
هناء فتحى
عكس الاتجاه
مفاجأة حلوة من وزارة الداخلية
بدا كلطمةٍ مفاجئة على الرأس وكأنها جاءتنى من شخص (قريب) كنت لا أتوقع شخصيًا فعلته وضربته، وهو تجاهل وزارة الثقافة لمقالى السابق، ثم وكأنها جاءتنى من شخص (بعيد) كنت لا أتوقع شخصيًا ردة أى علاقة - فعله، وهو استجابة وزارة الداخلية الفورية لشكواى، حيث لم يكن لعملى - شغلى فى روزاليوسف - أية علاقة بالداخلية
فى التباين الواضح الجلى وشديد الاتساع بين موقفى وزارة الثقافة ووزارة الداخلية بصدد مقالى الخاص بذاك العسف والعصف من بعض العاملين بدار المحفوظات بالقلعة فى طلب تقدمت به للحصول على بيانات ميلاد والدى فمنحونى بيانات (والد) آخر لا أعرفه وإصرارهم على استخراج نفس البيانات الخاطئة فى كل مرة أعيد فيها تقديم ذات الطلب، قائلين بما معناه (هو ده اللى عندنا) ثم رفضهم القاطع بمنحى شهادة تفيد فقط بـ(عدم الاستدلال)
فى ذات يوم نشرى للمقال صباحًا بمجلة روزاليوسف العدد الماضى، رد عليّ قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية، فكان أن اتصل بى شخصية مهمة فى مكتب الوزير يسألنى عن الحكاية والرواية والشكوى من طأطأ لسلامو عليكو، وبعد ساعة كانت شهادة ميلاد والدى موجودة صحيحة البيانات على واتساب موبايلى.
هكذا! نعم
مع أنه لليوم وحتى اللحظة، لم ترد (دار المحفوظات)القطاع الذي يتبع مباشرة وزارة الثقافة ووزيرها، والتي جرت بها الواقعة وعلى مدار أسبوعين من العذاب والإحباط والفشل، وهو حال كثير ممن يتوجهون إلى هناك لاستخراج وثائق من المفترض أن تكون موجودة ومتاحة بسهولة لأنها ليست معنية سوى بشجرة عائلة المصريين فرعًا فرعًا وورقةً ورقة، وليس لها عمل غير ذلك، وهى أيضًا كانت الدار التي سُمَيَت بـ (الدفتر خانة) حين أنشأها «محمد على» عام 1829، تقول المعلومة الفهم المتوفرة فى جوجل بأن دار المحفوظات أو الدفتر خانة قديما أنها أيضا (تتبع وزارة المالية)! يا سلام! إيه؟
وأن هذه الدار -التي يُفتَرض أنها مهمة- لها أكثر من 150 مليون مستند لمواليد ووفيات المصريين، وبها مكتبة نادرة تضم كتبا وجميع معاهدات مصر منذ قيام الدولة العثمانية وبها عشرات آلاف خرائط لمصر والعالم.
يا قوة الله! وفَشَلَت على مدار أسابيع فى استخراج بيانات ميلاد والدى؟ وفشلت مع كثير مِن المواطنين فى استخراج بيانات فى متناول يدها!
الأمر لا يبدو كذلك
كانت المفاجأة بالنسبة لى هى أن دار المحفوظات المصرية بالقلعة والتي يطل مبناها الأثرى الجميل على قلعة محمد على لم تعد تتبع وزارة الثقافة، ليه؟ صارت تتبع وزارة المالية! لماذا أخذتها وزارة المالية؟ ليه؟ مش عارفة، الخبر الأكثر صاعقة بالنسبة لى هنا هو أن وزارة المالية (تحفظت) على دار المحفوظات منذ عام 1979، هل كان الأمر سرًا حتى يعرفه بعضنا بالصدفة البحتة وإثر نشر شكوى فى مجلة روزاليوسف؟
هل لأجل هذا يتصرف العاملون بالدار على هذا النحو من العجرفة والإهمال؟ مجرد عاملين لا يدركون قيمة وأهمية وجمال الأثر ومحتواه؟
وهكذا أصبحت أنا مدينة لوزارة الثقافة باعتذار لأننى أقحمتها فى أمر لم يعد يخصها منذ 46 عامًا.
وهكذا صارت وزارة الثقافة بعيدة عن الاتهام وقد أخرجوها من السيطرة على مكان ما كان يجب ولا يجوز ولا يجدر به سوى الخضوع لوزارة الثقافة ليس لكونه يحتوى ومسيطرًا على معلومات شجرة العائلة المصرية ولكن لأنه يحتفظ بآلاف الخرائط العالمية النادرة والكتب شديدة الأهمية والمراسلات والمكاتبات النادرة منذ ولاية «محمد على باشا» حتى عهدْ قريب.
تانى، وزارة المالية ليه؟
ولماذا لم ترد علينا وزارة المالية؟ ولا حتى (الدفتر خانة) التابع لها؟
الجميل أن قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية هو الذي بادر سريعًا بالاهتمام وبالحل الفورى المفاجئ بالنسبة لى، بالظبط فى ساعة واحدة وبالتليفون قاموا مشكورين بحل مشكلة بدت مزمنة وعصية بالنسبة لى، والجميل أن يكون لدينا قطاع داخل مؤسسة مهمة يباشر شكاوى الناس ويبادر بحل مآزق لمواطنين لا يملكون فى أمرهم شيئًا، ثمة معذَبين شاهدتهم بعينى وسمعت لشكاويهم وحالهم اللى يقطع القلب والله، مواطنون معذّبون يطرقون أبواب دار المحفوظات كل يوم ويقاسون الأمرَين ويخرجون بوفاضْ خالية وبيأسٍ شديد.
والحكاية التي تقوم بإنجازها الآن وزارة الداخلية مشكورة كانت أيضًا من اختصاص وزارة المالية!
سبحان الله.