الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مغامرة العندليب لإنقاذ المغرب

مغامرة العندليب لإنقاذ المغرب
مغامرة العندليب لإنقاذ المغرب


مفاجأة مدوية تعرض لها حليم فى شهر يوليو 1971 عندما كان يسجل أغنية فى مدح الملك الحسن، حيث داهمت الاستوديو قوات «أوفاقير» الذى قاد انقلابا عسكريا فاشلا.
«الانقلابى الفاشل» طلب من العندليب إذاعة البيان، فما كان من الفتى الأسمر إلا أن رفض وقال للضابط: «أنا فنان ولست سياسيا كما أنى مصرى ولست مغربيا».
هذه اللحظة الصعبة يرويها الدكتور هشام عيسى فى كتابة «حليم وأنا» حيث يقول: «داهم جنود مدججون بالسلاح الاستوديو» وتقدم أحد الضباط صوب حليم، وسلمه ورقة تحتوى على بيان الانقلاب ضد الملك، وقال له «عليك أن تلقى البيان لأن الحسن قتل».. ولم يجد العندليب إلا أن يرفض رغم أن حياته كانت فى خطر.


غير أن أقوى علاقات حليم بالملوك والرؤساء والأمراء العرب تلك التى جمعته مع العاهل المغربى الراحل الحسن الثانى، ويذكر حليم فى مذكراته أنها بدأت منذ أن كان الحسن ولياً للعهد فى باريس، لكنها لم تتعد النظرات المتبادلة من بعيد، ثم التقى به فى المغرب بعد أن أصبح ملكاً، وعبر حليم عن ذلك بأنه جمعه بالحسن حب إلهى، ونشأت بينهما صداقة وطيدة استمرت سنين طويلة.
واقعة أخرى رواها العندليب فى مذكراته أن أحد مطربى المغرب، استاء من علاقة  حليم بالملك الحسن المتينة، فأخبر المطرب الملك بأن حليم غنى فى الجزائر ضد المغرب عام ,1962 فأصدر الملك قراراته بمنع نشر أخبار عبدالحليم فى الصحف والمجلات المغربية، ومنع بث أغانيه فى الإذاعة المغربية، ووقف أفلامه بدور السينما.
فقرر عبدالحليم أن يشرح الحقيقة للملك  فكتب رسالة طويلة له، ولكن طال انتظار عبدالحليم دون أن يصله رد، ولكن شيئاً فشيئاً بدأ يسمع أغانيه تبث من جديد فى الإذاعة المغربية، وعادت أخباره تنشر مرة أخرى على صفحات الجرائد والمجلات هناك، وعادت أفلامه لدور السينما.
وبعد زوال الخصام عاد الصفاء إلى صداقة العندليب بالحسن الثانى بعد مرور 6 سنوات، وسافر حليم على متن طائرة خاصة ضمن كوكبة من الفنانين المصريين، وغنى فى القصر الملكى خلال الاحتفالات بالذكرى الأربعين لميلاد الملك سنة 1969 أغنيته الشهيرة «الماء والخضرة والوجه الحسن».
وفى عام 1969 بعث الحسن الثانى دعوة لحليم للمشاركة فى  احتفالات عيد العرش، جاء فيها «حسب ما جاء فى مذكرات حليم!»، «إلى العندليب إلى صوت العرب يسعدنا أن نلتقى حول صوتك  الملىء بالشجن، والعامر بالألحان، فى حفل غنائى تقيمه المملكة المغربية».
وسافر حليم للمشاركة فى احتفالات عيد العرش، فاستقبله بقصر «الصخيرات» وأقام له حفل عشاء ثم أقيم حفل غنائى بالقصر قدم خلاله حليم أغنية عيد الميلاد الجديدة.
ولم تقتصر علاقة حليم بالملوك والرؤساء والأمراء العرب على العاهل المغربى الراحل، ويتحدث «مجدى العمروسى» «رفيق عمر حليم» عن طبيعة تلك العلاقات قائلا: إن العندليب كان يمتلك موهبة خاصة جعلته  يحظى بحب ورضى كل الملوك والرؤساء، ومن ذلك حب وتقدير العاهل الأردنى  الراحل «الحسن بن طلال».
ويذكر العمروسى أن حليم عندما زار الأردن لأول مرة كان الملك فى استقباله ودخل المطار بسيارته واصطحب فيها عبدالحليم بعد نزوله من الطائرة.
وبعد انتهاء زيارة حليم قام الملك شخصياً بتوديعه حتى المطار.
هناك أيضاً الرئيس الجزائرى الأسبق «أحمد بن بيلا» الذى  أمر فى إحدى المرات بأن يذهب حليم إلى حفلته بالجزائر بسيارته الخاصة مصحوبة بموتوسيكلات حراسة، بسبب ازدحام المعجبين حوله.
ويضيف مجدى العمروسى: إنه فى فترة التوتر بين مصر وسوريا، دعا الرئيس الأسبق «حافظ الأسد» حليم لإحياء بعض الحفلات فى دمشق فذهب حليم بعد أخذ رأى السادات، الذى قبل وأمره بالزيارة، وهناك قرر حليم أن يغنى أغنيتين وطنيتين، وطلب رأى الرئيس الأسد فى ذلك فجاءه الرد بأنه له مطلق الحرية فيما يغنيه هنا، «وليعتبر نفسه فى مصر».
وإذا انتقلنا إلى مصر نجد أن هناك جوانب غامضة اكتنفت علاقة حليم بالرؤساء والسياسيين، تراوحت بين المصلحة المشتركة، أو استثمار صوته فى توجيه الرأى العام، إضافة إلى الصداقة الإنسانية بين حاكم ومطرب يلتف حوله الجمهور ويتأثر بأغانيه الوطنية والعاطفية..
تحدث عن ذلك فى مذكراته، المصور «فاروق إبراهيم» الذى رافق حليم فى معظم رحلاته الخارجية، والتقط له مئات الصور مع الرؤساء والملوك من بين أكثر من 30 ألف صورة سجل فيها أدق لحظات حياة العندليب.
يقول فاروق إبراهيم: تصادف ظهوره مع بدايات ثورة يوليو ,1952 ومن ثم احتل مكانة خاصة جداً لدى قيادة الثورة خصوصاً «عبدالحكيم عامر وجمال عبدالناصر»، لكن علاقة حليم بناصر لم تكن  شخصية وإنما كان يوليه اهتماماً كبيراً باعتباره صوت الثورة والمعبر عن آلام وأحلام الشعب بينما كانت علاقة حليم بعامر قوية جداً بسبب اهتمامه بالفن والفنانين.
أخيراً، ننتقل إلى علاقة حليم بالسادات، والتى تحدث عنها حليم فى مذكراته «لإيريس نظمى» قائلاً: «صلاح سالم» هو الذى عرفنى وقدمنى للرئيس السادات، وهو أيضاً الذى عرفنى وقدمنى للرئيس عبدالناصر، وهو أيضاً الذى عرفنى  بأهم رموز الصحافة، وهو ما جعل العلاقة بينى وبينه تقوى أكثر، ودائماً كنت أناقشه فى أمور كثيرة، وكنت أشعر أن أبناءه أخوتى وقريبون منى مثل أبناء عبدالناصر وأبناء المشير عبدالحكيم عامر، وإن كنت أشعر أن أبناء السادات فيهم «بساطة الفلاحين».∎