مهرجان إيزيس الدولى.. منصة مسرحية يعلو فيها صوت المرأة

قبل أيام قليلة انطلقت فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان إيزيس الدولى للمسرح، والمستمر حتى 2 أكتوبر المقبل، ذلك المهرجان الذى يهتم بعروض المسرح المعنية بقضايا المرأة أيًا كان صانعها، كما يهتم بالعروض التى من إبداع النساء ويلقى الضوء على التجارب الحداثية والمختلفة، الجميل فى هذه الدورة من المهرجان أنها قد شهدت نقلة نوعية من حيث تنوع الفعاليات بين عروض مسرحية وورش تدريبية وندوات وأفلام ومسابقة التأليف، وفى السطور التالية نلقى الضوء على أبرز ما تضمنته من فعاليات بعضها يحدث لأول مرة.

 

 دورة سميحة أيوب

رحلت الفنانة «سميحة أيوب» فى يونيو الماضى أثناء الإعداد للدورة الثالثة من مهرجان إيزيس الدولى للمسرح، وهو ما دفع صنّاعه إلى إطلاق اسمها عليها عرفانًا بدور هذه الفنانة القديرة فى إثراء الحركة المسرحية، وتقديرًا لبصماتها الواضحة سواء كممثلة لعبت بطولة أهم المسرحيات منها (السبنسة، وفيدرا، وسكة السلامة، والفتى مهران، ودماء على ستار الكعبة) أو مخرجة، حيث إنها أول سيدة تقوم بإخراج عرض مسرحى على خشبة القومى وكان تحديًا كبيرًا فى زمن تألق فيه عدد من عمالقة المسرح المصرى، أو إدارية، حيث كانت أول سيدة تُدير المسرح القومى، فضلا عن مناصب عديدة تولتها،اهتمت فيها بتقديم نصوص عالمية مهمة وعقد شراكات فنية مع فرق وفنانين عالميين مما عزز مكانة المسرح المصرى على الساحة الدولية، وتقديرًا لهذا الدور ولهذه القيمة كان لا بد أن يتصدر اسم «سميحة أيوب» هذه الدورة.

عروض وتكريمات

شهدت العروض المتقدمة للمشاركة فى المهرجان طفرة هذا العام، حيث وصل العدد إلى أكثر من 105 عروض مسرحية، وتم الاستقرار على مشاركة 15عرضًا مسرحيًا من ٦ دول، إضافة إلى حفل غنائى وفيلمين وثائقيين، وتضم هذه الدورة 7 عروض مصرية متميزة إضافة إلى عروض من لبنان وفلسطين وإيطاليا واليابان، وضيف الشرف إسبانيا التى تُشارك بعرضين، ويقدم المهرجان لأول مرة هذا العام دعمًا ماليًا للعروض المصرية المشاركة يقدر بـ 10.000 جنيه مصرى لكل فرقة يتم اختيارها، سواء كان أعضاؤها من أبناء القاهرة أو خارجها، بينما لا يغطى المهرجان تكاليف الانتقال أو الإقامة للفرق القادمة من خارج القاهرة، حيث تم فتح باب الاشتراك أمام العروض المسرحية المصرية التى تتناول قضايا المرأة أو التى تُشارك النساء فى صناعتها، على ألا تزيد مدتها على 90 دقيقة ولا تقل عن 30 دقيقة، الجميل أن وزارة الثقافة دعمت المهرجان لوجستيًا منذ انطلاقه لكنها لأول مرة هذا العام تقدم دعمًا ماديًا بعد أن أثبت المهرجان حضوره القوى وقدرته على التطور، وهو ما شجع عددًا من المؤسسات والشركاء على الانضمام.

وقد كرمت هذه الدورة عددًا من نجوم الفن فى مصر والعالم ومنهم الفنانات «حنان سليمان، فريدة فهمى، عايدة فهمى، معتزة عبدالصبور»، المخرجة المنفذة «علا فهمى»، الأكاديمية «د.منى صادق»، الفنانة اللبنانية «حنان الحاج على»، والممثلة والمخرجة الإيطالية «آنا دورا دورنو».

 مسابقات وندوات

أطلق صنّاع المهرجان فى هذه الدورة مسابقة (فتحية العسال للتأليف المسرحى) بالتعاون مع دار ريشة للنشر والتوزيع التى تهتم بالمشروعات الأدبية والفكرية والثقافية المتميزة فى مختلف مجالات الإبداع، حيث سيحصل الفائزون الذين ستعلن أسماءهم فى حفل الختام على فرصة لنشر نصوصهم فى كتاب، كما سيتم طرح هذه الكتب فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وتقدم للمنافسة على جوائز هذه المسابقة أكثر من 80 نصًا يتنافسون على جوائز التأليف فى مسارين أحدهما للمحترفين والآخر للمبتدئين، وتأتى هذه المسابقة كمحاولة جادة لمد يد العون لكتاب النصوص المسرحية حتى تخرج إبداعاتهم إلى النور، أما المحور الفكرى فى المهرجان فينقسم إلى ندوتين: الندوة الرئيسية عن الذكاء الاصطناعى واستخداماته الفنية وحقوق الملكية الفكرية بمشاركة خبراء، والثانية ضمن مسار «الشهادات» الذى يقام للدورة الثالثة على التوالى تحت عنوان «كيف نفذن من الحائط الشفاف»، بمشاركة فنانات وناقدات مثل «سلوى محمد على، مايسة زكى، وجهاد الدينارى»، يقدمن شهاداتهن عن التحديات التى تواجه المرأة.

 ورش وفعاليات

وبخلاف المسابقة والندوات فهناك العديد من الورش والفعاليات التى ينتظرها عشاق المسرح ومحبيه مثل الورشة التدريبية المكثفة التى تُقام بالتعاون مع الفرقة nstabili Vaganti الشهيرة الحاصلة على جوائز عالمية، وهى فرقة مسرح إيطالية تجريبية، تأسست فى بولونيا عام 2004 على يد المخرجة والممثلة «آنا دورا دورنو»، والممثل والكاتب المسرحى «نيكولا بيانزولا» وتهتم بالبحث فى المسرح الجسدى والأداء المعاصر، كما تدمج بين الفنون الأدائية المختلفة، مثل الرقص، الفيديو آرت، والموسيقى الحية، ومعروفة بمشروعاتها العابرة للحدود التى تنفذها فى أوروبا، أمريكا اللاتينية، آسيا، والشرق الأوسط، وتقام الورشة فى قبة الغورى بالقاهرة الفاطمية وينتج عنها عرض مسرحى بمشاركة فنانات من مصر (راقصات ومؤديات وممثلات) ممن لديهن خبرة فى المسرح الجسدى.

كما تم تنظيم ورشة تدريبية متخصصة فى إدارة المسرح والإنتاج، تقدمها المدربة «مرام عبدالمقصود» فى إطار حرص المهرجان على تمكين الشباب وإعداد كوادر جديدة قادرة على العمل كمديرى مسرح وإنتاج فى مؤسسات ثقافية ومشروعات فنية متنوعة، وقد شهدت هذه الورشة إقبالًا كبيرًا على المشاركة، حيث وصل عدد المتقدمين إلى 126 فردًا، مما يعكس اهتمام الشباب بالمشاركة فى الأنشطة المسرحية واكتساب خبرات جديدة فى هذا المجال. 

وتهدف الورشة إلى صقل مهارات الشباب وتزويدهم بخبرات عملية ونظرية فى مجال إدارة العروض والإنتاج الفنى، وتجمع بين الجانبين النظرى والتطبيقى من خلال محاكاة حقيقية لآليات العمل المسرحى، حيث يُشارك المتدربون ضمن فرق الإنتاج والفريق الفنى لعروض المهرجان، بهدف إكساب المشاركين مهارات عملية فى إدارة العروض، إعداد الميزانيات والجداول الزمنية، والتعامل مع الممثلين والفنيين، مع تعزيز قيم التعاون والعمل الجماعى.

كما نظم المهرجان ورشة عمل بعنوان «كتابة الرؤية الإخراجية»، والتى يقدمها المخرج والمدرب المسرحى «سعيد قابيل»، فى معهد جوته، وتهدف إلى تدريب المخرجين على صياغة رؤية إخراجية متكاملة للمشروعات المسرحية، من خلال توظيف عناصر العرض المسرحى مثل فكرة النص، الأفكار الثانوية، الديكور، التمثيل، الحركة، الإضاءة، الأزياء، الماكياج والموسيقى. وستساعد الورشة المشاركين على كتابة رؤيتهم الإخراجية بشكل واضح ومهنى يسهل تقييم مشاريعهم من قبل لجان التحكيم وجهات الإنتاج والعرض. كما تتناول الورشة كيفية تجهيز مشروع عرض مسرحى للاشتراك فى مهرجانات أو تقديمه لجهات العرض، بما فى ذلك تصوير الفيديو والتسجيلات، إعداد الملفات التقنية والإعلامية، الإجراءات الرسمية والتنسيق اللوجستى.

وهناك ورش أخرى تقدم خلال فعاليات المهرجان منها ورشة الأداء الحركى للمدربة الإيطالية «آنا دورا دورنو»، وورشة كتابة المشاريع المسرحية بقيادة المخرج «أحمد العطار»، إلى جانب ورشة عن العنف الإلكترونى الموجه ضد المرأة، بينما يقدم الفنان الكبير «فتحى عبدالوهاب» ماستر كلاس خاصًا كإحدى المفاجآت المميزة فى هذه الدورة.