الخميس 11 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
جندى قتيل خير من جندى أسير

جندى قتيل خير من جندى أسير

لا تتعجب عزيزى القارئ من العنوان عاليه، فهذا هو الإجراء الذى يفضله الجيش الإسرائيلى لمنع أسر جنوده، حتى لو أدى ذلك إلى قتلهم، طبقا لبروتوكول (هانيبال) الذى سبق أن صاغه من قبل 3 ضباط رفيعى المستوى فى هذا الجيش. وهو بالمناسبة البروتوكول الذى أثار الكثير من الجدل فى إسرائيل، إذ يصفه معارضوه بـالخيار الوحشى الذى يخاطر بأرواح أسرى يمكن إنقاذهم.



طبّقت إسرائيل توجيه «هانيبال» فى مناسبات عديدة منذ 1986، وكان التنفيذ الأكثر تدميرًا فى رفح عام 2014، ومن بين 11 إسرائيليًا طُبق عليهم البروتوكول فى 7 مناسبات، لم ينجُ سوى جندى واحد.

ثم عاد وظهر نفس البروتوكول مجددا فى عملية (طوفان الأقصى)، التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية فجر السابع من أكتوبر عام 2023 عندما اقتحمت مستوطنات غلاف غزة، مسيطرة فى طريقها على عدة مواقع وقواعد عسكرية لجيش الاحتلال، وأسرت نحو 250 إسرائيليًا بينهم عشرات الجنود والضباط، وهو ما رد عليه الاحتلال بقصف عنيف على غزة أسفر عن آلاف الشهداء والمصابين.

ولكن ما هو بروتوكول هانيبال الذى يأخذ به جيش الكيان؟.. تختلف الآراء بشأن تسمية هذا البروتوكول العسكرى باسم هانيبال، وبشأن من صاغ المصطلح تحديدًا. فهناك من يرى أن المصطلح يطلق على الطريقة التى أنهى بها قائد قرطاج التاريخى (حنبعل برقا) حياته، حين اختار تسميم نفسه بدلاً من الوقوع أسيرًا فى أيدى الرومان. فى حين يرى آخرون أن اسم النظام الذى ظل سرًا عسكريًا حتى عام 2006،  تم اختياره عشوائيًا من قبل جهاز حاسوب تابع لجيش الاحتلال قبل نحو 3 عقود، وتم تطويره بواسطة 3 من كبار ضباط الجيش، ويعد جيش الكيان هو الجيش الوحيد فى العالم الذى يستخدم هذا الإجراء فى معاركه (أقصد جرائمة)، رغم الانتقادات الداخلية المتكررة التى تطاله، خاصة أنه لا يوفر لأفراده الأمن فى ميدان المعركة. لهذا لم يقره الكنيست الإسرائيلى رسميًا، إلا أنه يتم العمل به سرًا، وهذا ما أكده شخصيًا مجرم الحرب ووزير الدفاع السابق (يوآف جالانت) فى مقابلة له مع القناة 12 الإسرائيلية، حين اعترف بأنه أمر قواته باستخدامه فى مناطق معينة بقتل الأسرى الإسرائيليين  مع آسريهم، حتى لا يصبح هؤلاء الأسرى ورقة مساومة فى يد حماس حين تتم صفقات تبادل للأسرى. لأن وقوع جندى فى الأسر يكلف الدولة سياسيًا وأمنيًا أكثر بكثير من خسارته قتيلاً، ومن هنا تحديدًا جاء مفهوم (الجندى القتيل أفضل من الجندى الأسير)، حسب وجهة نظر قادة جيش الكيان، الذى يعتمد سياسة الأرض المحروقة فى حروبه، التى تنص على فتح النار العشوائى إذا تم أسر أحد الجنود بهدف قتل الآسرين والأسير معًا (والمدنيين بالمرة). بروتوكول قلب الموازين والقيم العسكرية المتعارف عليها دوليًا (والتى بالمناسبة لا يعترف بها أصلاً القائمون على أمر هذا الجيش) ويخالف اتفاقيات جنيف التى تنص على ضرورة حماية الأسرى وحياتهم، خاصة أنه يأخذ فى طريقه المدنيين الذين ليس لهم ذنب، إلا أن العصابة القائمة على هذا الكيان تستخدمه كذريعة لنشر الأمن، الذى كان من السهل أن يتوافر ويستتب حال الموافقة على حل الدولتين، الذى ترفضه هذه العصابة ومن يقف خلفها داعمًا ومؤيدًا. ليتحول هذا البروتوكول وبقدرة قادر إلى سياسة دموية تمارسها قوات الاحتلال، انعكست على أشقائنا فى غزة وما يرتكب فى شأنهم من مجازر وحرق وتجويع وإبادة، لمجرد أنهم يطالبون بحقهم فى أرضهم المسلوبة.

لهذا ولغيره كثير يعد هذا البروتوكول وصمة عار ستظل تلاحق قادة هذه العصابة مدى الحياة ليس خارجيًا فقط، ولكن داخل دولة الكيان نفسها، ودليلى على ذلك مظاهرات أسر وأهالى الأسرى أنفسهم، الذين لا يتمنون موت أبنائهم، حال عدم عقد صفقات تبادل الأسرى، التى يرفضها مجرم الحرب نتنياهو وعصابته.