ركيزة أساسية لحفظ الكرامة الإنسانية
الأونروا.. شريان حياة لملايين الفلسطينيين
آلاء شوقى
عقب تجديد الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة ولاية وكالة الأونروا لمدة 3 سنوات قادمة، جاء بيان وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات وإندونسيا وباكستان وتركيا والسعودية وقطر، كصرخة سياسية وأخلاقية فى وجه الانهيار الإنسانى المتسارع داخل قطاع غزة، مشددًا على أن دعم الوكالة يمثل ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار وصون الكرامة الإنسانية، وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد أنه لا توجد أى جهة أخرى تمتلك البنية التحتية والخبرة والانتشار الميدانى اللازم، لتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين؛ وأن أى إضعاف لقدرة الوكالة الدولية سيترتب عليه تداعيات إنسانية واجتماعية وسياسية خطيرة على مستوى المنطقة بأسرها.
كما دعا البيان، المجتمع الدولى إلى ضمان توفير التمويل الكافى والمستدام للوكالة، ومنحها المساحة السياسية والعملياتية اللازمة لمواصلة عملها الحيوى فى كافة مناطق عملياتها الخمسة؛ وأن استمرار (الأونروا) ليس خيارًا سياسيًا، بل ضرورة إنسانية ملحة.
جاء البيان، بعد أيام قليلة من تجديد الجمعية العامة للأمم المتحدة ولاية (الأونروا)، وفى وقت تواجه فيه الوكالة ضغوطا مالية متصاعدة، وأعباء إنسانية متزايدة، فى ظل منع الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ترجمة التأييد السياسي
من جانبه وصف عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامى لوكالة «أونروا» –فى تصريحات لمجلة «روزاليوسف» – قرار تجديد الجمعية العامة للأمم المتحدة ولاية (الأونروا) بالتاريخى والهام، فى وقت تتعرض فيه الوكالة لحملات تشويه وتضليل وتشكيك، فى محاولة لنزع الشرعية منها. وعليه، رأى أن القرار جاء بغالبية ساحقة من الدول الأعضاء، هى رسالة لكل المشككين بدور (الأونروا).
وفيما يخص غزة تحديدًا، أوضح أن الوكالة بحاجة إلى أن تسمح لها إسرائيل بإدخال المساعدات؛ موضحًا أن لديهم آلاف الشاحنات تقف على أبواب القطاع، بها مواد غذائية تكفى «غزة» لمدة 3 أشهر، بها مئات الآلاف من الخيام، والأغطية، وغيرها تكفى 1.3 مليون فلسطيني؛ فضلًا عن تمتع (الأونروا) بالبنى التحتية، والقدرات اللوجستية، بقوة 12 ألف موظف قادرين على العمل.
وفى هذا السياق، أشار «أبو حسنة» لتحدى آخر، وهو الوضع الأمنى، موضحًا أن 53% من مساحة قطاع غزة تحت سيطرة جيش الاحتلال، ويتواجد نحو 116 مركزا ومبنى تابعا للأونروا فى -ما يعرف- بالمناطق الخطرة، أو المنطقة الصفراء، أو المنطقة التى تحت سيطرة الجيش الإسرائيلى، منها مراكز توزيع مواد غذائية، ومدارس.
أما فى الضفة الغربية المحتلة، فإن هناك تدميرًا فى المخيمات الفلسطينية، واحتراق نحو 32 ألفا من مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم.
الشرعية الدولية
قال محمد فهد الشلالدة، وزير العدل الفلسطينى السابق –فى تصريحات لمجلة روزاليوسف – إن إسرائيل -كقوة احتلال- ملزمة باحترام وتطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص تجديد ولاية (الأونروا)، بناء على الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية، بشأن التزامات إسرائيل تجاه المنظمات الدولية، والأراضى الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وأن القرار يتمتع ببنية قانونية هامة بخصوص (الأونروا)، لأنه يطالب بإسرائيل باحترام حرمة مقار الأمم المتحدة، وضرورة الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولى، كما أن القرار يلزم إسرائيل بتوفير الغذاء، والماء، والدواء، والمأوى، وعدم عرقلة عملية الإغاثة.
وفى هذا الصدد، أكد «الشلالدة» أنه لا يعتد بالتشريعات والقوانين واللوائح –العنصرية والباطلة- التى سنتها إسرائيل تجاه (الأونروا) أو الشعب الفلسطيني؛ وأن كافة القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، والآراء الاستشارية، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، هى القانون الذى يحكم وينظم أفعال وتصرفات الاحتلال؛ مؤكدًا على القوة الإلزامية للقانون الدولى بكافة فروعه.
وفيما يخص استمرار عرقلة عمل (الأونروا)، أوضح أنه من الضرورى العمل على استخدام وتوظيف قرارات الأمم المتحدة، والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية، لتحميل قوة الاحتلال المسئولية الدولية، ومن بينها: مطالبة الأمم المتحدة بإلزام قوة الاحتلال بوقف أعمالها غير المشروعة تجاه (الأونروا)؛ والتأكيد على أن «فلسطين» عربية إقليمًا وشعبًا طبقًا للقانون الدولى، وأن وفرض سياسة الأمر الواقع لا تكسب الاحتلال حقًا الإقليم المحتل؛ إلى جانب دعوة المحكمة الجنائية الدولية أن تنتصر لسيادة القانون الدولى فى فلسطين بمحاكمة مرتكبى الجرائم الإسرائيلية.
من جانبه، قال د. منير نسيبة، أستاذ القانون الدولى بجامعة القدس –فى تصريحات لمجلة روزاليوسف- إن الاحتلال الإسرائيلى يعرقل عمل (الأونروا) فى فلسطين، وقد يستمر بهذا الأمر، لأنه أفلت من العقاب فى جميع الجرائم التى قام بها، رغم إصدار محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا أوضح فيه ضرورة حماية واستمرار عمل (الأونروا).
لا بديل عن (الأونروا)
أكد د.أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية –فى تصريحات لمجلة روزاليوسف- أن (الأونروا) تمثل العمود الفقرى للعمل الإنسانى فى قطاع غزة، باعتبارها موجودة منذ عشرات السنوات، وتعمل مع مئات الآلاف من الفلسطينيين لتقديم الخدمات بأشكال مختلفة، حيث يتعلم أكثر من 300 ألف طالب فى مدارس الوكالة؛ فضلًا عن تلقى عشرات الآلاف من الفلسطينيين العلاجات من عياداتها، ناهيك عن خدماتها الاجتماعية والإغاثية.
وقال «الشوا»: إنه لا يوجد أى وكالة، أو مؤسسة، أو هيئة سواء للأمم المتحدة، أو مؤسسة دولية، أو محلية تستطيع أن تستبدل دور (الأونروا) بأى شكل من الأشكال، أو تغطية هذا الدور»؛ وأن الوكالة لا تمثل البعد الخدماتى فحسب، بل تمثل بعدًا مهما للقضية الفلسطينية، إذ يعد وجود (الأونروا) مرتبط بحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وأوضح –أيضًا- أن استمرار الاحتلال الإسرائيلى فى منع دخول المساعدات، وتقويض عمل (الأونروا)، والتحريض عليها -المستمر من الاحتلال الإسرائيلى، وأيضًا الإدارة الأمريكية، التى أوقفت تمويلها- يلحق ضررًا بخدمات الوكالة، ويفرض تداعيات خطيرة على الواقع الإنسانى فى قطاع غزة، والوضع الإنسانى فى غزة فى حالة تدهور مستمر على كافة المستويات، وبشكل خاص مع دخول فصل الشتاء.
وقال «الشوا»: إن هناك مليون ونصف المليون فلسطينى من سكان القطاع فقدوا منازلهم جراء العدوان الإسرائيلى، معظمهم يعيشون فى خيام بالية مهترئة، وبمناطق تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية، كشبكات المياه، والصرف الصحى، وخدمات النظافة، وغيرها، إلى جانب غرق تلك الخيام، وتدفق السيول المختلطة مع النفايات، والصرف الصحى إلى أسرهم وما تبقى من مستلزماتهم؛ فضلًا عن وجود 61 مليون طن من الركام الذى تسبب به الدمار الإسرائيلى، وأكثر من 10 آلاف مفقود تحت هذا الركام.







