أسامة سلامة
الموت المفاجئ يستحق الانتباه يا وزير الصحة
فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، مات ثلاثة شباب بأزمات قلبية مفاجئة فى فترات متقاربة فى إحدى مدن النرويج الصغيرة، الحكومة النرويجية أزعجها الأمر بشدة، وكان التساؤل لماذا ماتوا فى هذه السن الصغيرة ودون سابق إنذار؟ ولماذا فى هذه البلدة الصغيرة؟ أرسلت وزارة الصحة النرويجية بعثة لدراسة الأمر وأخذوا عينات لتحليلها من التربة والنباتات والماء والهواء والأطعمة المنتشرة فى المنطقة، وانتهى الأمر إلى أن الوفيات طبيعية، هذه الواقعة قالها لى الدكتور أسامة عرفة أستاذ القلب بطب بنها الذى يعمل حاليا بالكويت، وكان وقتها يعد دراسة الدكتوراه بالنرويج، وتذكرتها الآن بعد حالات الوفيات المؤلمة لزملاء أعزاء رحلوا فى ريعان شبابهم بأزمات قلبية ودماغية دون أن تسبقها علامات أو شكاوى صحية، فقد فقدنا خلال شهور قليلة الزملاء باسم أبو العباس الذى توفى منذ أيام وسبقه بشهور الزميلان ضياء حرفوش وقطب الضوى، وهناك زملاء آخرون رحلوا بنفس الطريقة المأساوية، وكذلك لاعب الكرة أحمد رفعت والمدرب إيهاب جلال، ولدى أقارب وعدد من شباب بلدى فى أسيوط فجعنا بوفاتهم المفاجئة، كل هذه الحالات التى تتزايد يوما بعد يوم تدعونى إلى مطالبة وزير الصحة بدراسة أسباب الوفيات المفاجئة فى سن صغيرة، لا أستطيع أن أقول إن الأمر تحول إلى ظاهرة لأننى لا أعرف أرقام الوفيات بين الشباب نتيجة أزمات قلبية أو جلطات دماغية أو نزيف فى المخ، وهى أرقام موجودة لدى وزارة الصحة، فلديها سجلات مدون بها حالات الوفيات مقرونة بالسن والأسباب ولو طلب الوزير حصر الأعداد لكانت بين يديه أرقام مدققة من كل المحافظات، ووقتها يستطيع أن يعرف ويعرفنا إذا كانت حالات وفيات الشباب المفاجئة فى المعدل الطبيعى والعالمى أم لا؟ فإذا كانت الأعداد كبيرة أو بها زيادة لافتة للنظر فيجب الإسراع بعمل دراسة تكشف الأسباب التى أدت إليها وكيفية مواجهتها حتى ننقذ الشباب من هذا الخطر الذى يهدده؟ أعرف أن الدكتور شريف مختار أستاذ القلب والحالات الحرجة الشهير ورئيس الكلية المصرية لأطباء الحالات الحرجة بدأ منذ سنوات فى دراسة هذا الأمر ومعه فريق من الأطباء المعتبرين وقاموا بتدشين مشروع «انقذ حياة»، وهى محاولة لإنقاذ حياة الضحايا المحتملين والمعرضين للخطر من خلال دراسة الحالة الصحية لأقارب من توفوا فجأة، ولديه دراسة موثقة فيها تفسير لحالات الوفيات المفاجئة، وقد قام بنشر بعض منها فى مقالات له فى الصحف وفى بعض البرامج التلفيزيونية، وقدم شرحا وافيا لها فى إحدى حلقات برنامج «نظرة» الذى يقدمه الكاتب الكبير والإعلامى اللامع حمدى رزق، حيث قال «إن الدراسة شملت أكثر من (8780) مصريا فى 6 محافظات بين عامى (2014 - 2017)، وتراوحت الفئة العمرية للمشاركين فى الدراسة بين (4 و80 سنة) 65 ٪ منهم إناثًا و35 ٪ذكورًا، واتضح من الدراسة أن عوامل الوراثة لها دور كبير فى الوفيات المفاجئة، خاصة إذا اقترن بالسكر والضغط وزيادة الدهون فى الدم، فقد كشفت الدراسة أن (3٫5 ٪) من المشاركين يمتلكون تاريخا أسريا للوفاة المفاجئة، وجاء فى صدارة عوامل الخطر التاريخ الأسرى للإصابة بسكر الدم بنسبة (14 ٪)، تليه القرابة بين الوالدين بنسبة (12٫7 ٪)، والتاريخ الأسرى للإصابة بالضغط وأمراض الشرايين التاجية بنسبة (5 ٪ و12٫2 ٪)، فيما شكلت إصابة الشخص نفسه بمرض الضغط والكولسترول والسكر والتدخين نسبا أقل تراوحت بين (4-7 ٪).. وحين يشير عالم كبير مثل الدكتور شريف مختار إلى أن خطر الإصابة بالسكتات القلبية يزداد تعقيدا فى مصر، نتيجة عدم وجود إحصائيات عن حجم المشكلة وأعداد المرضى المعرضين للإصابة بصورة حقيقية ، فلابد من الانتباه لهذا الكلام والاهتمام به، ولعل وزارة الصحة تدعم مشروع «انقذ حياة»، أو تتبنى هى مشروعا مماثلا لمواجهة مخاطر الموت المفاجئ وأسبابه بين الشباب.