الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روايات «إحسان» صنعت تاريخى السينمائى

روايات «إحسان» صنعت تاريخى السينمائى
روايات «إحسان» صنعت تاريخى السينمائى


على ما أذكر فقد بدأت قراءة أعمال إحسان عبدالقدوس الروائية والقصصية وأنا تلميذ فى الثانوية العامة. كان أول ما قرأت له هو رواية «شىء فى صدرى» وأذكر أننى قرأتها فى جلسة واحدة، حيث بدأت قراءتها من الساعة العاشرة ليلا حتى الثانية صباحا فى قراءة متواصلة بعد أن استحوذت علىَّ الرواية بأسلوبها الجميل وأحداثها الشيقة.

 وقد دفعتنى هذه الرواية إلى البحث عن كل ما كتبه إحسان عبدالقدوس وأصبحت قارئا مداوما له. وبعد أن تخرجت فى كلية الآداب وعملت مدرسا للغة الإنجليزية فى محافظة الإسماعيلية كنت أحرص كل أسبوع على شراء مجلة «روزاليوسف» ومجلة «صباح الخير»، حيث كان إحسان عبدالقدوس ينشر فيهما رواياته مسلسلة أو حكاياته التى كان ينشرها فى الصفحة الأولى من مجلة «صباح الخير». وكانت رواياته تذكرنى بأعمال الكتاب الواقعيين والطبيعيين فى فرنسا فى القرن التاسع عشر مثل بلزاك وفلوبير وزولا.
ولشدة إعجابى بما يكتبه إحسان عبدالقدوس كنت أحلم بمقابلته والحديث معه وكنت أحرص على الدقائق التى يقول من خلالها حديثه كل أسبوع فى الإذاعة. ولم أكن أعلم أن القدر سوف يكون معى كريما إلى درجة أن أحظى بكتابة السيناريو لعدد من رواياته وقصصه للسينما والتليفزيون، حيث لم يحظ بهذا العدد أى كاتب سيناريو من الذين كتبوا له، ومازلت سعيدا بهذا الإنجاز الذى حققته وصنع مجدا لى.
كانت أول قصة كتبت لها سيناريو هى قصة «ولايزال التحقيق مستمرا» وقام بإنتاج وإخراج هذا الفيلم المخرج أشرف فهمى ومن بطولة نبيلة عبيد ومحمود ياسين ومحمود عبدالعزيز، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا إذ استمر فى دور العرض 36 أسبوعا ولم تحظ نبيلة بمثل هذا النجاح من قبل. كانت أفلامها لاتستمر فى دور العرض أكثر من ثلاثة أسابيع، ولذلك حرصت بعد هذا الفيلم على أن تكون القصة دائما لإحسان عبدالقدوس والسيناريو لمصطفى محرم فى حين تنوع المخرجون الذين قامت بالعمل معهم.
توالت بعد ذلك بالنسبة لى ولنبيلة عبيد الأفلام المأخوذة عن أعمال إحسان عبدالقدوس مثل الراقصة والطبال وأرجوك اعطنى هذا الدواء، وأيام فى الحلال، ويا عزيزى كلنا لصوص، وغيرها وكلها حققت نجاحا كبيرا وحققت مجدا لى ولكل من اشتركوا بالعمل فى هذه الأفلام. فقد كانت بموضوعاتها تعتبر نوعية جديدة للأفلام المصرية.
وأسعدنى الحظ أيضا أن أقوم بكتابة مسلسلين أحدهما عن رواية إحسان عبدالقدوس القصيرة «لن أعيش فى جلباب أبى» فإذا بهذا المسلسل يحقق نجاحا منقطع النظير ويعيد البريق للنجم نور الشريف. فقد ظل هذا المسلسل الذى رفع عبلة كامل إلى مستوى النجمات يجرى عرضه على شاشات قنوات التليفزيون فى مصر وكل الدول العربية منذ أن جرى عرضه للمرة الأولى وذلك بشكل متواصل حتى الآن منذ ما يقرب من ثمانية عشر عاما. ولايمل أحد مشاهدته بل يقبلون على مشاهدته كل مرة فى لهفة واشتياق وكأنهم يشاهدونه لأول مرة. وأذكر أن بعض النقاد كتبوا بأنه يجب أن تؤرخ الدراما التليفزيونية قبل مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى» وبعد هذا المسلسل. وأصبح كل الممثلين الذين عملوا فى هذا المسلسل نجوما وأقبل عليهم المنتجون والمخرجون.
أما المسلسل الثانى فكان عن قصة إحسان عبدالقدوس «لمن أترك كل هذا» وكان من بطولة ممدوح عبدالعليم وسمية ومن إخراج شاب جديد فى ذلك الوقت وهو المخرج باسم محفوظ ابن الكاتب محفوظ عبدالرحمن، ورغم أننى أعتبر هذا المسلسل أفضل ما كتبت لنبل قضيته ولكنه لم يحظ بالنجاح الذى حققه مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى».
كان إحسان بعدالقدوس يحرص كثيرا على أن أقوم بكتابة الأفلام المأخوذة عن أعماله ويشعر بالاطمئنان مثلما كان يحدث لنجيب محفوظ. وكنت أنا بدورى أسعد كثيرا إذا ما كلفنى أحد المنتجين بكتابة سيناريو لواحد من هذين العملاقين.
وأذكر أن آخر مرة قابلت فيها إحسان عبدالقدوس وتحدثت معه كان ذلك بمناسبة العرض الخاص لفيلم «الراقصة والطبال» وكان أن اشتد به المرض ولكنه حرص على مشاهدة الفيلم وعندما ذهبت إليه لمصافحته بعد العرض أشاد بالسيناريو واعتذر لى برقته المعهودة لأنه لايستطيع أن ينهض لمعانقتى. وكلما تذكرت هذا الموقف أجد الدموع تترقرق فى عينى.∎