خط الفقر..يتجاوز المصريين!

مي نجيب
يتناسب تسارع عجلة الانهيار الاجتماعى تناسباً طردياً مع تزايد معدلات الفقر فى المجتمع، وما من شك أن ملف «الفقر» وتراجع المستوى المعيشى للمواطن المصرى هو واحد من أخطر وأهم الملفات التى تنتظر الرئيس الحالى، كما أن التعامل الحذر مع هذه المشكلة سيحدد الكثير من الملامح الرئيسية للمرحلة المقبلة، فضلاً عن أنه سيمثل «صمام أمان» مهما وضروريا لاستقرار المجتمع نفسه وأمنه القومى!
بحسب ما أقره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن أسرة متوسطة من خمسة أفراد تحتاج لمتوسط قيمته 1620 جنيها شهرياً للوفاء باحتياجاتها الأساسية فقط، بما يضمن قدرتها على البقاء على خط الكفاف، وإن كان الرقم يبدو متواضعاً للغاية على الأقل بالنظر لموجة الغلاء الكاسح!!.
فى 2014/2/22 وطبقاً لإحصاءات السكان فقد وصل عدد سكان مصر إلى 94 مليون نسمة بزيادة مليون نسمة فى أقل من ستة أشهر، حيث يبلغ عدد المصريين بالداخل 86 مليوناً بينما وصل عدد المغتربين بالخارج طبقاً لوزارة الخارجية المصرية ثمانية ملايين.
ورغم أن القاهرة محافظة تتسم بالرفاهية الاجتماعية نوعاً ما لكن ذلك لا ينفى انتشار العشوائيات التى تعج بالفقر والأمراض، وتعانى أيضاً محافظات مصر خاصة محافظات الصعيد فقراً مدقعاً وتقع القرى الأشد فقراً فى «المنيا وأسيوط وسوهاج» وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد قرى مصر 4065 قرية منها 2496 قرية تعيش فى فقر مدقع بينها 506 قرى تعيش تحت خط الفقر!.
تصل نسبة الفقراء فى محافظة أسيوط لعام 2013/2012 - 60٪ من جملة السكان، بينما تصل فى قنا إلى 58٪، أما سوهاج فبلغت نسبة الفقراء فيها 55٪، وتأتى نسبة الفقراء فى العاصمة طبقاً للإحصاءات 18٪، من إجمالى السكان.
كما تشير الاحصاءات أيضاً إلى 10٪ من الأفراد يحصلون على 81,3٪ من إجمالى الإنفاق فى الحضر و 56,4٪ من إجمالى الإنفاق فى الريف، بينما يحصل الأفراد الأغنى فى10٪ من المجتمع على 91,27٪ من إجمالى فى الحضر، و81,20٪ من إجمالى الإنفاق فى الريف.
ويحصل أقل 20٪ من الأفراد على 09,6٪ من إجمالى الإنفاق فى الريف، فى حين تحصل نفس النسبة فى الحضر على 06,5٪ من إجمالى الإنفاق فى الحضر.
وتؤكد المؤشرات أن الأمية أهم عوامل انشار الفقر حيث تنخفض نسبة الفقر كلما ارتفع مستوى التعليم حيث بلغت نسبة الفقراء بين الأميين 37٪ عام 2013/2012 مقابل 8٪ للحاصلين على شهادة جامعية فى نفس العام.
وطبقاً لتصريحات رئيس الوزراء «إبراهيم محلب» فإن 22 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، كما أن هناك 4 ملايين شخص يقطنون العشوائيات، وهو رقم خطير يعكس مدى التدهور الذى تشهده مصر والذى انتجته أنظمة فاسدة راكمت المشكلات دون إيجاد حلول جذرية.
قضية الفقر فى «مصر» أيضاً حظيت باهتمام الإعلام الأمريكى حيث تشير دراسة أجرتها جريدة «الواشنطن بوست» الأمريكية إلى أن 762 من بين القرى الأشد فقراً تقع فى أسيوط وسوهاج والمنيا، ويعانى نصف سكانها فقراً شديداً، حيث وصفت الصحيفة أسيوط بأفقر المحافظات بنسبة 1,58٪ من إجمالى سكانها منهم 8,24٪ لا يجدون قوت يومهم وعلى صعيد آخر وصفت الصحيفة محافظات الوجه البحرى وتحديداً محافظتى دمياط وبورسعيد بالأغنى.
وكشفت الصحيفة عن ارتفاع نسبة الفقراء فى الريف عنها فى الحضر حيث تقدر النسبة بـ 85٪ من السكان بينما تبلغ نسبتهم فى الحضر 42٪ ويعيش 48٪ من مجموع الفقراء فى الوجه القبلى بينما يعيش 36٪ فى الوجه البحرى.
أما بالنسبة لخرائط الفقر فى مصر لعام 2011 بحسب الصندوق الاجتماعى للتنمية فجاءت المحافظة الأكثر فقراً وهى أسيوط تليها سوهاج ثم قنا فى حين جاءت محافظة السويس الأكثر غنى تليها جنوب سيناء ثم دمياط.
وبحسب هذه الخرائط فأن إجمالى عدد القرى المصرية هناك 126 قرية تصل نسبة الفقراء إلى 80٪ أو أكثر وهو ما يعادل 08,1 مليون فقير وتقع منهم 64 قرية فى أسيوط، 31 قرية فى الجيزة والبقية موزعة على المحافظات الأخرى.
فيما نجد أنه بين الـ 1000 قرية الأفقر فإن 222 قرية تقع فى سوهاج وهو ما يعادل 83٪ من إجمالى عدد قراها، بينما نجد 213 قرية هى الأفقر فى أسيوط بما يعادل 91٪ من إجمالى قرى أسيوط.
اللافت أن محافظات: دمياط، كفر الشيخ، الغربية، المنوفية، الإسماعيلية جميع خرجت من دوائر إحصاء الفقر، حيث لم تأت أى من القرى التابعة لهذه المحافظات ضمن تعداد القرى الفقيرة أو الأكثر فقراً.
بحسب التقارير الحكومية فقد قامت الحكومة المصرية بجهود فى محاربة الفقر، ربما لم تترك الأثر الإيجابى المطلوب، ولكنها ساهمت بشكل ما فى تقليل نسب الفقر فى القرى الفقيرة.
حيث أجرت إحصاءات للقرى الفقيرة وأصدرت مبادرة لتطوير هذه القرى وذلك فى العقد الأول من الألفينات وربما تعتبر أهم الجهود بشكل عام .
تتضمن هذه المبادرة تقديم مساعدات من خلال وزارة التضامن الاجتماعى، تقديم الدعم لمستحقيه، مشروعات تنمية الريف واستصلاح الأراضى، ويعبتر إنشاء الصندوق الاجتماعى للتنمية خطوة فى طريق التنمية خاصة أنه يقدم خدمات وقروضا لمحدودى الدخل بتسهيلات جيدة تساهم فى تشجيع المشروعات الصغيرة.
من جانبها كذلك بذلت وزارة التضامن الاجتماعى الكثير من الجهود حيث قدمت نحو مليون جنيه عام 2006 كإعانات لأكثر من 1,1 مليون شخص وذلك وفقاً لموقع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء.
كما تقدم كذلك وزارة الأوقاف إعانات شهرية لأكثر من 132 أسرة بخلاف ما تقدمه الدولة من حقوق لأصحاب المعاشات.