الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

التعذيب الجنسى فى شارع الهرم

التعذيب الجنسى فى شارع الهرم
التعذيب الجنسى فى شارع الهرم


على باب سرداب وجد أسفل إحدى عمارات شارع الهرم بالجيزة، وتحديداً بمنطقة المريوطية كتبت جملة «الداخل مفقود والخارج لم يسبق أن خرج حيا»، المكان الذى استغله أحد سكانه بالاتفاق مع اتحاد الملاك بعد معاناة شديدة مع المسئولين فى تبنى مشروعه القومى وتخصيصه لمتحفه «متحف التعذيب» الذى يعد الأكبر ليس فى الشرق الأوسط فقط، بل فى العالم كله.

دكتور محمد عبدالوهاب الباحث التاريخى والمتخصص فى التعذيب السياسى بدأ فكرة مشروعه منذ حوالى ثلاث عشرة سنة وتحديداً عام 2003م عندما استشعر ازدياد حدة العنف والبطش الذى يمارسه الغرب ضد شعوب العالم ليعيدوا سيرتهم الأولى التى بدأوها منذ قرون عديدة وتحديداً أيام الإغريق والرومان وممارستهم لأقسى أنواع القمع والتعذيب ضد البشرية.
المتحف يضم أكثر من 760 قطعة من أقدم أدوات التعذيب فى العالم معظمها أصلى حصل عليها من أكثر من 20 دولة منها «أمريكا ــ تركيا ــ إسرائيل ــ إسبانيا ــ إيطالياــ فرنسا ــ النمسا ــ روسيا».
أدوات التعذيب بالمتحف تبدأ من بدء الخليقة وتحديداً منذ أن شهدت الإنسانية أول جريمة قتل «قتل قابيل لأخيه هابيل»، والأداة التى استخدمت وقتها «الحجر» الذى صنع منه د.«عبدالوهاب» نموذجاً مشابهاً، كما تم وضع غراب يدفن مثيله بجوار الحجر ليعبر المشهد بشكل كامل عن هذه الجريمة التى أرسل الله بسببها الغراب ليعلم «قابيل» كيف يوارى سوءة أخيه.
لم يخل المتحف  كذلك من وضع نموذج للمنجنيق الذى قذف به خليل الله «إبراهيم» ــ عليه السلام ــ فى النار.
فى مدخل السرداب المخصص لأدوات التعذيب أو المقبرة كما يحب د.عبدالوهاب أن يطلق عليها، نجد شعارا كبيرا لمحاكم التفتيش مطرزا بالسيرما، وهو عبارة عن الصليب الأحمر وغصن الزيتون والسيف وشعار التاج الإسباني، وخلف الشعار وضعت الأدوات التى شهدت مأساة المسلمين واليهود والمسيحيين على يد قساوسة محاكم التفتيش والتى كان المنسق العام لها القس «توماس دى توركيمادا» ومن أساليبهم البشعة فى فنون التعذيب استخدام «العذراء» وهو عبارة عن صندوق خشبى طولى مليء بالمسامير الضخمة المدببة المنتشرة بطول الصندوق، وله رأس أنثى يوضع الإنسان بداخله ثم يغلق لترتشق المسامير داخل جسده لتقضى عليه. جناح محاكم التفتيش يضم أيضاً  كراسى خشبية بمسامير حديدية والتى كانوا يجلسون عليها من يريدون تعذيبه لترتشق المسامير بمؤخرته فتدميها وتظل تنزف حتى موته، من وسائل التعذيب التى استمرت عبر العصور حتى وقتنا الحاضر، الاغتصاب الجنسى  سواء للأنثى أو للذكر، وجناح التعذيب الجنسى يحتل فى متحف د.«عبدالوهاب» مساحة كبيرة، خاصة أن مسألة التعذيب الجنسى هى متعة للبعض وعذاب للبعض الآخر، ومتعة المغتصب ليست فى اللذة الجنسية فقط وإنما متعته الأكبر تكون فى لذة التعذيب الذى اعتاده كواحد من أدوات القمع التى يستخدمها ضد البشر، كنوع من الإذلال النفسي.
التعذيب الجنسى يتم فى صور عدة، منها اغتصاب الزوجة أمام زوجها أو الابنة أمام أبيها أو الأخت أو الأم فيظل الشخص يتعذب بتأنيب نفسه لعجزه عن الدفاع عنهن، وهو أقسى أنواع التعذيب النفسي، خاصة عندما يضع المعتدى أو المغتصب الملابس الداخلية لمن يخصونه أمام عينه بشكل مستمر ليذكروه دائماً بعاره، أما إذا كان المعتدى عليه ذكرا، فهذا هو العار نفسه، والذى يلاصقه طوال حياته لا يفارقه إلا بالموت.
من أبشع أنواع التعذيب الجنسى أيضاً، أن يجبر الابن على ممارسة الجنس مع أمه أو أبيه لنزع الاعتراف.
من الأجنحة المهمة بالمتحف جناحا «جوانتنامو» و«أبوغريب» والعامل المشترك فيهما هو الكيان الأمريكى الغاشم، الذى للأسف يدعى الحرية والديمقراطية وهو أبعد ما يكون عنهما، والجناحان يضمان مجسمات وأدوات تعذيب تم استخدامها بالفعل داخل المعتقلين، كما يضم الجناح الملابس الحقيقية للجنود الأمريكان الذين قاموا بتعذيب المعتقلين هناك.
أما حادثة «دنشواي» فقد اختصها المتحف بجناح ضخم، خاصة وأنها من أشهر جرائم الظلم والقمع التى مارسها الإنجليز ضد المواطن المصرى عام 1906م، الجناح يضم نماذج للفلاحين الذين حكم عليهم ظلماً بالإعدام شنقاً والبعض جلداً والبعض سجناً، كما يوضع فى الجناح نموذج للمشنقة التى تم عليها تنفيذ حكم الإعدام، والعروسة التى تم عليها تنفيذ عقوبة الجلد.
من أشهر القضايا التى تبناها د.«محمد عبدالوهاب» ليس كونه صاحب ومؤسس «متحف التعذيب»  فقط، بل كونه باحثاً تاريخياً هى قضية «سليمان الحلبي» الذى حكم عليه الفرنسيون على يد السفاح «مينو» بإعدامه من خلال وضعه على الخاذوق بعد حرق يده اليمنى وتركه للطيور الجارحة لتلتهمه فى منطقة «تل العقارب» بالسيدة زينب لاتهامه بقتل «كليبر» عام 1800م القضية هى محاولة استرداد رفات وجمجمة «الحلبي» من فرنسا، وسليمان الحلبى هو الشخص الوحيد الذى أخذته الحمية نصرة لمصر وشعبها، رغم كونه سورياً، خاصة بعد غيرته الشديدة على نساء المصريين اللائى اغتصبن على يد جنود الاحتلال الفرنسى وقتل الشيوخ والأطفال، وتدميرهم أحياء مصر ومنها حى «بولاق أبو العلا»، وإلقاء شيوخ الأزهر من أعلى الجامع الأزهر ودفنهم فى مكان غير معلوم.
الغريب أنه على مدار تاريخ حكام مصر منذ 216عاماً وقت قتل «الحلبي» لم يفكر أحد منهم فى رد اعتبار هذا البطل الشعبى الكبير باسترداد رفاته وجمجمته التى كتب عليها الفرنسيون المحتلون «مجرم سليمان الحلبي».
المتحف يضم أيضاً كرسى الإعدام الكهربائي، وكلابشات حديدية بعضها يتعدى الخمسمائة عام، ومناشير صلبة لشطر الإنسان نصفين وأدوات كثيرة صغيرة الحجم خاصة بتحطيم الأصابع وفقء العينين وقطع اللسان والثدى وكسر الفكين وانتزاع الأظافر والأسنان، وأقفاص حديدية خاصة بالحبس الانفرادى صنعت على حجم الجسم فى وضع القرفصاء وأخرى فى وضع الوقوف.