الجمعة 11 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رجال «البابا» فـى تـل أبيـب

رجال «البابا» فـى تـل أبيـب
رجال «البابا» فـى تـل أبيـب


وسط حالة من الذهول داخل الأوساط الكنسية، فاجأ البابا تواضرس الثانى الجميع وقام بإرسال وفد رفيع المستوى إلى إسرائيل ضم كلاً من الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس وأسقف عام كنائس وسط القاهرة، والأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص ومنسق العلاقات بين الكنيستين القبطية والإثيوبية، والأنبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأنبا أنطونيوس مطران القدس، للقاء وفد الكنيسة الإثيوبية برئاسة مطرانها فى القدس للتفاوض حول ملكية دير السلطان المتنازع عليها بين الكنيستين المصرية والإثيوبية. وتنفرد «روزاليوسف» بنشر تفاصيل المفاوضات التى صرح بها أحد أعضاء وفد الكنيسة.

التمهيد لزيارة القدس
على الرغم من أن الكنيسة القبطية قد أعلنت أن المفاوضات كانت بدعوة من الكنيسة الإثيوبية بسبب رغبتها فى ترميم الدير الذى تعرضت أجزاء كبيرة منه للهدم وعدم استطاعة الكنيسة الإثيوبية الحصول على تصريح بالترميم من السلطات الإسرائيلية، كما أن الكنيسة الإثيوبية ليست لديها القدرة على تحمل تكلفة الترميم إلا أن المصدر نفى تلك المزاعم وكشف عن الحقيقة بقوله: «هناك عملية ترميم واسعة سوف تتم لكنيسة القيامة والقبر المقدس، وسوف تقوم بها لجنة دولية متخصصة فى أعمال الترميم على نفقة الملك عبدالله ملك الأردن نظرا لوجود تلفيات كبيرة بالكنيسة ودير السلطان يقع أعلى «سطح» الكنيسة ويعتبر من ملحقات كنيسة القيامة التى سوف تشملها عمليات الترميم».
مضيفا: «هناك دراسة أعدها الأنبا بولا أسقف طنطا ورئيس لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس تدور حول حتمية السماح للأقباط بزيارة القدس وآليات تنفيذ هذه الدراسة، حيث كانت أكبر التحديات التى تواجه تلك الدراسة هى مشكلة دير السلطان وعرض بولا فى الدراسة كيفية تخطى هذا الحاجز لأن اغتصاب الدير كان سبباً من الأسباب التى دعت البابا كيرلس السادس ومن بعده البابا شنودة الثالث لمنع زيارة الأقباط للقدس».
بين الملكية والحيازة
تقترح الدراسة التى قدمها الأنبا بولا إلى البابا الذى وافق عليها وطلب التسريع فى تنفيذ ما جاء بها من اقتراحات أنه فى ظل تمسك الكنيسة الإثيوبية بالدير وعدم قبولها التفريط فيه أو مشاركة الرهبان الأقباط الإقامة فى الدير فإنه يقترح أن يعرض على الكنيسة الإثيوبية عمل بروتوكول يقضى بأن الدير ملك خالص للكنيسة القبطية، ولا يحق التصرف عليه بالبيع أو الشراء على أن تقر الكنيسة القبطية بتنازلها عن حيازة الدير للرهبان الأحباش مدى الحياة بإيجار رمزى ولا يحق لها إخلاء الدير منهم أيًا كان السبب لتزف الكنيسة البشرى السارة لرعاياها باستعادة ملكية دير السلطان وزوال السبب الرئيسى لمنع الزيارة إلى القدس واعتبار الزيارة دينية لا علاقة لها بالتطبيع الذى هو شأن سياسى لا تتدخل الكنيسة فيه.
الأمر الواقع
وأصر وفد الكنيسة الإثيوبية على أن تتنازل الكنيسة القبطية عن استئناف الدعوى القضائية المرفوعة أمام المحاكم الإسرائيلية ضد الحكومة الإسرائيلية لرفضها تنفيذ حكم المحكمة العليا فى إسرائيل بتمكين الكنيسة القبطية من دير السلطان تلك الدعوى التى كانت قد انقضت بوفاة الأنبا إبراهام مطران القدس السابق، حيث كان من المقرر نظرها يوم وفاته وانقضت لعدم حضور المدعي، واقترح وفد الكنيسة الإثيوبية أن يتم توقيع بروتوكول «أخوية قبطية إثيوبية» يكون دير السلطان مقرا لها وهو ما رفضته الكنيسة القبطية وتدخل بطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس فى تقريب وجهات النظر، وأبدت الكنيسة القبطية مرونة بمنح بعض الوعود بإقامة مشروعات كنسية كبيرة فى إثيوبيا وطالبت بأن يقوم بطريرك الأحباش فى القدس بعرض تلك المقترحات على رئاسة الكنيسة فى إثيوبيا، وهو ما وافق عليه البطريرك وتنتظر الكنيسة القبطية رد أديس أبابا عليها.
التطبيع المبكر
على الرغم من أن المفاوضات التى جرت بين الكنيستين القبطية والإثيوبية بشأن دير السلطان لا معنى لإجرائها فى إسرائيل، وكان من المفترض أن تتم فى القاهرة أو أديس أبابا، إلا أن الكنيسة القبطية أرسلت وفدا من كبار أساقفتها فى دلالة واضحة على قرب التطبيع الكامل والسماح بزيارة القدس خاصة أن زيارة الوفد قد شملت زيارة بعض المعالم الدينية وحضور الاحتفالات الدينية، ومن المتوقع أن يصدر قريباً قرار بابوى بالسماح للأقباط بزيارة القدس على أن تتولى الكنيسة تنظيم تلك الرحلات، ومن المتوقع أن يصدر القرار قبل عيد الميلاد المجيد فى بداية العام القادم، حيث يكون هذا التوقيت من العام هو موعد «التقديسة المريمية»، وهى المناسبة الأصغر فى الزيارات وتشبه «العمرة» لدى المسلمين، أما الزيارة الكبرى فتتزامن مع الاحتفالات بعيد القيامة والذى يحل فى شهر مايو القادم، والجدير بالذكر أن دير السلطان من أهم الأماكن العربية المقدسة بالقدس الشرقية بناه الوالى المصرى منصور التلبانى عام 1092 فوق كنيسة القيامة بترخيص من الوالى العثمانى جلال الدين، ويتكون من مجموعة من المبانى القديمة المتناثرة، واستولت إسرائيل على دير السلطان وسلمته إلى الرهبان الأحباش بعد طرد الرهبان المصريين منها بعد حرب يونيو 1967 ورفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية برد الدير إلى الكنيسة المصرية، وهو ما أثار غضب المسلمين والمسيحيين المصريين وقرر البابا الراحل كيرلس السادس حظر سفر الأقباط إلى القدس تحت الاحتلال الإسرائيلى بعد الاستيلاء على الدير، وهو القرار الذى أكده البابا شنودة الثالث، ويذكر أن الكنيسة المصرية رفعت أكثر من 100 دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكسبتها جميعا ضد الحكومة الإسرائيلية وأثبتت حقها فى الدير، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلى ترفض التنفيذ حتى الآن. 