يوم القدس في القاهرة
احمد حمروش
روزاليوسف الأسبوعية : 10 - 07 - 2010
كان يوم 22 يونيو من الأيام التي سجلت في القاهرة مظهرا من مظاهر الاعتزاز العربي بمدينة القدس، عندما بادرت عدة هيئات حكومية وشعبية بإقامة احتفالية مشتركة بمبادرة من منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية.. ودعم من وزارة الخارجية التي أوفد وزيرها أحمد أبوالغيط السفير حسام زكي لإلقاء كلمة في الحفلة الافتتاحية مع ترحيب وتشجيع من وزارة الثقافة التي فتحت أبواب المسرح الصغير في دار الأوبرا للوافدين والمشاركين الذين احتشدوا من أجل تسليط الضوء واكتشاف الطريق لتحرير القدس من محاولات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي تعمل علي تهويد المدينة وترحيل سكانها العرب وإقامة أحياء يهودية علي الأرض العربية تنفيذا لمخططات الصهيونية التوسعية التي تعمل علي تثبيت الاستعمار الاستيطاني.. والتي عبر عنها الوزير فاروق حسني بكلمات في الجلسة الافتتاحية عندما قال: «ليس معني اغتصاب الأرض أن تضيع الأوطان، تلك الأوطان التي طالما صانتها الدماء.. والتاريخ لا تذكر صفحاته مدينة يناوشها الشر، ويتربص بها الغضب والعنف مثل القدس.. مدينة تكابد الهدم والتغيير والطرد والتضييق، كل ذلك وهي تحتفظ بكبريائها وبهائها وصمودها، والذي أراه درسا يجب أن يستوعبه الغاصب الحالي ليدرك أنه عرض زائل». وكانت الاحتفالية دعوة للضمائر الحرة في العالم نحو وقفة جادة ضد الاستيطان والطرد والهدم وتجمع لإيقاظ الهمة إنقاذا لعاصمة الأديان والعقائد والمذاهب من استئثار فئة تعتمد علي القوة التي هي دون الحق.
وقد أوضح نوري عبدالرازق - سكرتير عام منظمة التضامن - صورة ما يحدث الآن في القدس جاء فيها أن إسرائيل في ظل حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة ترفض ولا تقبل تجميد عمليات بناء المستوطنات كما يحدث في مستوطنات رامات شلومو، الحي الجديد الذي يخطط لضمه إلي القدس الشريف ويضم 250 ألف يهودي، وتصر أيضا علي مواصلة بناء 1600 مسكن جديد في المنطقة نفسها وأعلنت عن ذلك يوم وصول نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن.
وقد ورد عن رئيس وزراء إسرائيل أن البناء في القدس الشرقية مثل البناء في تل أبيب، لأن القدس ليست مجرد مستوطنة، لكنها عاصمة إسرائيل الأبدية.
وقد شاركت في الاحتفالية عدة رموز عربية.. من الأردن برئاسة صلاح القلاب رئيس إدارة صوت الإذاعة والتليفزيون الأردني.. والمغرب التي يرأس الملك محمد السادس لجنة القدس مثلها وفد يضم بن جلون الأندلسي وبديعة الراضي والقائم بالأعمال الفايد.
وكان التجمع الفلسطيني مظهرا من مظاهر الوحدة الوطنية التي يتطلع إليها شعب فلسطين باعتبارها أساسا للمقاومة من أجل التحرر والاستقلال.. وقد شارك السفير سعيد كمال - عضو سكرتارية منظمة التضامن والأمين العام المساعد للجامعة العربية سابقا - في الإعداد لهذه الاحتفالية والاتصال بجميع الشخصيات التي شاركت فيها وسفير فلسطين بركات الفرا.. ومن فلسطين المناضل تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والأستاذ المحامي غسان الشكعة رئيس لجنة التضامن الفلسطينية.
وكان مفروضا ومنتظرا مشاركة الشاعر الكبير سميح القاسم الذي حال المرض دون حضوره.. وكان نسيج التعاون واضحا في ندوات الاحتفالية، حيث رأس محمد أبوالعينين - عضو مجلس الشعب - ندوة عن التهويد والاستيطان في القدس أكد فيها أن الحق العربي والفلسطيني في القدس ثابت ومؤكد بالتاريخ وبالقانون الدولي، وثابت بالموقف الدولي الراهن المساند لهذا الحق. ورغم كل ذلك تتصاعد منذ فترة الممارسات الاستعمارية الإسرائيلية ضد القدس بوتيرة وتكثيف لم يحدث منذ عقود بهدف خلق وتكريس أمر واقع في القدس يصعب تغييره في أي مفاوضات للحل النهائي.
وقد وضعت إسرائيل مخطط إعادة هيكلة مدينة القدس، سمي مخطط 2020 يهدف إلي تخفيض الوجود العربي في القدس من خلال وسائل وأدوات عديدة منها تكثيف بناء المستوطنات وعزل القدس بأحزمة من المستوطنات عن محيطها العربي في الضفة الغربية وتبني سياسة منهجية ومخططة لتهجير الفلسطينيين من القدس لجعلهم أقلية في القدس بأساليب متعددة كهدم المباني واحتلال المنازل ومصادرة الأراضي وبعد أن كانوا الأغلبية عام 1967 أصبحوا اليوم 35% من السكان.
وقد أجمع المشاركون في الندوة التي اختتمت باحتفالية فنية رائعة علي أهمية توحيد الجهود للحفاظ علي هذه المقدسات ووضع خطط عمل مشتركة لتسليط الضوء علي ما تتعرض له من عبث وتدمير، والعمل علي حث المجتمع الدولي لاتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها وترميمها مما ينالها من التشويه والطمس.