الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

منشور الفتنة «فشنك»

منشور الفتنة «فشنك»
منشور الفتنة «فشنك»


لا يأس مع الحياة ولا حياة مع  اليأس.. مقولة جميلة أطلقها الزعيم مصطفى كامل ليشحذ بها همم المصريين للكفاح والنضال من أجل قضيتهم النبيلة لتحرير مصر من الاستعمار الإنجليزى.. ونستخدمها حتى هذا اليوم لنقوى العزائم ونشجع الآخرين وربما أنفسنا أيضا لبلوغ أهدافنا.. وهو شعار جميل ورائع إذا كان شد الأزر من أجل هدف سام ونبيل، ولكنه يكون كارثيًا إذا تبناه المخربون والإرهابيون من أجل الاستمرار فى أفعالهم الدنيئة ومن أجل الوصول لأهداف من شأنها الهدم والتدمير.

من حرق الكنائس وترويع المسيحيين والاعتداء على منازلهم ومحالهم وذويهم عقب ثورة الثلاثين من يونيو .2013 إلى دعاوى التكفير والإقصاء التى تخرج من بعض الشيوخ المحسوبين على تيار الإسلام السياسى.. إلى جرائم الخطف وطلب فدى تصل إلى عشرات الملايين فى صعيد مصر.. إلى حظر تهنئة المسيحيين بأعيادهم وتحريم طعامهم.. ثم خطف المصريين المسيحيين بليبيا وهو ليس بعيدًا عن هذا المخطط بل هى محاولة واضحة للوقيعة بين مؤسسات الدولة وبين المسيحيين.. إلى كل دعاوى الفرقة وتقسيم المجتمع إلى نصفين متناحرين وبث روح الكراهية بين أبناء الشعب الواحد، دأب المتربصون بمصر على زرع الفتن وتأجيج نار الكراهية بين المصريين.. محاولات أفشلها ووأد نارها عاملان.. العامل الأول حكمة رأس الكنيسة المصرية منذ عهد المتنيح مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث وإلى عصر البابا تواضروس الثانى والعامل الثانى وعى ووطنية المصريين «مسلمين ومسيحيين».. المسيحيون الذين أعلوا مصلحة الوطن وأدركوا أن انتصار مصر على مخططات الإرهاب ومؤامرات الغرب لهو أهم وأسمى وأبقى من كنيسة تحترق هنا أو هناك وأن وحدة الأمة تستحق أن يتحملوا شطط البعض أيضا.. والمسلمون الذين كانوا سندا وظهرا لشركائهم فى الوطن وصدرا حنونا احتضن هذه الآلام والأوجاع فكان هذا التلاحم الوطنى الذى أذهل ومازال يذهل العالم أجمع. ولا نستطيع أن ننكر أبدا أن لرئيس مصر عبدالفتاح السيسى دورا كبيرا فى لم شمل المصريين ليس فقط بدعواته الدائمة لنبذ الفرقة والتمييز إلا على أساس الكفاءة وحب الوطن ولكن أيضا بالأفعال التى تدل على محبة كبيرة فى قلب هذا الرجل لمصر وللمصريين جميعا دون تمييز ورغبة أكيدة فى إعادة بناء المجتمع على أسس المواطنة الحقيقية دون تفرقة أو إبعاد لطرف على حساب طرف فكان هذا النهج من جانب رأس الدولة بمثابة حائط الصد القوى الذى انهارت أمامه كل المحاولات المتكررة واحدة تلو الأخرى لشق صف المصريين.
ولكن هيهات أن يتوقف الشيطان وزبانيته عن العمل أو عن تدبير المكائد.. هذه المرة قرر أعوان إبليس أن يجربوا الاتجاه المعاكس.. فقد قاموا بعكس الآية وتبديل المواقع ربما تأتى بالنتيجة المرجوة.. فبدلا من استفزاز المسيحيين الذين أدركوا أنه لا جدوى منه.. قرروا أن يقوموا بإثارة حفيظة وغضب المسلمين لعل وعسى.. منذ أيام قليلة فوجئنا بتداول منشور على مواقع التواصل الاجتماعى يدعى من قام برفعه على الإنترنت أنه بيان صادر من الكاتدرائية المرقسية.. والناظر إلى المنشور لابد أن يدرك من أول لحظة أنه مدسوس.. فبغض النظر عن ركاكة الأسلوب المكتوب به البيان وفظاظة مفرداته التى لا يمكن أن تصدر من شخص فى موقع المسئولية.. فإن البيان يحتوى على خطأ فى هجاء كلمة كاتدرائية حيث كتبت «كاتيدرائية» مما ينم ليس فقط عن جهل من كتب هذا الهراء ولكن أيضا عن غبائه أو ربما هى إرادة الله التى شاءت أن يوقعهم فى شر أعمالهم كما يحدث كثيرا معهم حتى إن رواد مواقع التواصل الاجتماعى صاروا يتندرون عليهم بالإيفيه الشهير لسعيد صالح مع تغيير المفردات ب «متآمر وأهبل.. الاتنين». وإذا دققنا فى محتوى هذا الهراء فإننا نجد فى نهاية البيان جملة تدل على أن من قام بالصياغة لا يمكن أن يكون على دراية بالدين المسيحى بالمرة.. فهو يقول «إن الصليب يأمركم بمحبة الرئيس عبدالفتاح السيسى.. اعمل لإرضاء الصليب» وقارئ هذه الجملة يظن فورا أننا نعبد الصليب الذى يأمرنا وهو شىء عار عن الصحة جملة وتفصيلا. فإذا تناسينا هذه الأخطاء التى تكشف المؤامرة ونظرنا إلى محتوى البيان.. فإن ما جاء به هو تحريض خطير يهدف إلى إشعال النار فى ثوب مصر.. فإن أى مسلم يقرأ هذه الفقرة مثلا «تدعو كل مسيحى ومسيحية فى مصرنا الحبيبة للوقوف جانبا بجنب ويدا بيد لترسيخ حكم القائد عبدالفتاح السيسى ضد حكم الإسلام وشرائعة على يد تلك الجماعة الإرهابية «الإخوان المسلمين» الذين يريدون تطبيق كتاب القرآن بكل ما فيه وهدفهم استكمال مسيرة المغتصب «عمرو بن العاص»» لابد أن يستشيط غضبا وحقدا على من كتب هذا الكلام.. ورغم أن أى عاقل يدرك للوهلة الأولى أن مثل هذا الكلام لا يمكن أن يخرج من الكاتدرائية المرقسية التى يرأسها البابا تواضروس الذى قال يوما «وطن بلا كنائس أفضل كثيرا من كنائس بلا وطن» فإننا يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن كثيرين من الشعب المصرى بسطاء المعرفة وليسوا على دراية كافية بحقائق الأمور وعليه يجب أن ندرك فورا مدى خطورة أن يتم انتشار هذا الكلام على الأرض وبين أفراد الشعب وخاصة فى مناطق معينة يتميز أهلها ببعض التطرف الفكرى والدينى.. خطر يمس السلام الاجتماعى ووحدة المصريين كما يمس رئيس البلاد شخصيا وهو المطلوب تحقيقة من وراء هذا المنشور المدسوس على الكنيسة. وإذا كنا نكتب هنا لنوضح الحقائق لكل ذى عين ترى وكل ذى عقل يعى ويدرك فإننا نطالب الدولة بتعقب هذا المنشور سيئ السمعة ومعرفة مصدره ومحاسبته قانونا.. فإن ظن البعض أنه بلا قيمة وبلا أهمية فإننى أذكر بأن معظم النار من مستصغر الشرر.
كثيرة هى هموم الوطن ولكن علينا أن نتعامل معها بإرادة حديدية لا تلين ولا تضعف.. إن مؤامراتهم لا تنتهى وحيلهم لا ينضب معينها أبدا فى إيذاء بلادهم وإنى لأتعجب كيف عاش هؤلاء بيننا سنوات طوالاً وهم يضمرون كل هذا الحقد فى نفوسهم وكل هذه الكراهية فى قلوبهم وكل هذا الشر فى عقولهم المريضة؟.. ولا أستطيع أن أتصور أيضا كيف يمكنهم تحمل كل هذه المشاعر السلبية المدمرة داخلهم؟ ولكن هيهات يا مروجى الفتن وزارعى الشرور فى كل مكان تحلون فيه.. فإن بلادى قوية ومحفوظة فى يد إله علىً قدير وأن شعبها لمبارك فى كل الأديان ولسوف تهزمون وتفنون يوما ما وستحيا مصر دوما إلى قيام الساعة.∎