الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لو اشتريت «تاتا نانو» تبقى «هندى»

لو اشتريت «تاتا نانو» تبقى «هندى»
لو اشتريت «تاتا نانو» تبقى «هندى»


مع ارتفاع أسعار السيارات على خلفية الصعود المجنون للدولار، أصبح الحصول على سيارة رخيصة حلمًا يسعى الكثيرون إليه، وهو الباب الذى ينفذ منه نصابون يبيعون للمخدوعين: «العتبة الخضراء».
سيارة خاصة، بمقدم لا يزيد على 10 آلاف جنيه، وقسط شهرى 350 جنيهًا، هذا مبلغ متاح، والقسط لا يزيد عما يسدده الموظف فى المواصلات الآن، أو يزيد قليلا، لكن مع السيارة فهو بعيد عن الحر والتراب والتزاحم وما إلى ذلك من منغصات.

إغراء كبير التقطه أحد المجهولين ليعد فخًا، عبر إعلان على مواقع التواصل الاجتماعى عن سيارة هندية، تنتجها شركة «تاتا» بمحرك سعته 650 سى سى، وهى الأقل استهلاكًا للبنزين فى العالم، والسيارة الوحيدة التى تنافسها هى يابانية الصنع وسعة محركها 850 سى سى.
صاحب الإعلان ويدعى رضا غازى، أخذ يعدد مميزات سيارته، فقال إنها ذات جسم خارجى مصنوع من الصلب وأنها أفضل سيارة موجودة فى السوق وتتميز بأن بها تكييف بارد وساخن، أوتوماتيك، وباور، وفتحة سقف، واقتصادية فى البنزين فلا تستهلك سوى لتر لكل 30 كيلومترًا.
الأغرب كان سعرها الذى تفاجأ به الجميع وهو 25 ألف جنيه، كما أن هناك إمكانية للتقسيط، والأقساط مريحة إلى أقصى حد ففى أحد العروض وصل القسط الشهرى إلي 350 جنيها شهريًا، أى أنه أقل من إيجار شهرى لشقة فى حى شعبى.
ومن مميزات السيارة «تاتا نانو» المعلن عنها أنها ذات دفع خلفى بسعة أربعة ركاب، تتميز السيارة بأنها اقتصادية فى الوقود لدرجة كبيرة، وقد عُرضت للمرة الأولى فى معرض سيارات قبل 8 سنوات، ثم انطلقت تجاريًا بعدها بعام، وحققت نجاحًا كبيرًا حيث زادت الحجوزات عليها محققة أكثر من 200 ألف طلب، وبيعت السيارة فى بداية الأمر بما يعادل ألفى دولار أمريكى.
ومع طرح السيارة فى الهند، شهدت سوق السيارات المستعملة ركودًا، وتراجعت مبيعات سيارة «دايهاتسو ماروتى» التى تعتبر منافستها الرئيسية، لكن السيارة لم تثبت نجاحًا فى المنحدرات نظرًا لانخفاضها إلى الأرض وهو الأمر الذى أعلنت الشركة الهندية أنها تعمل على تلافيه فى الموديلات اللاحقة.
وتخطط الشركة لدخول السوق الأوروبية حيث عُرضت أول نسخة صدّرت من سيارات النانو أول مرة فى معرض جنيف للسيارات عام 2009 إٍلا أنها لم تُعرض للبيع آنذاك، وتم تحديث النموذج ليرتقى لمعايير الاتحاد الأوروبى فى السلامة والاٍنبعاثات، والسيارة لديها عدد من التحسينات زيادة على نموذج النانو الأساسى، بما فى ذلك قاعدة عجلات ممتدة، ومحرك 3 أسطوانات، نظام التوجيه آلى، ونظام كبح مانع للانغلاق «ABS» وستكون نانو الأوروبية أكثر تكلفة، وأثقل، وأقل كفاءة فى استهلاك الوقود من نانو القياسية، حيث يبلغ سعرها 6000 دولار أمريكى.
سيارة بهذه المميزات.. وهذا السعر كان طبيعيًا أن تلفت الأنظار، وهكذا انتشر الإعلان عنها على مواقع التواصل الاجتماعى كالنار فى الهشيم وبدأ كثيرون رحلة البحث عن السيارة الأنيقة الرخيصة التى لا تستهلك الطاقة.
ولم يكن الوصول صعبًا فالإعلان ذكر موقع الشركة وهو 54 شارع عرفات بحدائق القبة واسمها الشركة المصرية لاستيراد السيارات.
على أن الإعلان المريب حمل ما يدعو إلى عدم تصديقه، فالمستورد شخص غير معروف، وليس من رجال الأعمال الكبار، ولم يعلن عن منتجه فى وسائل الإعلام، وإنما على مواقع التواصل حيث لا رقابة ولا قدرة على التيقن من حقيقة الأمر، كما أن أشخاصًا ذهبوا إلى مقر الشركة المذكور فى «البوستات» فلم يجدوا لما يسمى بالشركة المصرية لاستيراد السيارات أثرًا.
حسمًا للأمر ذهبنا إلى عنوان الشركة بشارع عرفات بحدائق القبة، ولم نجد معرضًا أو شركة للسيارات بهذا الاسم وأكد سكان الشارع أنه لم يكن هناك معرض للسيارات هنا أبدًا، وأن ما يقال على مواقع التواصل الاجتماعى كذب وليس له أساس من الصحة، وأنهم لو عرفوا ذلك الشخص لقدموا ضده بلاغات لأن ما يحدث فيه إساءة لشارعهم.
محمود حلمى وهو محام من سكان شارع عرفات قال إنه يعتزم تقديم بلاغ لمباحث الإنترنت، لأن ما يحدث يمثل تشويها لسمعة المنطقة والسكان.
وأضاف: «هذه منطقة يمكن تصنيفها بالشعبية، وبالتالى فإن الناس حساسون تجاه أى مساس بسمعتهم، ويعتبرون وجود نصاب بينهم إهانة تلحق بالجميع».. مشيرًا إلى أن الأهالى يتمنون أن يقع المدعو رضا غازى بين أياديهم حتى يغسلوا سمعة منطقتهم.
وقال: «الناس ينزعجون من الأشخاص الذين يترددون على المنطقة للسؤال عن الشركة الوهمية، وهناك أشخاص جاءوا من المحافظات للبحث عنها، ولا أعرف ماذا يستفيد الشخص الذى خدعهم علمًا بأن أحدًا لن يعطيه أموالا من دون أن يرى السيارة بعينيه».
محمد عبدالرحيم عامل من سكان الشارع أكد أن الكثيرين سألوه من السيارة وقال لهم إنه لا يعرف عنها شيئا ولا يوجد معارض سيارات فى الشارع الذى يسكن فيه من 30 سنة، وأنه سبق للأهالى منذ عامين أن طردوا شبابا استأجروا مكتبا بالشارع فى نفس العنوان المنشور لمعرض السيارات، وادعوا أنها مكاتب توظيف وكان يأتيهم آلاف الشباب الذين يدفع الفرد الواحد منهم 30 جنيهًا، وعندما لم يحصل الشباب على شيء كثرت المشاجرات بعد أن استمروا فى شركتهم سنة، واتفق أهالى الشارع على طردهم بعد أن عرف الجميع أنهم نصابون وقد يكون من وضع إعلانات السيارات المجهولة فى ذلك العنوان هو أحد الشباب الذين كانوا هنا منذ سنوات.
محمود حنفى مدير المبيعات بمصنع سيدكو للسيارات بحدائق القبة قال إنهم كل فترة يسمعون عن سيارة بهذا الاسم إلا أنهم لا يعلمون عنها شيئًا وعندما سألوا فى الجمارك لم يجدوا سيارة بهذا الاسم والحقيقة أن هناك سيارة هندية الصنع، كانت مرشحة لدخول مصر وهى «تاتا»، وشهرتها فى النقل أكثر من الملاكى ومعظمها موديلات قديمة أما فى الحديث فتقريبًا لا يوجد معارض من التى تتعامل فى الاستيراد تتعامل فى سيارة بهذا الاسم.
محمود اليمانى يعمل بشركة البطل الرومانى للسيارات قال: سمعنا عن هذه السيارة منذ عامين والموضوع لا يخرج عن كونه نصبا فلا نعرف سيارة بهذا الاسم وليس هناك سيارة استيراد يمكن أن يكون سعرها 25 ألف جنيه وقسطها 350 جنيها، فالجمارك تجعل الأسعار مرتفعة ولا أحد ينسى الزيادات التى حدثت مؤخرًا بسبب زيادة الدولار فكيف يكون هناك سيارة بهذا السعر.
وقال: «الأفضل ألا نقتفى الأوهام، هناك سيارات فى مصر بأسعار معقولة، ولو كنت سأشترى سيارة فالطبيعى ألا أشترى منتجًا لم يختبر فى السوق المصرية بعد».. مضيفًا: «حتى لو كان الكلام صحيحًا، فإن المنتج نفسه مجهول ولا أحد يعرف الكثير عن جودته.. بوسع المستهلك أن يشترى سيارة مستعملة وهذا أفضل كثيرا من سيارة سعتها 650 سى سى، لأن هذه السيارة لا يمكن أن تكون ذات محرك قوى».
الشخص الذى يعرض السيارة ويحث المواطنين على اقتنائها قال فى كتاباته على مواقع التواصل بعدما شكك رواد الصفحة فى حديثه: «إن السيارة موجودة بالفعل وبتمويل من بنك ناصر الاجتماعى». وهو الأمر الذى نفاه البنك على لسان محمد شومان نائب رئيس مجلس إدارة البنك الذى أكد: «البنك ليس له أى علاقة بتمويل سيارة بهذا الاسم وأن ما ينشر فى هذا الأمر ليس له أساس من الصحة».
وأضاف: إن البنك بالفعل يمول السيارات لصالح عملائه، لكنه لا يفرض سيارة على العميل وله شروط يضمن بها تمويلاته.
وبالاستعلام عن السعر الأصلى للسيارة النانو الهندى تبين أنها تبلغ 31 ألفا و288 جنيهاً بدون أى رسوم جمركية أو مصروفات شحن وليس 25 ألفًا كما ادعى المعلن.
وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل، نفى ما يتردد حول أن المشروع مصري 100% وقال إنه لم يسمع عن هذه السيارة من قبل ولم نروج ونحذر من التعامل مع المعلن.
كما أن جهاز حماية المستهلك، نفى وجود سيارة بهذه المواصفات أو الاسم فى مصر وأكد عاطف يعقوب رئيس الجهاز، عدم وجود سيارة بهذا الطراز فى مصر وأن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعى من ادعاء شخص يُسمى رضا غازى ببيع هذه السيارة واستلام مقابل حجز مادى يعد نصبا.
وشدد الجهاز على أن الأمر «نصب فى نصب» وما تم رصده على مواقع التواصل الاجتماعى، وبعد التقصى عن موقع الشركة، والذهاب إلى حدائق القبة، ظهر أنه لا يوجد أى شىء، وبالتالى فإن الجهاز يحذر من التعامل مع هذه الشركة.
وكشف الجهاز عن أن النصب باسم شركة «تاتا» الهندية ليس جديدًا، فقد سبق أن ألقى القبض على شخص يزعم أن لديه توكيلا لها فى مصر، وبالتقصى ظهر أنه نصاب وقد حكم عليه بالسجن ومات خلف القضبان.