الأربعاء 24 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

رسوم البليت.. حماية لصناعة الحديد الوطنية أم سلاح ذو حدين

لماذا اتخذت الحكومة المصرية خطوة فرض الرسوم الوقائية؟

بعد أربع سنوات من إلغاء الرسوم الوقائية على واردات خام الحديد، عادت وزارة الاستثمار لتفرض رسومًا جديدة على واردات خام «البليت»، فى خطوة استراتيجية تهدف إلى حماية الصناعة المحلية وتعزيز التصنيع. يأتى هذا القرار بالتزامُن مع منح ثمانية مصانع مصرية رخصًا لإنتاج «البليت» بطاقة إجمالية تبلغ 3.7 مليون طن سنويًا، فى إطار خطة طموحة للدولة المصرية لتقليل فاتورة الاستيراد وتعزيز الاكتفاء الذاتى. ورغم أن هذه الخطوة تهدف لدعم الصناعة؛ فقد أثارت جدلًا واسعًا فى السوق؛ حيث رفعت بعض المصانع أسعارَها بشكل مفاجئ، فى حين ذهبت مصانع أخرى لخفضها، مما يثير تساؤلات حول أهداف القرار وتداعياته على السوق والمستهلك.



 

قرارات وزارية 

أصدر المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ثلاثة قرارات وزارية بفرض رسوم وقائية مؤقتة على عدد من منتجات الصلب، اعتبارًا من الأحد الموافق 14 سبتمبر المقبل.. وتتضمن القرارات فرض رسوم مؤقتة لمدة 200 يوم على واردات المسطحات المدرفلة على الساخن، والمسطحات المدرفلة على البارد، والصاج المجلفن والملون، بالإضافة إلى منتجات «البليت».

وأكد الوزير أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الصناعة المحلية من الممارسات الضارة فى التجارة الدولية؛ خصوصًا مع وجود فوائض كبيرة فى الإنتاج العالمى، مما دفع العديد من الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية إلى فرض تدابير حمائية. وشدّد على أن هذه القرارات تتماشى مع التزامات مصر الدولية وقانون حماية الاقتصاد القومى.

وأضاف «الخطيب»: إن اتخاذ هذه الخطوة جاءت أيضًا استجابة للتطورات المتسارعة فى الأسواق العالمية، التى تشهد فوائض كبيرة فى الإنتاج، وهو ما  دفع العديد من الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية إلى فرض تدابير حمائية لحماية صناعاتها المحلية.

وأوضح أن القرارات المصرية تستهدف منع تدفق الواردات التى تهدد تنافسية الصناعة المحلية، ومنحها الحماية المؤقتة اللازمة لتعزيز قدرتها على التوسع والإنتاج والتصدير.

تراخيص جديدة

تأتى القرارات الوزارية بالتوازى مع جهود الدولة لتعزيز الإنتاج المحلى من خام «البليت»؛ حيث تقدَّر واردات مصر منه بنحو 1.8 مليون طن سنويًا، بقيمة تصل إلى مليار دولار. وفى محاولة لتقليل هذه الفاتورة الضخمة، طرحت وزارة الصناعة تراخيص جديدة لإنتاج الخام، حصلت عليها ثمانى شركات مصرية بطاقة إنتاجية إجمالية تصل إلى 3.7 مليون طن.

ووفقًا للاتحاد العربى للحديد والصلب، حصلت شركتا «عتاقة للصلب»  و «العشرى للصلب» على أكبر الرخص بطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون طن ومليون طن على التوالى. كما فازت ست شركات أخرى بتراخيص تبلغ 200 ألف طن لكل منها. ومن المتوقع أن تحقق هذه الرسوم عائدًا يقدر بـ 4.5 مليار جنيه خلال الـ200 يوم الأولى، مما يساهم فى دعم الاقتصاد.

تأثير القرارات 

رغم أن قرار فرض رسوم على «البليت» كان يستهدف حماية الصناعة المحلية؛ فإنه أدى إلى انقسام فى ردود أفعال المصانع.. تجاهلت مصانع الحديد المتكاملة، التى لا تعتمد بشكل كبير على «البليت» المستورد القرار، ونفت أى نية لزيادة الأسعار؛ بل أعلنت شركة «السويس للصلب» عن خفض سعر الطن بمقدار 200 جنيه فى محاولة لتنشيط السوق المترنح.

وأعلنت شركة حديد عز تثبيت أسعارها لمدة 3 أشهُر، مؤكدة لعملائها، أنه ليس من المنتظر أى زيادات مستقبلية، من خلال متابعة حركة أسعار الخامات والمداخلات الرئيسة لصناعة الصلب.

وقالت الشركة: « إنه ليس من المنتظر حدوث أى زيادات مستقبلية» خلال تلك الفترة. وأشارت إلى أن قرار التثبيت يأتى استنادًا إلى متابعة دقيقة لحركة أسعار الخامات العالمية، وعلى رأسها خام الحديد والبليت، بالإضافة إلى مدخلات إنتاج أخرى مثل الفحم والطاقة.

ويتراوح متوسط سعر طن حديد التسليح حول 38 ألف جنيه، وهو السعر الذى انخفض خلال الفترة الأخيرة بسبب المبادرة التى قامت بها الحكومة لخفض الأسعار بالتعاون مع عدد من المصانع المحلية .

على النقيض تمامًا؛ أثر القرار سلبًا على مصانع الدرفلة التى تعتمد على «البليت» المستورد كمادة خام أساسية.. فقد سارعت هذه المصانع، مثل «حديد المراكبى» و«حديد الجارحى»، إلى رفع أسعارها بشكل كبير، بزيادة بلغت 2000 جنيه للطن؛ لتعويض الزيادة فى تكلفة الإنتاج، قبل أن تخفضها لاحقًا بـ500 جنيه.

ووفقًا لطارق الجيوشى، رئيس مجلس إدارة شركة الجيوشى للصلب، فإن السوق المصرية كبيرة للغاية ويحتاج إلى المزيد من المصانع المحلية لإنتاج «البليت» لزيادة الطاقة الإنتاجية.. وشدد على أن تشغيل المصانع المتوقفة مثل «الحديد والصلب» و«الدلتا» من شأنه أن يوفر العملة الصعبة ويحد من الاستيراد، مما يوفر على الدولة والمصانع مبالغ ضخمة.

طاقة إنتاجية 

قال محمد حنفى، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية، لـ«روزاليوسف، إن فرض رسوم وقائية على واردات البليت يستهدف حماية صناعة الصلب المحلية، فى ظل التحديات التى تواجهها المصانع المتكاملة فى منافسة مصانع الدرفلة نتيجة فارق الأسعار الكبير بسبب سياسة الإغراق. 

وأكد «حنفى»، أن دراسة الرسوم جاءت عقب حصول 9 شركات على رخص إنتاج جديدة باستثمارات 7 مليارات جنيه، وهو ما يمثل إضافة مهمة للسوق المحلية.

وأشار إلى أن السوق المصرية تحتاج إلى نحو 10 ملايين طن من البليت سنويًا، فى حين أن الرخص الجديدة سترفع الطاقة الإنتاجية إلى 15 مليون طن سنويًا، أى بزيادة تفوق الطلب المحلى بنسبة 50 ٪.

 وشدّد على أن فرض الرسوم الوقائية سيكون ضروريًا لحماية هذه الاستثمارات، وأن البلاد قد تتمكن خلال السنوات الـ5 المقبلة من تصدير البليت لأول مرة.

فى النهاية يظل السؤال مطروحًا: هل يمثل قرار فرض رسوم على «البليت» خطوة ضرورية لحماية الصناعة الوطنية، أم أنه سيؤدى إلى احتكار السوق من قبل كبار المنتجين ويضر بمصانع الدرفلة والمستهلك النهائي؟  

 

 

 

قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن فرض رسوم الإغراق على منتجات البليت والصاج سيكون لفترة مؤقتة تبلغ 200 يوم فقط.

وأشار إلى أن هذه الإجراءات المؤقتة تُستخدم لحماية الصناعة الوطنية من المنافسة الضارة.

وأضاف مدبولى، خلال لقاء جمعه برؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة، أن الوضع سيتم إعادة تقييمه بعد انتهاء الفترة المقررة لتحديد تأثير القرار على المواطنين والأسعار، مؤكدا أن القرار جاء بعد دراسة متكاملة أعدها خبراء وزارة الاستثمار.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الاتحاد الأوروبى نفسه سبق أن فرض رسوم إغراق على بعض المنتجات المصرية، مشددًا على أن هذا الإجراء ليس استثنائيًا بل جزء من الآليات العالمية لحماية الصناعات الوطنية.