«لعنة الفراعنة» تحبط عملية الكرنك

احمد باشا
لحادث الكرنك وجوه كثيرة.. لا تقتصر فقط على شهامة ويقظة مواطن (سائق التاكسى)، أو بطولة قوات الأمن من شرطة السياحة والآثار التى تعاملت سريعا مع الموقف واستطاعت إجهاض العملية الإرهابية بأقل الخسائر الممكنة، وحافظت على سمعة مصر السياحية فى هذا التوقيت الصعب !
نحن أمام تحول نوعى فى عمليات الإرهاب، وتصعيد خطير يتزامن مع تحركات دولية، وتحالفات إقليمية ومناورات عسكرية، وضغوط خارجية تؤثر فى المشهد داخل مصر وخارجها.. فلم تكن هذه العملية الفاشلة سوى قمة جبل الجليد لما يدور من أحداث وترتيبات ساخنة فى أسفله !
كان الهدف، بعد تضييق الحصار عليهم فى سيناء، والضربات الأمنية الموجهة للصفوف الثانية والثالثة للجماعة الإرهابية، وكذا تفكيك عدد من خلاياها التى قامت أو كانت تنوى القيام بتفجيرات متفرقة، أن يقوموا بعملية نوعية ذات صدى دولى واستهداف أحد أهم المعالم الأثرية على الإطلاق، بتكرار مذبحة الأقصر فى الدير البحرى، وكان الهدف هذه المرة معبد الكرنك لما يمكن أن يمثل ضربة قاصمة للسياحة المصرية وسمعتها دوليا!
التوقيت كشف عن مخطط جرى الترتيب له بدقة حيث كان يتزامن مع نفس لحظة انعقاد أكبر قمة إفريقية على الأراضى المصرية بشرم الشيخ لتدشين اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الإفريقية ووجود زعماء تلك الدول على الأراضى المصرية وقبل أشهر قليلة من افتتاح قناة السويس الجديدة.
خلية إخوانية حصلت على تدريب وتجهيز متقدم ودعم معلوماتى للقيام بهذه العملية التى كانت فى الأساس تستهدف فوجا سياحيا ألمانيا، وهو ما يعنى أن هناك اختراقا أمنيا فى هذه النقطة التى دلتهم على وجود هذا الفوج تحديدا فى هذا التوقيت بعد نجاح زيارة الرئيس السيسى لألمانيا وكانت آخر سند وظهير لهم افتقدوه !
حسب ما كشفت الأجهزة الأمنية أن الخلية الإرهابية كانت تسعى لإحداث تفجير مدوٍ داخل حرم معبد الكرنك يعقبه إطلاق نيران عشوائى فور وصول الفوج السياحى الألمانى ووقوع أكبر عدد من القتلى والضحايا ولتعكير العلاقات المصرية الألمانية مجددا، وكذا إصابة السياحة المصرية فى مقتل وهى التى بدأت فى التعافى !
كشفت المعلومات أن الخلية تضم عددا من الإخوان ينتمون لمحافظتى الشرقية وبنى سويف وبعضهم كان متوجدا فى اعتصام رابعة، واستطاعت الأجهزة الأمنية كشف شخصية أحدهم ويدعى (على جمال) من جماعة الإخوان واتهم مؤخرا بما يسمى «تنظيم أنصار الشريعة» وأن (على) وشقيقه المحبوس حاليا كانا متهمين وصادر ضدهما أحكام فى قضية اقتحام السفارة الأمريكية.
المفاجأة أن أجهزة الأمن عثرت على 3 كاميرات فى محيط الانفجار تم تركيبها من جهة مجهولة بالأقصر، كما قامت أجهزة الأمن بالقبض على مراسل لقناة الجزيرة فى موقع الحدث ويحمل كاميرا حديثة متصلة بالإنترنت مباشرة !!
حيث كان مخططا بث لقطات حية ومباشرة فور وقوع الحادث ولإذاعة مشاهد منه على قناة الجزيرة وعدد من المواقع.
الخيط التقطته أجهزة الأمن حيث انتهت لمعلومات مثيرة عن شبهات تدور حول تورط (أحمد منصور) المذيع بقناة الجزيرة وعضو الجماعة الإرهابية بالتمويل والتحريض لهذه العملية !
العملية الإرهابية الفاشلة التى نفذتها المجموعة الإخوانية استندت لفتاوى وتعاليم (سيد قطب) المذكورة فى كتبه والتى سماها مرحلة (النكاية والإنهاك والهادفة) !
إنهاك الأطراف الحاكمة من أجل تسهيل ضرب الدولة المصرية من الداخل !
ولما فشلت تلك المخططات وازداد تضييق الخناق على الجماعة الإرهابية وأزرعها كان الانتقال إلى حل أخير يتمثل فى عمليات نوعية صغيرة (رقص ما قبل الذبح).
كل ما جرى ويجرى وسيجرى فى الأيام المقبلة لا ينفصل عن المناورات البحرية التى تجريها مصر مع روسيا فى البحر المتوسط التى تمثل إشارة إلى ارتقاء التعاون العسكرى بين البلدين بما يقلق دولا إقليمية وغربية فكان الرد عبر تقرير مشبوه لمؤسسة (هيومان رايتسن ووتش) الداعمة للجماعة الإرهابية بهدف الضغط على الدولة المصرية.
وكان يسير معه بالتوازى استدعاء الخارجية المصرية للسفير الأمريكى ربما للمرة الأولى وإبلاغه احتجاجا شديد اللهجة على استقبال الإدارة الأمريكية لوفد جماعة الإخوان الإرهابية، وكذلك قيام السفير بمقابلات لعناصر من هذه الجماعة داخل البلاد مع إعطائه صورة مترجمة باللغتين الإنجليزية والفرنسية لبيان ما يسمى (نداء الكفانة) الصادر من مشايخ وفتاوى الإخوان المحرضة على القتل!
الحادث مؤشر لافت لهذا التحول فى الهجمات المتوقعة التى بدأت تضنع لنفسها أهدافا استراتيجية سياحية واقتصادية مثل قناة السويس وهو ما يستلزم يقظة أكبر، فلولا قوة ملاحظة وشهامة سائق التاكسى وفدائية افراد الشرطة فإن الأمر يحتاج يقظة أكبر وتشديدا فى الإجراءات حول المنشآت الاستراتيجية والسياحية.∎