محمود السعدنى
الحظ الهباب!
غريبة يا دنيا.. وعجيبة ومضحكة أيضًا.. الولد البطل تايسون أكل علقة رهيبة فى حوالى نصف الساعة، وهبر ثلاثين مليون دولار! ثروة لم يستطع المليونير أحمد عبود باشا- يرحمه الله- أن يحقق مثلها خلال حياته الطويلة، ما الذى حققه الدكتور الجراح حليم جريس من عمله الذى امتد حوالى 65 عامًا أجرى خلالها ألوف العمليات، وأنقذ آلاف الأرواح؟ ما الذى كسبه محمد حسنين هيكل من عشرات الكتب التى طالعها، ومئات الأحاديث التى أجراها، وألوف الليالى التى سهرها حتى الفجر؟ ما الذى أخذه الزعماء الذين أعادوا صياغة الحياة بالنسبة لأوطانهم وشعوبهم؟ ماذا أخذه عبدالناصر، ومصطفى النحاس، وسعد زغلول، ومصطفى كامل، وعرابى؟ ما الذى جناه زعماء شالوا الهم على أكتافهم، وأكلوا القلق مع طعامهم؟ زعماء أمثال حسنى مبارك، وحافظ الأسد وياسر عرفات.. وكيف تستقيم الحياة إذا كان ولد صايع من حوارى نيويورك يحصل فى نصف ساعة على 30 مليون دولار؟
بينما رجل مثل الحباك يحقق 50 مليون دولار فقط خلال حياته الوظيفية من أعمال غير مشروعة! ثم ينام على الأسفلت فى نهاية العمر بالرغم من ذكائه وعبقريته وكفاءته فى عمله، وهى صفات لا أحد يستطيع أن ينكرها عليه أو يجردها منه، 50 مليون دولار للحباك خلال نصف قرن من العمل، تساوى بالضبط دخل ثلاثة أرباع الساعة عند تايسون، 50 مليون دولار فقط للحباك بعد نصف قرن من العرق والضنى والتوجس والترقب، أعقبها سجن وفضائح وجرسة وهتيكة.. واللى ما يشترى يتفرج! ما الذى جرى للدنيا؟ وما الذى جرى للناس؟ ولد لعيب كورة اسمه شيرر لا يعرفه أحد خارج بلاده، انتقل من نادى بلاكبيرين الإنجليزى إلى نادى نيو كاسل الإنجليزى أيضًا، بمبلغ 20 مليون جنيه استرلينى.. وبنت ألمانية وشّها يقطع الخميرة من البيت اسمها شتيفى جراف.. حصلت فى موسم تنس واحد على 6 ملايين دولار.. وولد اسمه رجب سيكا من بتوع الإسماعيلى يحصل على 300 دولار فى الماتش الواحد، وينهزم بالأربعة أمام نادى شبين.
بينما يطفح الدم محافظ عجوز طول الشهر مثل عمر عبدالآخر مقابل مائة دولار هى مرتبه عن كل شهر!
والله يرحمها أمى ويحسن إليها، كانت تمنعنى من لعب الكورة خوفًا على حذائى من التقطيع والبهدلة، فتضطر إلى شراء حذاء آخر للعبد لله، لو علمت الغيب- يرحمها الله- لاشترت للعبد لله دستة أحذية مرة واحدة وتركتنى أمارس لعب الكورة، ولو أنها فعلت.. لأصبحت الآن مدربًا للفريق القومى بالشىء الفلانى.. وبالتأكيد كنت سأحقق نفس النتائج التى حققها الكابتن فاروق جعفر، التعادل مع مالى.. وأنا مالى على رأى محمد عبدالمطلب.. ولكن تقول إيه لحظنا الهباب!؟







