حلمى النمنم
2025 ..انتفاضة الروح المصرية
عادة يتم رصد حصاد السنة المنقضية بمتابعة ما تحقق خلالها من نجاحات وإنجازات، أيضًا رصد ما وقع من أخطاء وسلبيات أو أزمات صغرت أو كبرت، يدخل فى الأمر رصد من فقدنا، أى الوفيات وهى مسألة قدرية. والمهم لدينا هو ما وراء الأحداث وما تعنيه.
وعلى الجانبين، لدى المصريين الكثير من الإنجازات والنجاحات والعديد من الأحداث المؤسفة والمؤلمة.
على رأس الإنجازات افتتاح المتحف المصرى الكبير، ذلك المشروع الذى استغرق أكثر من عشر سنوات، بتكلفة مالية ضخمة، حمل المشروع وتنفيذه الكثير من المعانى، أهمها اعتزاز المصريين بهويتهم وحضارتهم القديمة لا مفاضلة بين مراحل تاريخنا وتراثنا، لا قطيعة مع مرحلة بعينها ولا إقصاء لأى منها.
بدأ المشروع، مطلع التسعينيات فكرة لدى وزير الثقافة العريق الفنان فاروق حسنى، وضع حجر الأساس الرئيس الراحل حسنى مبارك، بدأ العمل الفعلى به، سنة 2014، مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهذا يسقط المقولة الرائجة أن كل مسئول يأتى يقوم بشطب كل ما سبق ويبدأ من الصفر، واقع الحال أن مصر بلد المؤسسات والبيروقراطية، التى تقوم على التواصل والاستمرارية، المتحف الكبير نموذجًا، النماذج عديدة أمامنا، السد العالى كان فكرة تتردد من أيام الملك فؤاد، بحث تنفيذها فى عهد الملك فاروق ورفضت الفكرة ثم أعيد طرحها فى عهد ثورة يوليو 52، على النحو المعروف، كوبرى أكتوبر بدأ فى نهاية عهد الرئيس عبدالناصر باسم كوبرى ناصر، وتواصل العمل به فى سنوات السادات وتغير اسمه بعد حرب اكتوبر المجيدة، وانتهى فى عهد مبارك.
فى افتتاح المتحف كان العالم حاضرا فى مصر، سواء بحضور الزعماء والقادة أو بالمتابعة عبر التغطيات الإعلامية الواسعة للحدث. قبل الافتتاح بأقل من شهر، كان العالم حاضرًا فى مدينة السلام «شرم الشيخ «لتوقيع اتفاق وقف الإبادة فى غزة.
تم التوصل إلى الاتفاق بجهود كبيرة وعديدة، على رأسها الجهد المصرى الذى لم يتوقف منذ لحظة الانفجار الكبرى فى السابع من أكتوبر 23.
اقتصاديا واجتماعيا تحققت انفراجة مالية بعودة الملاحة إلى قناة السويس وانتعاش حركة السياحة وقفزة فى تحويلات المصريين بالخارج، ارتفع احتياطى النقد الأجنبى ليجاوز الخمسين مليار دولار.
خارج حدودنا كان الاشتباك، خلال الصيف، على مدى 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، لتدمير البرنامج النووى الإيرانى وعدد من مواقعها الدفاعية وتدخلت الولايات المتحدة فى الاشتباك، ترتب على ذلك أضعاف الأذرع الإيرانية فى المنطقة، جنوب لبنان واليمن، فضلا عن صعود الإرهابى السابق (الجولانى)، هذه الأحداث كلها وقعت على خلفية ما حدث فى غزة، تداعيات كل ذلك على المنطقة بمن فيها نحن فى مصر، لم يتوقف حتى هذه اللحظة، مازال الملف مفتوحًا وقبل أن ينتهى العام بدأت إدارة ترامب فى التعامل مع جماعة حسن البنا، خاصة فروعها فى الأردن ولبنان، فضلا عن مصر باعتبارها جماعة إرهابية.
المنتظر أن يؤدى ذلك إلى تجفيف منابع دعم الجماعة فى المنطقة والاحتماء الذى نعمت به داخل الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية، كانت ملاذا لهم من الملاحقات القانونية والقضائية.
فى الجانب السيئ كان حريق سنترال رمسيس، لم تعلن للرأى العام بعد، نتائج التحقيق فى أسباب الحريق، وارتفعت معدلات حوادث الطرق، وازدادت أعداد الضحايا من قتلى ومصابين.
أهم ما حدث فى سنة 2025، هو ما يمكن أن نطلق عليه «انتفاضة الروح المصرية «، قوية وعفية، خاصة حين تكشف أمر الاعتداء على الأطفال الصغار فى مدارس سيدز ومدارس دولية أخرى، تحركت الدولة والمجتمع، رئيس الجمهورية، النائب العام، وزارة التعليم.وتم اتخاذ خطوات حاسمة من اللحظة الأولى.
بعيدًا عن تلك الجريمة، انتفضت الروح المصرية، مع تجاوزات المرحلة الأولى فى انتخابات مجلس النواب، ناشد السيد الرئيس الهيئة الوطنية للانتخابات اتخاذ الإجراءات لضبط العملية الانتخابية وتصحيح ما جرى ويجرى، الفيتو الرئاسى تجاوب مع صيحات عديدة داخل المجتمع تحذر من إفساد العملية الانتخابية والسياسية فى البلاد.
قبل الانتخابات كانت الروح المصرية تتحرك بزهو واعتزاز مع افتتاح المتحف، ربما كان هذا الاعتزاز سببًا رئيسًا فى أن تتحرك تلك الروح رفضًا لجريمة الاعتداء على الأطفال ورفضا لمحاولات تزييف المشهد الانتخابى.
انتفاضة الروح المصرية، أثمن وأهم ما وقع فى هذا العام.











