الجمعة 19 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

دون تجاوز الأصول أو مقاصد الشريعة

صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى

فى خطوة لمواكبة ثورة التحول الرقمى، تستعد دار الإفتاء المصرية لعقد مؤتمرها العالمى العاشر بعنوان: «صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى»، وذلك يومى 12 و13 أغسطس الحالى فى القاهرة.



يُنظَّم المؤتمر عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، ويأتى بالتزامن مع احتفال الأمانة بمرور 10 سنوات على تأسيسها، حيث نجحت فى بناء مظلة عالمية تضم 111 مؤسسة إفتائية من مختلف الدول.

يشارك فى المؤتمر أكثر من مائة دولة، بحضور كبار المفتين والعلماء والوزراء والخبراء الدوليين فى الإفتاء والتكنولوجيا، بهدف مناقشة التحديات التى يفرضها العصر الرقمى.

صياغة المفتى العصرى

من جانبه، صرح الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بأن المؤتمر يأتى فى توقيت حساس يتطلب إعادة صياغة عقلية المفتى ليكون قادرًا على التعامل مع أدوات العصر الرقمى دون أن يفقد مرجعيته الشرعية.

ولخّص المفتى رؤية المؤتمر قائلًا: «نهدف إلى إعداد المفتى الرشيد الذى يفهم أدوات الذكاء الاصطناعى، ويوظفها بمسئولية شرعية تحفظ الثوابت وتحقق المصلحة». 

وأوضح أن الجلسات ستناقش تكوين المفتى علميًا، وضوابط الفتوى الرقمية، وتوظيف الذكاء الاصطناعى فى دعم صناعة الفتوى دون تجاوز الأصول أو مقاصد الشريعة.

وأكد الدكتور عياد أن الإسلام رفع من شأن العقل، وأن الذكاء الاصطناعى ما هو إلا امتداد للعقل الإنسانى، لكنه لا يملك روح المقاصد ولا يمكنه الاجتهاد فى النص دون مرجعية شرعية إنسانية. كما أضاف أن «الذكاء الاصطناعى لا يُحكم عليه بذاته، بل بما تحمله مخرجاته من خير أو شر»، لافتًا إلى أن المؤتمر يهدف إلى ترسيخ معادلة: عقل بشرى مُكلَّف يقود بوصلة التقنية ضمن الفقه والمقاصد.

وكشف المفتى عن تدشين نموذج ذكاء اصطناعى يوازى ChatGPT، يهدف إلى ضبط الفتاوى إلكترونيًا، وتقليل الانحرافات الرقمية فى الإجابات الشرعية.

تحديات الواقع الرقمى

من جهته، صرَّح الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بأن الاستعدادات لانعقاد المؤتمر بدأت مبكرًا، وسط إقبال واسع من العلماء والمتخصصين. وأشار إلى أن المؤتمر يُعقد تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى، ويطرح سؤالًا جوهريًا: «كيف نحافظ على مكانة المفتى بوصفه مصدرًا موثوقًا فى ظل تزاحم المنصات غير المؤهلة، وانتشار الفتاوى بلا ضوابط أو رقابة؟».

وشدّد الدكتور نجم على أن الحل يكمن فى إعادة بناء نموذج المفتى بما يتناسب مع التحديات الرقمية، مؤكدًا أن المؤتمر يناقش كيفية توظيف الذكاء الاصطناعى فى خدمة المقاصد الشرعية دون انزلاق، قائلًا: «لا نتعامل مع الذكاء الاصطناعى كخطر مطلق، بل نراه أداة يمكن تسخيرها بوعى وبصيرة فى خدمة الإنسان».

وأوضح أن المفتى العصرى لا بد أن يجمع بين الفقه الراسخ والفهم الرقمى الواعى، لمواجهة ظاهرة الفتاوى العشوائية التى تشوه صورة الإسلام.

وأكد نجم أنه فى إطار توظيف الذكاء الاصطناعى كأداة دعم لا بديل عن المفتى، وضعت دار الإفتاء سياسات داخلية صارمة تشمل: منصة إلكترونية موحدة لإصدار الفتاوى تحت رقابة لجان علمية، ومواد تدريبية لأمناء الفتوى، وقواعد بيانات تراثية حديثة، وورش عمل لتأهيل المفتين فى المهارات الرقمية والتواصل الجماهيرى.

وأشار إلى أن «المفتى الإنسانى يظل حاسمًا، لأنه يمتلك البعد الأخلاقى والوعى بالمقاصد، الذى تفتقر إليهما الآلة». محاور المؤتمر

سيركز المؤتمر على خمسة محاور رئيسية:

1 - تكوين المفتى الرشيد علميًا وتكنولوجيًا.

2 - الذكاء الاصطناعى فى الإفتاء: فرصه وتحدياته وضوابطه.

3 - المفتى كحلقة وصل بين التقنية والمجتمع.

4 - الإفتاء المؤسسى وتقنيات الأداء الحديثة.

5 - تجارب دولية ناجحة فى تأهيل المفتين.

كما سيبحث المؤتمر فى آليات دمج الذكاء الاصطناعى فى بنية الفتوى، وتقييم تجارب إفتائية عالمية، وضوابط الفتوى عبر المنصات الرقمية، ومكافحة فوضى «الفتوى الإلكترونية»، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعى فى أرشفة وتنظيم التراث الفقهى العالمى.

يُذكر أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، منذ تأسيسها عام 2015، واجهت ظواهر مثل فتاوى التطرف والتكفير، وتسعى الآن عبر مؤتمرها العاشر إلى تدشين جيل جديد من المفتين القادرين على مخاطبة الناس بلغتهم وزمانهم وأدواتهم، دون التخلى عن ثوابتهم.