إعلام يشيع الفاحشة

الفت سعد
لا أدرى ما الأسباب التى تدفع وسائل الإعلام بجميع أشكالها أن تعرض للمواطنين القضايا الشائكة، التى تمس العرض والشرف وتخرج عن جميع الأعراف والأخلاق وعلى رأسها قضايا زنى المحارم وما الذى يفيد المجتمع من نشر تلك القضايا؟!.. فلا يمر يوم واحد دون أن تعرض الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية حوادث زنى المحارم عن أب يغتصب ابنته أو يجبرها على الفاحشة وخال أو عم يرتكب نفس الجرم أو حوادث الشذوذ الجنسى والكارثة أن وسائل الإعلام تعرض تلك الحوادث بكل تفاصيلها المخزية، ووصل الأمر إلى تصوير المتهمين يروون ما قاموا به تفصيلا، من خلال اعترافات يتم تسجيلها بالڤيديو، ويتم ترويجه عبر شبكات التواصل الاجتماعى ليشاهدها الجميع من الأطفال للشيوخ.
منذ سنوات قريبة عندما كانت تعرض قضية اغتصاب أو زنى المحارم دون أى تفاصيل كانت كفيلة بأن ينتفض لها المجتمع وسط علامات الاستنكار والرفض، لكن الآن نتيجة غياب الضمير الأخلاقى وغياب مواثيق الشرف الإعلامية أصبحت هناك منافسة وسباق بين الإعلام لمن يفوز بنشر أكبر عدد من تلك الحوادث ومن يفوز بنشر تفاصيل أكثر وتفننت وسائل الإعلام فى المتاجرة بتلك الحوادث حتى تحقق أكبر قدر من المشاهدة أو القراءة وتحولت قضايا الانحراف الأخلاقى من قضايا يشيب لها الولدان إلى قضايا عادية أصابت المجتمع بالتبلد.
نعلم جيدا أن حالات زنى المحارم أو الشذوذ الجنسى واقع موجود وأن وسائل الاعلام تنقل الحقيقة أو تعبر عن مشاكل المجتمع، لكن كثرة تسليط الضوء على أعداد تلك الحالات وتفاصيلها توحى بأن آفة خطيرة أصابت البيوت المصرية وانطباعاً يزيد كثيراً عن الواقع مما يوجب التصدى لوسائل الإعلام التى تتجاوز مواثيق الشرف الإعلامى ومقاضاتها، ومثال على ذلك ما نشره مؤخرا برنامج (المستخبى) عن تغطيته لعملية القبض على 23 شاباً فى حفل للشذوذ الجنسى فى أحد الحمامات الشعبية والمذيعة واقفة بكل جرأة لتصوير الشباب العارى وهى بذلك أثبتت التهمة قبل تحقيقات النيابة وأدانت هؤلاء الشباب الذين ربما منهم أبرياء.
لقد فقدت بعض وسائل الإعلام شرف المهنة وفقدت دورها الأساسى فى الارتقاء بأخلاق المجتمع بإشاعة الفواحش وتضخيم تواجدها ولن ينجم عن ذلك إلا انهيار المجتمع.∎