الحوثيون وعلى صالح «إيد واحدة»
إبراهيم الجيوشي
استمرارا للفوضى التى تسيطر على جزء كبير من الوطن العربى مرورا بمصر والعراق وسوريا والسودان وليبيا وما يدور فى اليمن من محاولة ناجحة إلى الآن فى تمزيق أوصالها، نرى الحوثيين وقبلهم عناصر القاعدة يتسابقون للفوز بأكبر قطعة من تورتة الدم اليمنى المخلوط ببترول الخليج وأموال مضيق باب المندب المتحكم فى الخليج وبالتبعية قناة السويس.
على صفيح ساخن تغلى اليمن من الشمال إلى الجنوب ما بين وضع معقد وأزمات متشابكة، الهدوء الحذر يخيم بعض الشىء على الأجواء بعد أسابيع من التوتر والعنف الناتج عن انقلاب الحوثيين على السلطة فى اليمن والاستيلاء على العاصمة «صنعاء»، ورغم ذلك لايزال الجميع يترقب ما ستؤول إليه الأوضاع، وكان لـ «روزاليوسف» هذا الحوار مع أحد قادة أهم أعمدة العملية السياسية فى اليمن الشقيق وهو الأمين العام للتنظيم الوحدوى الشعبى الناصرى «عبدالله النعمان».
∎ فى البداية إلى أين تتجه اليمن اليوم؟
- المشهد الحالى يشير إلى سيناريو ليس إيجابيا بالنسبة لليمن بعد لحظات من العنف والتوتر واجتياح العاصمة بما تمثله من رمزية وانتهاك بعض المؤسسات السيادية والاستيلاء على عدد غير قليل من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة حتى انتهاك لحرمات بعض المساكن يخلق حالة من القلق والرعب الموجود نخشى أن تؤدى هذه الممارسات إلى ردود فعل لدى الطرف الآخر، لكن إلى أى مدى ستصل ردة الفعل الأمر يتوقف على حنكة وقدرة القوى السياسية ومدى قدرتها على تقديم مشاريع تحتوى كل هذا العنف الذى حصل فى العاصمة خلال الفترة السابقة ومحاولة تسوية الآثار والتداعيات التى ترتبت عليه والتوافق على مشروع وطنى يخرج اليمن من هذه الأزمات ويبدأ الخطى سريعا نحو تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى.
∎ ماذا دار فى لقائكم مع المبعوث الأممى جمال بن عمر؟
- هو أراد أن يسمع رأى المكونات السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة فيما يجرى فى اليمن الآن، وما هى الحلول المقترحة التى يتصورونها للأزمة.
∎ ما النقاط التى طرحت على الطاولة كحل؟
- نحن طرحنا بعض القضايا على «أنصار الله» الحوثيين بعضها كانت مطروحة من السابق، وأردنا من خلال ذلك أن نوفر ظروفا ملائمة لإنجاح عملية الحوار حول هذه القضايا وتعلقت بموضوع طلب التزام من أنصار الله بعدم استخدام العنف فى مواجهة المحتجين والإفراج عن المعتقلين من الشباب ورفع الإقامة الجبرية المفروضة على الوزراء والأخ رئيس الجمهورية والإفراج عن المختطف أحمد عوض بن مبارك الأمين العام للحوار ومدير مكتب رئاسة الدولة وعندما رفضوا هذه المقترحات انسحبنا.
∎ هل المبادرة الخليجية مازالت أساسا صالحا لأى حوار داخل اليمن بعدما تغيرت الأطراف التى تفرض سيطرتها على الساحة؟
- نحن نلتقى لنتحدث فى معالجة الأزمة الحالية وننطلق من الشرعية التوافقية القائمة والشرعية الدستورية النابعة من الدستور النافذ الذى عطلت بعض مواده بالمبادرة الخليجية، ثم مخرجات الحوار الوطنى ووثيقة اتفاق السلم والشراكة.
∎ هناك من يتحدث اليوم عن شرعية ثورية يفرض من خلالها الأمر الواقع على الأرض.. هل هناك وجود بعد لأى شرعية توافقية؟
- أعتقد عندما وقع أنصار الله على اتفاق السلم والشراكة فى 21 سبتمبر الماضى، كانوا قد سيطروا على صنعاء وعلى كل مؤسسات الدولة وكان بإمكانهم أن ينفردوا فى حكم البلد وإدارة شئونها، لكن توقيعهم على اتفاق السلم والشراكة فى تلك اللحظة يعنى قبولهم بإدارة البلد بالتوافق وقبولهم أيضا بالاحتكام للمنظومة الشرعية القائمة بما فى ذلك أحكام الدستور الذى عطلت بعض مواده بالمبادرة الخليجية، وبالتالى فإن عليهم أن يكيفوا كل تصرفاتهم وفق هذه المنظومة التشريعية وإلا فإنه يعتبر خروجا عليها وكل خروج عليها يشكل جرائم يعاقب عليها القانون.
∎ ماذا تملكون لإقناع الحوثيين أن يعودوا إلى اتفاق الشراكة والسلم؟
- يا سيدى هم الآن أنفسهم يطالبون بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذى انتهكوه من أول يوم ونحن الآن نطالبهم بأن يستمروا فى إطار الشرعية الدستورية التى التزموا بها، وإذا أرادوا أن يحتكموا للشرعية الثورية فعليهم أن يصدروا بيانا دستوريا يحكمون بموجبه البلد.
∎ ماذا تملكون إما لإقناعهم أو فرض الشرعية الثورية؟
- نحن نملك إرادة اليمنيين الذين لن يقبلوا بأن يحكموا بنتائج الانقلاب الذى قاده الحوثيون، اليمنيون الذين بذلوا الدماء وقدموا التضحيات منذ ثورة 11 فبراير السلمية لن يقبلوا أن تذهب تضحياتهم هدرا سوف يستمرون فى حماية مشروعهم وسينزلون فى كل المحافظات للدفاع عن الشرعية الدستورية ورفض الانقلاب.
∎ هل نتوقع من أحزاب المشترك العودة إلى الشارع؟
- إذا لم يعدل الإخوة الحوثيون وأصروا على على موقفهم بالاستمرار فى الاستيلاء على السلطة بالقوة والاستمرار بالانقلاب ستنزل كل الجماهير اليمنية إلى الشارع للدفاع عن مشروعية مطالبهم ورفض الانقلاب.
∎ البعض يأخذ عليكم أنكم صمتم لفترة طويلة والشارع أصبح فى مكان آخر؟
- هذا صحيح، أن المشترك صمت لفترة طويلة، لكن الشارع انتفض اليوم ويتحرك، هناك مظاهرات فى كثير من المحافظات، وهناك مظاهرات فى أمانة العاصمة رغم محاولات الحوثيين قمعها بالقوة وهى مظاهرات مستمرة ولن تتوقف.
∎ ما الجهات التى أوصلت اليمن إلى هذا الحد من المواجهات؟
- أنا أعتقد أن هناك عوامل داخلية أسهم فيها الرئيس عبدربه منصور هادى بطريقة إدارته السيئة للبلاد وللأزمة، وهناك أيضا أطراف المنظومة السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية، كلنا أسهمنا فى وصول البلد إلى وضعها الحالى نتيجة ممارسة عدد من الأخطاء أو السكوت على ممارسات خاطئة من قبل السلطة، إضافة إلى أن هناك عوامل خارجية لها تأثير على مجريات الأمور فى الداخل سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى.
∎ ما الأخطاء الداخلية التى تتحدث عنها؟
- أنا أقول إن الرئيس أخطأ فى إدارة البلاد باعتماده على مجموعة من الأقارب والمقربين الفاسدين وآليات النظام السابق وحرصه على إدارة البلاد بطريقة التوازن بين قوى النظام السابق وأيضا الخضوع الكامل للحوثيين كقوة صاعدة فى المرحلة التالية لواحد وعشرين سبتمبر، وعدم التزامه بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى واتفاق السلم والشراكة لاسيما تلك التى تتعلق بتحقيق الشراكة الوطنية وإحداث تغيير وإحداث أثر فى العملية السياسية وعلى حياة المواطنين وأيضا القوى السياسية ذهبت إلى ممارسة الابتزاز على الرئيس هادى وقبلت أيضا أو صمتت على كثير من أخطائه وخطاياه.
∎ هل تأجيل جلسة مجلس النواب يؤشر إلى احتمالية عودة الرئيس هادى عن استقالته؟
- نحن طرحنا مقترحا على الإخوة أنصار الله يوم أول أمس فى اللقاء المشترك، وهذا المقترح للحل يعنى أن تتم ممارسة الضغوط السياسية والشعبية على الرئيس هادى والحكومة للعدول عن الاستقالة ونرى أيضا فى نفس الوقت أن يقدم الحوثيون تنازلات بتخليهم عن القوة وممارسة الهيمنة على مؤسسات الدولة والسيطرة عليها وأن تكون هناك قوة معادلة لفرض مشروع التغيير هى قوة الشراكة.
∎ «الحوثيون» يريدون مجلسا سياسيا ولا يريدون عودة الرئيس هادى؟
- المجلس الرئاسى الذى طرح من قبلهم أو من غيرهم يعنى اللجوء إلى وسائل غير دستورية وخارجة عن التوافق الوطنى، يعنى إصدار إعلان دستورى يشرع للانقلاب.
∎ الدستور تم تعطيله من قبل المبادرة الخليجية أليس كذلك؟
- ليس صحيحا الدستور لم يعطل، وإنما عطلت بعض مواده التى تتعارض مع الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية.
∎ اتفاق السلم والشراكة يفرض على الحوثيين ألا يستخدموا القوة.. فبماذا تبرر لجوءهم للقوة والسلاح؟
- هذا يعتبر من ضمن الانتهاكات التى يمارسها أنصار الله ضد اتفاق السلم والشراكة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى.
∎ ماذا ارتكبوا من أخطاء أيضا؟ أنت تحدثت عن أخطاء الرئيس ماذا عن أخطائهم؟
- انتهكوا اتفاق السلم والشراكة منذ اليوم الأول بعد توقيعه بتمددهم فى المحافظات بالقوة المسلحة وتفجيرهم صراعات مسلحة فى أكثر من مكان تحت مبرر مواجهة الإرهاب فى حين أننا ضد الإرهاب، ولكن نرى أن يواجه الإرهاب من خلال الدولة، ومن خلال استراتيجية تتفق عليها الأطراف ويشاركون فى تنفيذها لا يجب أن ينفرد طرف سياسى أو مناطقى أو أيا كان لونه بمواجهة الإرهاب، لأن ذلك سوف يغرق البلد فى ثأر وصراعات داخلية، قد نرى لها بداية ولا نرى لها نهاية، ومن أهم الأخطاء سيطرتهم على إمكانيات القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية والاستيلاء على مؤسسة الرئاسة ومحاصرة الرئيس ووضعه تحت الإقامة الجبرية ووضع الوزراء تحت الإقامة الجبرية أيضا واقتحام منازل العديد من المواطنين فى الفترة السابقة وكذلك اختطاف أحمد عوض بن مبارك الأمين العام للحوار، فكل هذه أخطاء وانتهاكات.
∎ هل على عبدالله صالح هو الطرف الثالث فى اليمن؟
- كل المؤشرات أيضا تدل على أن الرئيس السابق حليف رئيسى للحوثيين، ولولا الدعم الذى قدمه صالح وكثير من الموالين له سواء من شيوخ القبائل أو الموالين له فى القوات المسلحة لولا ذلك لما تمكن الحوثيون من تحقيق كل هذه الانتصارات.∎