السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كلمة إيران «بتنزل الأرض دايما»

كلمة إيران «بتنزل الأرض دايما»
كلمة إيران «بتنزل الأرض دايما»


صفحة جديدة من العلاقات الخارجية لإيران مع أمريكا وإسرائيل تفتحها بشكل رسمى بعيداً عن التصريحات العدائية التى روجتها على مدار أكثر من ثلاثة عقود متواصلة، فما أن وقعت إيران عقد الاتفاق النووى مع الغرب حتى أعلنت عن نيتها لفتح باب الصداقة مع أمريكا التى طالما وصفها المسئولون الإيرانيون بـ«الشيطان الأعظم» رافعين شعار «الموت لأمريكا» لأكثر من 36 عاماً هى عمر الثورة الإسلامية، بعدما أعلنت عدد من  وسائل الإعلام الإيرانية عن حذف الشعارات المعادية لكل من أمريكا وإسرائيل من المساجد والشوارع.

«الموت لأمريكا».. أحد أشهر الشعارات الإيرانية التى يرفعها الكثير من الأحزاب والحركات الإسلامية والسياسية فى أنحاء إيران، فلهذا الشعار قصة بدأت مع ميلاد الثورة الإسلامية التى قادها «الخوميني» عام 1979 لإسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، آخر ملك إيراني، فكانت علاقات الشاه بكل من أمريكا وإسرائيل وبريطانيا سبباً فى انتقاده من قبل «الخوميني» وأنصاره، الذين اتهموه بالعمالة وخيانة الوطن، ومن ثم بدأ الترويج بأن محاربة هذه الدول تأتى من باب مقاومة الاستكبار كما يطلقون عليها أى «إعلان عدم التبعية لأى من الدول العظمي»، فكانت هذه بداية رفع هذا الشعار من قبل «الخوميني» وتلاميذه والذى كان سبباً فى إسقاط النظام، إلا إنه كان يخفى وراءه جانباً كبيراً من التعاون بين أمريكا وإسرائيل، ولعل فضيحة «إيران كونترا» التى بموجبها تم بيع أسلحة إسرائيلية لإيران بقيادة «الخوميني» بموافقة أمريكية وقت حكم الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، لدعم إيران فى حربها ضد العراق، والتى عرفت إعلامياً بـ«حرب الخليج الأولي» والتى استمرت لثمانى سنوات (1988-1980).
هذا الشعار يبقى قائماً منذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا، ولأن أحوال السياسة متغيرة بتغير المواقف السياسية بدأت إيران مرحلة جديدة مع توقيع الاتفاق النووى مع الغرب، لم يقتصر الأمر على سياستها الخارجية مع الدول الأوروبية التى بدأت تهرول لعقد صفقات والاستثمار على الأراضى الإيرانية بمليارات الدولارت فحسب، بل بعلاقتها مع أمريكا وإسرائيل أيضاً، فمؤخراً نشر عدد من وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية الإيرانية، من بينها وكالة أنباء «ملى إيرانيان» أنباء عن حذف الشعارات المعادية لبعض الدول كشعاري: «الموت لأمريكا» و«الموت لإسرائيل» من بعض المساجد الإيرانية، كما جاء على لسان حميد رضا برات زاده، قائد قوات التعبئة الشعبية «الباسيج» التابعة للحرس الثورى الإيراني، على حد ما ورد بالوكالة.
وكان نظام الملالى قد أعلن عن رفع تلك الشعارات المعادية فى المساجد وجميع أنحاء البلاد باعتبارها دليلاً قاطعاً لعدم التبعية للغرب من ناحية، والترويج بأن عداء هذه الدول من صميم العقيدة والإسلام من ناحية أخرى فيضمن بذلك عدم تأثر الشعب بأية أفكار تأتى من الخارج تهدف للتغيير، ولعل تصريحات على خامنئي، المرشد الأعلى للثورة وتأكيده على أن الأفكار الغربية واتباع الموضة فى الأزياء للنساء أو الرجال تهدف لهدم الهوية الإسلامية خير مثال على هذا الأمر.
وعندما صعد الرئيس الإيرانى حسن روحانى للسلطة فى أغسطس 2013 بدأت أصوات الإصلاحيين تتعالى وتطالب بإلغاء شعار «الموت لأمريكا» سواء بشكل رسمى أى من تصريحات المسئولين أو فى استخدامها فى التظاهرات، للإعلان عن بداية صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات الإيرانية - الأمريكية والغرب بوجه عام. ومن أبرز المطالبين بحذف الشعار هاشمى رفسنجاني، الرئيس الإيرانى الأسبق الذى تولى حكم إيران فى الفترة من (1997-1989) والذى يشغل منصب رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام بإيران.
«رفسنجاني» استند فى دعواه إلى حذف الشعارات المعادية لأمريكا إلى أن «الخوميني» شخصياً فى أواخر حياته طالب بحذف وعدم استخدام شعار «الموت لأمريكا», مشيراً إلى وجود عدد من الوثائق المنسوبة لـ«الخوميني» التى تؤكد على صحة هذا الأمر وسعيه لحذف أية عبارات معادية حيال أمريكا، بحسب ما ورد بموقع «تابناك» الإخبارى الإيراني. وأضاف أن رفع هذا الشعار أدى إلى انتشار شحنة من العداء داخل الشعب الإيراني، حيث إنه أصبح من الدارج استخدام عبارة الموت لكل من يعترضون عليه.
وكانت صحيفة «اعتماد» الإيرانية قد نشرت مستنداً يؤكد صحة ما ورد على لسان «رفسنجاني»، حيث قال: إن «الخوميني» أصدر قانوناً بحذف شعار «الموت لأمريكا» من وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية والإذاعة والتليفزيون، إلا أنه لم يصدر فتوى رسمية بعدم استخدام هذا الشعار فى التظاهرات الشعبية.
وتزامن إطلاق حذف شعار «الموت لأمريكا» من المساجد الإيرانية، مع الدعوات الأمريكية التى جاءت فى أعقاب الاتفاق النووى والمطالبة ببداية عهد جديد قائم على الصداقة بين البلدين، ففى أواخر يوليو الماضى صرح جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية بأن أمريكا ضغطت على إيران من أجل وقف المطالبة بسحق وتدمير إسرائيل، والكف عن ترديد هتافات «الموت لأمريكا»، ولعل هذا ما يؤكد على وجود صفقة بين البلدين على خلفية الاتفاق النووى الذى عقد مؤخراً، والذى بموجبه بدأت إيران فى تغيير سياستها الخارجية مع الغرب وإسرائيل بشكل رسمى ومعلن.
فى السياق نفسه ذكر موقع «رئيس جمهورما» الإيرانى أن المحلل السياسى الأمريكى ماكس آبرامز، قال إن حذف هذه الشعارات يعد أحد بنود الاتفاق النووى الإيراني، وهو ما يفسر سر تغيير إيران لسياستها الخارجية مع الغرب، والذى يفسره بعض المحللين السياسيين بوجود صفقة مع إيران للعب دور إقليمى وتعزيز تواجدها فى المنطقة.
النظام الإيرانى فى الوقت نفسه يواجه أزمة لانقسام الآراء فى الشارع السياسى ما بين جنود «الحرس الثوري» و«الباسيج» التى قام الملالى بتربيتها على التصريح الدائم وتصدير لهجة العداء لأمريكا وإسرائيل وهو ما جعل مهمتهم أكثر صعوبة من النظام نفسه، فكيف يغيرون تصريحاتهم بين ليلة وضحاها أمام مريديهم فى إيران وباقى الدول العربية التى صدروها إليها أفكارهم ودعوهم للثورة على حكامهم وبين التيار الإصلاحى وقطاع ليس بقليل من الشعب الإيرانى المرحب بالعلاقات مع الآخر ولا يرى فيها أى حرج لترتفع دعوات عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تدعو لعودة العلاقات ليس مع أمريكا فحسب، بل إسرائيل أيضاً والتى تتمثل فى ممارسة «ضغط شعبي» على النظام كى يسلم بعودة العلاقات، ومن بين تلك الصفحات صفحة «إيران تحب إسرائيل» والتى قابلتها دعوات مماثلة من الجانب الإسرائيلى لإيران تحت مسمى «إسرائيل تحب إيران» والتى يرفع فيها عدد من المواطنين شعارات تدعو للسلام والحب مع الجانب الآخر، بل إن بعضها ينشر قصص حب تجمع بين إيرانيين وإسرائيليين، وتجارب لبعض المواطنين الذين هاجروا لإسرائيل، وهو ما تكرر مع إطلاق دعوات شعبية للسلام مع أمريكا ورسائل محبة من إيرانيين للأمريكان والرئيس الأمريكى باراك أوباما، الذى يحظى بحب قطاع كبير من الإيرانيين الذين يعتبرونه رمزاً للسلام، وأبرز دليل على ذلك رسائل التهئنة التى قدمها الإيرانيون له بعد فوزه بفترة رئاسية ثانية.