عادل العدوى عبثَ.. وتولى

أحمد شوقي العطار
أن يتولى عادل العدوى حقيبة وزارة الصحة وهى واحدة من أهم وأخطر الحقائب الوزارية لعلاقتها المباشرة بصحة المصريين، ولا يقدم شيئا يذكر أو يحقق إنجازا واحدا طوال عام كامل، فهذا أمر غير مقبول لكنه يحدث فى أحسن الحكومات.
وأن يزداد وضع المستشفيات كارثية فى عهد هذا الوزير مما تسبب فى حالات وفاة متكررة بسبب الإهمال، ولا يتحرك الوزير خطوة واحدة للأمام لمحاربة هذا الإهمال، فهذا خطأ يستوجب إقالته فورا.
لكن أن يتم استخدام وزير الصحة - بكامل إرادته - فى الترويج لأحد المرشحين لانتخابات البرلمان القادم والمدان سابقا فى قضية فساد كبرى، فهذا عبث لا يمكن التغاضى أو السكوت عنه، خصوصا عندما يتسبب نفس الوزير فى حبس مواطن أراد التقدم بشكوى له عن إهمال فى مستشفى حكومى تسبب فى وفاة زوجته، بتهمة التعدى على موكب رسمى، بعد أن ولَّى عنه الوزير وتركه فريسة فى أيدى حراسه الشخصيين.
زيارة وزير الصحة إلى الغربية لتفقد مستشفى زفتى العام قبل افتتاحه والذى رافقه خلالها الإعلامى محمد فودة - الذى أعلن منذ فترة رغبته فى الترشح للبرلمان القادم عن دائرة زفتى بمحافظة الغربية - لم تكن زيارة بريئة على الإطلاق ولا تمت للزيارات الرسمية بصلة، والدليل على ذلك أن سيادة الوزير ضرب بكل البروتوكولات والأعراف المتبعة فى مثل هذه الزيارات عرض الحائط، وأهمها عدم التوجه أولا لديوان عام المحافظة لاستقباله قبل تنفيذ برنامج الزيارة، وكأنه يوجه رسالة خفية تفيد بأن هذه الزيارة ليست رسمية وأن له فيها مآرب أخرى، المثير فى الأمر أن المدعو محمد فودة قام قبلها بإيهام أهالى زفتى البسطاء بأنه الرجل الأول وراء إنهاء أعمال مشروع ترميم مستشفى زفتى العام، وبالطبع وجوده بجانب الوزير طوال زيارته التفقدية أكد هذا الادعاء لدى بعض الأهالى البسطاء، وهو المطلوب إثباته من أجل كسب أصوات انتخابية أكثر، وجاء عدم التزام الوزير بالأعراف المتبعة ليؤكد للجميع أن فودة بالفعل هو صاحب الفضل فى إنهاء هذا المشروع.
الوزير على ما يبدو - بعد استخدامه كنوع من أنواع الدعاية الانتخابية - لا يعرف حقيقة دوره ومسئولية منصبه، وهناك خلط واضح لديه بين صفته الرسمية وبين رغباته الشخصية، فإذا افترضنا حسن نوايا الوزير وأنه يدعم هذا الشخص المدعو محمد فودة اقتناعا منه بشخصه، فمن المفترض أن يكون هذا الدعم بصفة شخصية بعيدا عن الوزارة ومنشآتها، ولا يجب أن يستخدم عادل العدوى صفته ومشاريع تخص الوزارة كأداة لدعم محمد فودة لانتخابات البرلمان والترويج له أمام أهالى الدائرة التى سيترشح فودة من خلالها وهى دائرة زفتى التابعة لمحافظة الغربية، هذا لو افترضنا حسن النوايا، فالبعض يلوح بأن هناك صفقة ما «من تحت الطرابيزة» بين السيد الوزير ومحمد فودة، لكننا لا نميل إلى اعتبار هذا الكلام صحيحا، إلى أن يثبت العكس.
بالطبع تصرفات كهذه أثارت استياء محافظ الغربية اللواء محمد نعيم، ولم يعجبه عدم التزام الوزير بالأعراف المتبعة وتجاهله للمحافظ ورفضه التوجه للديوان العام للمحافظة، فرفض اللواء نعيم بدوره مرافقة الوزير فى زيارته التفقدية، ومن الواضح أن المحافظ تفهم طبيعة هذه الزيارة جيدا وأسبابها الحقيقية، فاحترم الرجل منصبه وصفته ومسئولياته، ونأى بنفسه عن التورط فى زيارة كهذه، وله كل الاحترام على موقفه هذا.
الأكثر استفزازا أن فودة منع أهالى زفتى من التحدث أو تقديم الشكاوى إلى الدكتور عادل العدوى وزير الصحة، أثناء جولته التفقدية، وهو الأمر الذى أثار استياء الأهالى ودفعهم إلى التجمهر أمام أبواب المستشفى، مرددين هتافات مناهضة «لفودة»، الذى استطاع من خلال هذا التصرف أن يؤكد للجميع مدى سيطرته على الوزير، والغريب أن العدوى لم يوجه كلمة لوم واحدة لفودة بعد أن عنف المواطنين وأزاحهم من طريقه ولم يلتفت إلى الأهالى التى تعالت صيحاتهم الرافضة لما يحدث، وكأنه يؤكد للمرة الألف أن فودة هو الراعى الرئيسى لهذه الزيارة وليست مهام الوزير الذى لم يقدم فعليا أى إنجاز يذكر حتى هذه اللحظة فى وزارة من أهم الوزارات الخدمية.
كان يجب على سيادة الوزير أن يضع فى حساباته أن فودة ليست له أى صفة رسمية حتى هذه اللحظة تؤهله لمرافقة الوزير فى زيارة كتلك أو تعطى له الحق فى منع الأهالى من الوصول إلى الوزير أو تقديم شكوى له، وأنه ليس من اللائق أن يضع نفسه فى موقف كهذا، خصوصا أن سيادة الوزير يعلم جيدا من هو محمد فودة الذى كان برفقته.
محمد فودة - الحاصل على دبلوم فنى صناعى - هو السكرتير الخاص لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى وشغل هذا المنصب فى فترة التسعينيات، وظل فى منصبه حتى عام 1997 حيث تم إلقاء القبض عليه ومحافظ الجيزة الأسبق ماهر الجندى وعدد من رجال الأعمال بتهم تسهيل بيع أراض خاضعة لمصلحة الآثار التابعة لوزارة الثقافة لرجال أعمال مقابل رشاوى مالية كبيرة. وتمت محاكمته ووجهت له المحكمة تهمة الكسب غير المشروع وتحقيق ثروة طائلة لا تتناسب مع دخله وعاقبته بالحبس لمدة خمس سنوات قضاها فودة كاملة وتغريمه 3 ملايين و167 ألف جنيه.
إذا تجاوز المصريون عن أخطاء الوزير الكارثية التى فعلها من أجل عيون فودة، وغفر له الشعب هذه الأفعال غير المسئولة، لا يمكن أن يغفر له أبدا المساهمة فى دعم مرشح انتخابى تمت إدانته فى قضية فساد كبرى فى عهد مبارك ليكون ممثلا نيابيا عن أهالى زفتى البسطاء.
ولأن المصائب لا تأتى فرادى، أضافت هذه الزيارة الملعونة لمستشفى زفتى العام نقطة سوداء أخرى فى كشف حساب السيد الوزير الملىء بالنقاط السوداء.
فعندما حاول المواطن محمود داود الوصول إلى وزير الصحة أثناء انشغاله بالجولة الترويجية لمحمد فودة وإبلاغه بشكوى تخص زوجته التى توفيت متأثرة بمرضها لعدم وجود مكان بمستشفى المحلة فلجأت لقضاء ليلة كاملة خارج المستشفى مما أثر على حياتها وماتت فى مشهد يوضح الإهمال الجسيم فى عهد الوزير الحالى، لم يستطع داود الوصول إلى الوزير بسبب تشديد الحراسة حوله ورغبة فودة عدم تواصل الأهالى معه، فألقى داود نفسه أسفل عجلات سيارة وزير الصحة أثناء خروجه من مستشفى زفتى ليلفت انتباه الوزير، لكن العدوى تولى عنه تاركا إياه فريسة فى أيدى حراسه الذين انهالوا عليه ضربا وسبا وألقوا القبض عليه وسلموه إلى الشرطة متهمين إياه بالتعدى على موكب رسمى، وتم احتجاز المواطن 4 أيام على ذمة التحقيق تم تجديدها يوم الأربعاء الماضى 15 يوما أخرى على ذمة التحقيقات أيضا، دون أن يتدخل الوزير أو مرشحه الانتخابى لإنقاذ مواطن فقد زوجته بسبب إهمال منظومة الصحة فى مصر من تهمة ملفقة - كما أكد جميع شهود العيان - قد تتسبب فى حبس الرجل 6 سنوات...
محمود داود المصرى الفقير يدفع الآن ثمن إهمال وزارة العدوى وانشغاله بجولة ترويجية لدعم مرشح برلمانى، وعدم إحساس الوزير بمسئولياته أمام الوطن والمواطنين، وتعامل حرس الوزير الفظ والعنيف مع الجماهير التى تم تكليف العدوى بخدمتها.
والسؤال الآن: هل لدى رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب، بعد هذا العبث الذى تسبب فيه هذا الوزير غير المسئول، وبعد تخليه عن مواطن فقير جاء يسأله الإنصاف، هل لديه سبب منطقى واحد للإبقاء على عادل العدوى فى منصبه؟.∎