تليفزيون «الأمير» خارج الخدمة
أحمد عطا
قبل ظهور هلال شهر رمضان كان ماسبيرو أشبه بخلية النحل يتوافد عليه نجوم الدراما التليفزيونية وقتها لطلب الرضا وللحصول على سبق عرض أعمالهم على القناة الأولى والثانية وفى توقيت مميز، وأتذكر آخر واقعة للنجمة نادية الجندى التى سعت بكل ما تملك من علاقات لمقابلة وزير الإعلام وقتها أنس الفقى لكى يحظى مسلسلها «هند علام» بالعرض على القناة الأولى فى أفضل فترة مشاهدة، ولا ينكر أحد أن فوازير رمضان علامة إبداعية انفرد بها التليفزيون المصرى ولم تعد موجودة الآن ، وكانت طرقات التليفزيون واستوديوهاته أشبه بموالد أولياء الله الصالحين الكل يتدافع حتى يحظى بشرف كتابة اسمه على عمل إبداعى، أما الآن فقد أسدل الستار على كل ما هو إبداعى رمضانى كان ينفرد به ماسبيرو قبيل شهر رمضان وتخلى قياداته عن عرش الدراما.
حتى القيادات التى كانت تتمتع بمهارة وسمعة إعلامية اختفوا ولم يعد لهم وجود وصار العاملون فى ماسبيرو يترجمون على أيام هذه القيادات وهم على سبيل المثال لا الحصر «سلمى الشماع، سناء منصور، لطيفة الشافعى، فاروق شوشة، عمر بطيشة، عبدالرحمن حافظ، ممدوح الليثى، سهير الأتربى، يحيى العلمى، راوية بياض» أما الآن فقد صار قيادات هذه الفترة بلا تاريخ دفعت بهم الصدفة ليتولى زمام الأمور فى ماسبيرو أمثال «عصام الأمير، مجدى لاشين، شكرى أبوعميرة، محمد عبدالله، على عبدالرحمن» ونفتح بالتفصيل دراما ماسبيرو وما هى الأسباب التى أدت إلى وصول ماسبيرو لهذه الحالة.
الدراما التى يحتكرها ماسبيرو الآن تصلح لأن تتحول إلى عمل درامى تراجيدى بعد أن ارتضى قياداته بالجلوس فى مقاعد المتفرجين أمام الشاشة.
قطاع الإنتاج على مستوى الأعمال الفنية التى قدمها عبر تاريخه كان ملكا متوجا على عرش الدراما، حتى إن المشاهد المصرى
ما زال يتذكر عبارة «قطاع الإنتاج» يقدم، هذه العبارة سبقت أعمالاً فنية تعد من كلاسيكيات الدراما التليفزيونية التى لم يعد لها وجود فى ظل هذه الفوضى التى يشهدها منذ تولى أحمد صقر رئاسة القطاع وهو
ما زال على درجة مدير عام، بدعم مطلق وقوى من عصام الأمير، وكل ما فعله صقر هو أنه قام بشراء 12 مسلسلاً للعرض الرمضانى، واكتفى بإنتاج مسلسل دنيا جديدة والذى بلغت تكلفته 22 مليون جنيه وتم بيعه لقناة الحياة بـ 200 ألف دولار، أى خسائر تتعدى 20 مليون جنيه وترك العاملين فى القطاع يتسولون الأعمال من القطاع الخاص بعد أن كان كل مدير إنتاج لديه أكثر من مسلسل فى العام الواحد، بينما اهتم صقر بحضور المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ للحصول على بدلات هو ورئيسة قطاع الخدمات الفنية ميرڤت العشرى، التى صرف لها بدل حضور عشرة آلاف جنيه من دم العاملين فى القطاع، على الرغم من أن هناك عاملين فى القطاع لا يملكون قوت يومهم.
ما زال المشاهد المصرى يتذكر اسم الإعلامية سناء منصور والتى صنعت وأسست القطاع الفضائى والذى كان وقتها نموذجا للإعلام المصرى للخارج وأبناء الوطن الذين يشتاقون لأحضانه بعدما وضعت معاير شديدة الصرامة لشاشة الفضائية المصرية، التى أصبحت بلا هوية وتراجعت نسبة مشاهدتها بسبب برامج بير السلم وهى البرامج الفقيرة فنياً، كما أنها فقيرة ومتواضعة فى المضمون ومنها على سبيل المثال برنامج «نادى العاصمة» الذى كان يقدمه الإعلامى أسامة كمال الذى ترك بصمة فنية على هذا البرنامج الذى صار الآن عبارة عن قعدة مصطبة بدون فورمات ولا يتذكر أحد من يقدم هذا البرنامج الضخم، الذى أصبح عبئاً على ميزانية اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الغريب أن الأمير يلتزم الصمت على التجاوزات داخل الفضائية المصرية والتى هى واجهة الإعلام المصرى، ومن هذه التجاوزات زيادة عدد المذيعات البدينات على الفضائية المصرية واللاتى يفتقدن المهنية فى ظل ضعف مطلق من رئيس الفضائية المخرج محمود عبدالسلام الذى يتمتع بضعف لم يسبق له مثيل، وترك عدداً كبيراً من المذيعات تقع كل واحدة فى أخطاء مهنية ولغوية غير مسبوقة على شاشة التليفزيون المصرى.
∎ قطاع المتخصصة
أما قطاع المتخصصة فقد أصبح عبئاً على اتحاد الإذاعة والتليفزيون برئاسة حسين زين والذى يعلن بشكل مستمر أنه رئيس الاتحاد القادم نظراً لصلة القرابة القوية بينه وبين سكرتيرة رئيس الوزراء والتى تدعم حسين زين، أما القطاع فبه 500 برنامج على مستوى 12 قناة بتكلفة 50 مليون جنيه شهرياً بدون عائد، هذا بالإضافة إلى الأخطاء القاتلة المهنية من المخرجين والمعدين والمذيعين والتى دفعت المشاهد لينصرف إلى القنوات الخاصة، علاوة على أن قطاع المتخصصة به 3500 موظف بلا عمل، وبدلاً من أن يهتم حسين زين بتطوير الشاشة والتى تركها تدار بالدفع الذاتى، طلب من رؤساء القنوات أن يعملوا كسماسرة إعلانات، وخير دليل العرض الذى جاء به رئيس قناة الثقافية أشرف غزال بمعلن من الخارج لقناة التعليمية، وترك روساء القنوات عملهم الفنى وتفرغوا لبيزنس الإعلانات، أما البرامج الرمضانية فأصبحت غير موجودة على الشاشة تحت دعوى مفيش تمويل مفيش فلوس، وهى الكلمة التى يرددها حسين زين بشكل دائم ويطالب رؤساء القنوات بإعادة البرامج القديمة.
∎ ديكتاتورية صفاء حجازى
لم يعد قطاع الأخبار المصدر الرئيسى للخبر بالنسبة للمشاهد المصرى الذى اتجه إلى قناة السى بى سى إكسترا وقناة العربية التى أصبحت هى الأقرب والأكثر مصداقية، فقد كان قطاع الأخبار هو الأكثر مهنية، ولكن صار الآن أشبه بدكان العطارة الذى يقدم كل ما هو قديم، فعلى الرغم من أن صفاء حجازى قد خرجت من قطاع الأخبار، وهى مذيعة تتمتع بوعى سياسى ومهنية لا ينكرها أحد، إلا أن قدرتها على إدارة قطاع الأخبار والتى تعلم جميع مشاكله تسير من سيئ إلى أسوأ، فالأخطاء المهنية واللغوية لـ 70 ٪ من مذيعات ومذيعى قطاع الأخبار باتت واضحة، الانقسامات والمحسوبية تؤكدها جميع القرارات التى تتخذها صفاء حجازى، وهناك أمثلة كثيرة، فى اختيار قارئات النشرة التى تم اعتماد معظمهن مؤخرا بدون اختيارات، وأخيرا القرار الذى فرض حالة من الدهشة والغضب على مستوى ماسبيرو، والقرار هو عودة المذيعة أمانى أبوخزيم كمتعاملة من الخارج ويجدد لها كل ثلاثة شهور على الرغم من أنها تم سجنها ثلاث سنوات فى قضية مخلة بالشرف، وهنا نتساءل: لماذا تضحى صفاء حجازى بالفرص لصالح مذيعات منتهية الصلاحية، على من تعتمد صفاء حجازى حتى تنفرد بقراراتها، ولماذا تم تهميش عصام الأمير، وهل صفاء حجازى تتعامل وهى تظن أن نظام مبارك ما زال موجوداً يحكم ويسيطر ويبطش بمعارضيه، ولماذا كل هذا التسلط لصفاء حجازى بعد ثورتين.
أما شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات فهى أول شركة للصوتيات والمرئيات فى المنطقة العربية، أما الآن فقد توقف نشاطها وارتفعت مديونيتها إلى 100 مليون جنيه للضرائب والتأمينات، وتوقفت مصنعها عن إنتاج شرائط الكاسيت، الكائن فى محافظة الإسكندرية، ومازالت الشركة بلا رئيس بعدرحيل محمد عبدالله الذى أتى على الشركة، ولم تنتج الشركة سوى مسلسل واحد هو التكية، تأليف ماهر زهدى إخراج سامح الشوادى، والذى رفض عصام الأمير عرضه على شاشة التليفزيون المصرى حتى يفسح الطريق لمسلسلات القطاع الخاص الذى تعاقد عليها بـ 25 مليون جنيه تم سدادهم من خلال بنك الاستثمار، فى ظروف مالية غاية فى الصعوبة، أما رئاسة الوزراء فقد اكتفت بتوفير مرتبات العاملين فى الشركة من خلال وزارة المالية، على الرغم من أن الشركة تمتلك تراثًا دراميًا وغنائيًا يفوق الوصف والخيال منها على سبيل المثال لا الحصر مسلسل «الأيام» للدكتور طه حسين إخراج يحيى العلمى، وقد أكدت مصادر أن الشركة فى إطار التصفية وسوف يتم بيعها والاستفادة بالعائد لتسديد المديونيات التى عليها، وبذلك يكون أتى الأمير على أهم شركة فى المنطقة العربية.∎