الخميس 18 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
عكس الاتجاه.. ماذا تفعل  لو كنت مكانى؟

عكس الاتجاه.. ماذا تفعل لو كنت مكانى؟

قررت دار المحفوظات بالقلعة أن تمحو اسم أبى وعائلتى- يمكن مش عاجبها- وأن تمنحنى أبًا ثانيا بمزاجها- هو ده الموجود عندهم- أبا مختلفا تماما لا يشبه أبي؛ لا اسم أمه هو جدتى ولا تاريخ ميلاده هو ميلاد والدى ولا إخوته- والدى وحيد- ولا سكنه ولا شجرة عائلته، فقط يحمل اسم أبى واسم والده وهكذا قررت أن تمحنى شخصًا.. وما كنت لأعرف ذلك إلا فجأة، اضطرتنى أسباب لاستخراج شهادة ميلاد لوالدى، ورغم أننى قدمت لهم شهادة وفاته وبطاقته الشخصية القديمة وإعلام وراثة وكل ما يساعدهم فى البحث عنه بشوية مجهود، وشوية رحابة فى التعامل، لم يحدث.. ولما قلت لهم صفتى الصحفية اقترحوا أن أقدم لهم طلبا جديدا وسوف يبحثون فى الأمر وبعضهم اهتم ووعدنى بمنحى شهادة عدم استدلال، حتى أتصرف فى مكان آخر بموجبها.. حتى هذا لم يحدث، خذلونى للمرة الثانية.. كيف؟



أعادوا لى شهادة الرجل الذي لا أنتسب إليه.

أقول لهم: هذا ليس والدي.. يقولون: نعم نعرف، لكننا لم نجد غيره فى السجلات، أقول لهم: أمه تحمل اسما غير اسم جدتى.. يقولون:نعم نعرف لكن ماذا نفعل! 

دار المحفوظات بالقلعة تستصعب البحث فى خزائن أوراقها القديمة عن شهادة ميلاد والدى  أو حتى أن تمنحنى شهادة عدم استدلال.. فكرت فى ماذا أفعل لو كنت مكاني: أن أذهب إلى قلعة محمد على وأبحث عنه ليحارب المماليك من جديد وتراجعت حين تذكرت أن محمد على باشا مات عام 1849، أى منذ 176 عاما.. فكرت أن أشترى سيفا وارتدى ملابس مملوك وأتجول حول المكان وتراجعت لأن العباسية ليست بعيدة.. أن أتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، وتراجعت لأنه لم يفعل شيئًا لبلادنا التي تباد أمام أعيننا، ما يقرب من ثلاثمائة ڤيتو فاشلة، وغير معقول أن أجعل الدول الأعضاء كلها ترفع يدها من أجل فيتو لي، ڤيتو يا ولاد الحلال يأمرهم فى دار المحفوظات بالقلعة أن يبحثوا عن شهادة ميلاد لأبويا.

فى مرة سابقة كنت منتظرة نتيجة بحثهم عن ملف والدى وإذا باالكهرباء (تقطع) ساعتين وأكثر وأنا والمواطنون نجلس فى الظلام انتظارا لعودة الكهرباء وعودة عمل الإنترنت والكمبيوترات للوصول لمصالح مئات البشر يوميا، بعد ساعتين تفتق ذهن إحداهن لتتصل بهيئة الكهرباء، وأدركت من ترددى عليهم هناك أن عشرات- ربما مئات لا أعلم عنهم شيئا- يعانون من ضياع أو كسل البحث عن وثائق تخص ذويهم، عشرات يأتون من آخر الدنيا ويتكلفون مشقة ومصاريف وينتظرون (على الفاضي) ويعودون كما جاءوا بنفس الحسرة والوجع.

أملك وثائق تصلح للبحث بجدية لاستخراج بيانات بشهادة ميلاد والدى، أملك شهادة وفاته وبطاقته الشخصية القديمة وشهادته العائلية، وكل ما يخص أوراق أمى زوجته- شهادتى ميلادها ووفاتها- كل الأوراق كاملة، وأنا موجودة وإخوتى الثلاثة الذكور موجودون باسم والدى وأمه وأبيه، ومعى كذلك الشهادة المزورة- سأعتبرها مزورة- التي استخرجتها لى دار المحفوظات بالقلعة والتي أصروا على منحها لي! كى يخلصوا من «الدوشة»؛ الشهادة المزورة التي تحمل كل بيانات رجل آخر لا يشبه أبى إلا فى جزء من اسمه فقط. لكنهم قالوا لى: ده كويس اعتبريه والدك.

لم يكن هناك جهة أتوجه إليها إلا وزارة الثقافة باعتبار أن دار المحفوظات تتبعها، وأتخيل أن وزير الثقافة يجب أن تصله الصورة والحال الذي باتت عليه إحدى هيئاته.

كما أتوجه إلى وزارة الداخلية، فهى لا تقبل أن ينتسب الناس زورا لأشخاص لا ينتمون إليهم وإلا استطاع أى واحد أو أى مجرم أن ينسخ لنفسه شهادة ميلاد ويتبرأ من تاريخه و«يخلع» من جرائمه.