطليق زوجها الجزائرى متهما زوجها السابق بالردة عن الإسلام، وهذا تناقض صارخ مع الفتوى المعتمدة بعدم إباحة الزواج السرى -غير الموثق رسميا- فى معظم بلدان المسلمين، والأزهر الشريف، ومجلس الأئمة فى مونتريال الذى كان الشيخ عبده عضوا فيه.
وجاء أيضاً فى الوثيقة المرفوعة أمام المحكمة الكندية التى تفضح وبشكل مباشر سلوكيات المشايخ الذين ترسلهم وزارة الأوقاف أيضاً قيام هذا الشيخ بخيانة الأمانة واستغلاله لمنصبه كإمام وقيامه بجمع المال عن طريق الرقية لإقناع بسطاء الناس بطرد الأرواح الشريرة بأسعار باهظة، وتقديم الوعود لهم بشفائهم من العين والجن والسحر إلى جانب استخدامه المنبر وخطبة الجمعة لأغراض شخصية للهجوم على مخالفيه وزرع الشقاق فى المسجد.
وذكر الموقعون على العريضة بأن الشيخ يعمل تحت الطاولة -ويخدع الدولة والقوانين مما يعطى مثالا سيئا للغاية لأبناء الجالية، وهذا يتناقض تماما مع عقد عمله، مستغلاً مكانته كإمام من خلال تأثيره الدينى على المصلين لجمع الهدايا والأموال، مؤكدين خيانته للمؤسسين -المصريين للمسجد الذين كانوا السبب فى استقدامه عن طريق الأوقاف- وتواطئه مع مجموعة فى مجلس الإدراة لطردهم مما تسبب فى خسارة المسجد لأكثر من 12 ألف دولار كتكاليف قانونية، وضياع آلاف أخرى من الدولارات من تبرعات أعضاء الجمعية الثقافية لمساعدة المرأة والطفل كان من الممكن استخدامها لصالح الجمعية.
وانتهت الوثيقة المعروضة على القضاء الكندى حالياً إلى أن هذا الشيخ الموفد من الأوقاف المصرية أدت نواياه غير الأخلاقية بإحضار صديقه - إمام أزهرى آخر- ويدعى الشيخ أحمد طه للتلصص على فتاة جزائرية الجنسية وتبلغ من العمر عشرين عاما وتعمل موظفة فى محل تجارى -حلواني- ملاصق للمسجد، حيث قام الشيخ عبده مستغلاً صداقته لصاحب المتجر، وفى غيابه قدم الفتاة لصديقه، الذى عاد مرتين للفتاة وضايقها محاولا إعطاءها رقم هاتفه وألح عليها للقاء به فى مكتب الشيخ عبده داخل المسجد.
شكاوى أخرى متعددة ضد عدد من المبتعثين من المقرئين والوعاظ تقدم بها مجموعة من المصلين بمركز التوحيد الإسلامى بشأن ضعف حفظ القرآن عند البعض منهم ، فضلا عن إصدار الفتاوى الخاطئة التى تتعارض مع فتاوى العلماء المؤهلين. أما الواقعة الأكثر إثارة للجدل فكانت تلك التى تضمنتها إحدى الشكاوى ضد أحد الشيوخ من المقرئين الذى أعطى لأحد المصلين حجابا ولزوجته حجابا آخر مختلفا بعد أن أمر الرجل أن يقول لزوجته أن تأتى إلى المجلس بملابسها الخارجية فقط دون الداخلية، وواقعة أخرى بطلها شيخ آخر يدعى رمضان الدكرورى من محافظة المنيا، والذى طرد من المسجد بسبب اختلائه بامرأة فى بيته قبل الزواج منها سرا وعندما تمت مواجهته كان رده: أنا حافظ للقرآن، فقالوا له: هو حافظ القرآن معصوم وحلال عليه يختلى بالستات؟ فصارت سيرة الشيخ على كل لسان بدلا من أن يكون القدوة الحسنة للمسلمين هناك.
كما قام الشيخ رمضان نفسه بجمع تبرعات بسبعمائة ألف دولار لمسجد القدس الذى ضجت قضية فساد مجلس إدارته أرجاء مدينة مونتريال من خلال التفاصيل التى كشفت عنها القضية التى نظرتها إحدى المحاكم الكندية ضد رئيس المسجد «ع» مغربى الجنسية الذى اعترف أمام القاضى الكندى أنه عاطل عن العمل منذ سنة 2002م ويعيش على مساعدات الدولة الكندية! والكارثة أنه اتخذ الطابق العلوى للمسجد سكناً له ولزوجته على حساب تبرعات المسلمين دون علمهم وموافقتهم، وكشفت المحكمة أنه يسافر خمس مرات كل عام وهذا يكلف مبالغ طائلة، ولا أحد يدرى أين ذهبت ملايين الدولارات التى يتبرع بها المسلمون!!
مروان بن سالم صاحب «متجر حلوانى» وأحد الضحايا حيث تبرع لمسجد التوحيد بـ17 ألف دولار بشرط ذهاب تلك التبرعات لأنشطة لصالح الشباب والأطفال، لكنه اكتشف أنه قد تم الاستيلاء على أمواله وأن المسجد عليه ضريبة للدولة الكندية حاليا تقدر بـ25 ألف دولار وذلك بسبب فساد الشيوخ وسوء إدارتهم.
مروان نفسه يروى أن ذلك حدث بسبب تواطؤ الشيخ عبده الذى خدع المصلين بطلب التبرعات ثم اكتشفوا أن الأموال لم تذهب فى أى أنشطة وأن المسجد مديون للدولة.
ويرجع مروان الـمشكلة إلى أن هؤلاء المشايخ الذين يأتون إلى كندا وأمريكا وأوروبا لا يتحدثون لا اللغة الفرنسية ولا حتى الإنجليزية ولذلك يتقوقعون فى الـمساجد وبسبب الفراغ الذى يعانون منه يقومون بكل هذه الأخطاء فبدلا من أن يدرسون أمور الدين للأطفال باللغة الفرنسية والإنجليزية تجد الـمساجد فارغة فى الأيام العادية ولا يعـمل المشايخ بشكل فاعل سوى ساعة واحدة فقط فى خطبة الجـمعة، أما باقى الأيام فالصلوات الخـمس لا تتعدى ربع ساعة لكل صلاة، ولذلك يجد الواحد منهم الفرصة سانحة لإقامة علاقات مربحة مع رجال أعـمال ويطلبون منهم الهدايا، ويصل بهم الأمر إلى إيهام الناس بأن الجن يسكن أجسامهـم ويتقاضون منهـم مئات الدولارات على الرقية الشرعية,الأمر الذى لا يصب فى مصلحة الدين وأنما يورث الجهل والسـمعة السيئة للأزهر الشريف ومصر وللـمسلـمين جميعاً.
كما اشتكى لنا كل من محمد عبد الرازق ومصطفى شريد ومحمد حموية- أعضاء الجالية فى مونتريال- من عدم أهلية المشايخ الذين ترسلهم الأوقاف للتواصل مع أبنائهم بسبب عدم إجادتهم اللغة، وطالبوا السفارة والحكومة الكندية بإجراء اختبار لغة فرنسية أو إنجليزية لجميع المشايخ المبتعثين داخل السفارة أو تحت إشرافها قبل منحهم التأشيرة.
وعلى شاكلة الشيخ عبده أبو شمعة والشيخ محمد أحمد غنيم بطل الواقعة التى هزَت الجالية الإسلامية فى مونتريال- منذ عدة سنوات عندما حضر إلى مسجد الأمة ليؤم الناس فى صلاة التراويح ويقرأ القرآن الكريم بصوت جميل، إلا أنه ارتكب جريمة تزوير فى الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك، حيث خطّطَ للزواج بفتاة تحمل الجنسية الكندية كى يضمن من خلالها البقاء فى كندا والحصول على الإقامة الدائمة فيها ساعده فى ذلك إمام المسجد حيث قام بتزويجه وكتابةِ عقدِ الزواج دون التأكد من صدقه أو كذبه.
وبعدها قام الشيخ بإحضار إقرار من القنصلية المصرية شهد فيه شهادة مزورة بأنه لم يسبق له الزواج من قبل وتزوج الفتاة وكانت المفارقة أن شهد الشيخ الواعظ المرافق له على عقد الزواج وهو يعلم أنه متزوج فى مصر، فعاش مع الفتاة وكان عالةً عليها حيث استغل وظيفتها فتكفلت بدفع إيجار الشقة التى كانا يسكنان فيها، وبعد عدة أشهر اكتشفت الفتاة حقيقة أمره فاعترف لها أنه متزوج وله أولاد فى مصر، فطلبت منه الطلاق على الفور، فطلقها وفر هارباً إلى مصر قبل إعطائها فرصة اللجوء إلى القانون الكندى حتى لا يمكنها من نيل حقوقها أو كشف تزويره خصوصاً أن القانون الكندى يجرم الزواج بأكثر من واحدة.
كما كانت هناك الوقائع الأخيرة التى تخص الشيخ إسماعيل عبدالبارى التى تثبتها الأوراق التى حصلنا عليها بأنه خدع امرأة تونسية تحمل الجنسية الكندية وأوهمها أنه تزوج بها بدون نيته فى الطلاق لكنه عندما قدم أوراقه للحصول على الإقامة الدائمة طلقها غيابياً دون إعطائها أى حق من حقوقها وعندما تأخر فى الحصول على أوراق الإقامة الدائمة هرب إلى مصر قبل أن يفتضح أمره وشيخ آخر يدعى الشيخ رمضان الدكرورى تزوج امرأة سرا وعندما علم المصلون فى المسجد الذى يؤم الناس فيه بذلك قاموا بطرده.
أيضا كل من الشيخ هانى سعد وشقيقه الشيخ زين العابدين اللذين اشتكى منهما المصلون فى المساجد التى كانا يؤمان فيها فى رمضان بسبب الإلحاح فى طلب المال الذى اعتبره كثير من المصلين تسولا لا يليق بحفاظ القرآن. حتى إن أحد المصلين شهد أنه عندما واجه أحد هذين الشيخين قال له: نحن نطلب مزيدا من المال لأننا نضطر لدفع الرشوة بمبالغ كبيرة للمسئولين فى وزارة الأوقاف كى يسهلوا لنا السفر فى رمضان إلى أمريكا وكندا وأوروبا.
وهناك العديد من القصص المشابهة أبطالها مشايخ أوفدتهم الأوقاف ليس لشرط الكفاءة ولكن لقيامهم بدفع مبالغ من أجل أن يتم ترشيحهم للسفر للبلدان الغربية وعندما يصلون إلى تلك البلدان يرتبطون بسيدات يحملن جنسية البلد بقصد الحصول على الإقامة الدائمة فيها ويُحضرون أوراق طلاق مزورة لزيجاتهم فى مصر بواسطة المأذون بعد أن يتم إغراؤهم بالمال.
وقد كتبت إحدى ضحايا هؤلاء المشايخ شكوى بخط يدها من أجل تسليمها للمسئولين فى مصر وعلى رأسهم الرئيس السيسى نفسه تناشد فيها السلطات المصرية منع هؤلاء وأمثالهم من السفر مجددا إلى كندا والغرب لأنه يشوهون سمعة مصر والإسلام، كما ناشدت السلطات الكندية باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم باعتبارهم لا يمثلون الإسلام الوسطى والتعايش مع الآخر بسلام واحترام.
وفى مدينة مونتريال العاصمة وجهت البلدية فى شارع جان تالون فى منطقة سانت ميشيل إنذارا لمسجد آخر يحمل نفس الاسم التوحيد لعدم وجود رخصة بإقامته وهو مسجد ملاصق للمسجد محل الشكوى حيث تم افتتاح مسجد بنفس الاسم بعد جمع تبرعات من المصلين لكن تفاقمت الانشقاقات والمشاكل داخل المسجد بسبب سلوكيات مشايخ الأوقاف، الذى أصبح هدفهم الأسمى جمع التبرعات وتقديم الفتاوى التى تبيح لهم سرقة الكنديين وخداعهم تحت مبرر أنهم كفار والأسوأ أن الشعب الكندى أصبح يعلم ذلك مما يعطى انطباعًا سيئا عن الدين الإسلامى والمسلمين.