
محمد جمال الدين
كفى تجويعًا للفلسطينيين
وسط صمت دولى مفروض عليهم من قِبَل محتل صهيونى لا يخضع لأى حساب أو مسئولية، محتل معدوم الضمير والإنسانية، تُرتَكب أبشع جريمة فى حق الشعب الفلسطينى الشقيق (جريمة التجويع) التى تدخل ضمن إطار جرائم الحرب، حسب نصوص ومواد القانون الدولى الإنسانى، وتحديدًا المادة 8 من نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، التى تنص على أن استخدام التجويع كسلاح حرب من خلال حرمان السكان من المواد الغذائية، التى لاغِنَى عنها لبقائهم على قيد الحياة، أو عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إليهم تعد جريمة حرب.
مواد قانونية ونصوص واضحة لا لبث فيها، أو حتى يختلف أحد على تفسيرها، تجرِّم ما يحدث من قبَل مجرم الحرب نتنياهو وعصابته، ولكن الرئيس الأمريكى الذى يطمح فى نَيل جائزة نوبل للسلام يرى عكس ذلك، فهو يغض الطرفَ أو كأنه لم يسمع شيئًا عن هذه الجريمة؛ بل يتحدى ويقف صارخًا بعلو الصوت قائلاً إن عصابة آل صهيون على حق، وإن ما يحدث من جرائم حرق وإبادة وتجويع، ليس سوى دفاع عن النفس لمواجهة الإرهاب الفلسطينى!!.
والسؤال هنا الموجَّه للرئيس الأمريكى، عن أى نفس تتحدث؟، هل هى النفس التى جعلت أطفال غزة يموتون من الجوع، بعد حرمانهم من الماء والغذاء، وجعلت المرضى يتوفون نتيجة نقص الدواء الذى حرّم ربيبك دخوله إلى قطاع غزة؟، أم هى النفس التى جعلت تلك العصابة تقصف مخازن الغذاء ومصانع الألبان والخبز؟، أم هى النفس التى باركت غلق المَعابر لمنع قوافل الإغاثة من الوصول إلى المحاصرين فى القطاع، وسط صمت دولى يصل إلى حد التواطؤ، أم هى النفس التى تجازف بحياتها للحصول على حفنة من الدقيق لسَدّ جوعها وجوع أطفالها الذين تستهدفهم طائرات هذا المحتل الغاشم، الذى يطير جنوده فرحًا حين يقتلون فلسطينيًا؟، أم هى النفس التى قصفت المستشفيات على المرضى والمصابين من أبناء هذا الشعب المكلوم؟، الذى يصرخ فى غزة من سياسات المحتل الوحشية ومن الجوع المفروض عليهم، وينال من حقهم فى الحياة مثل باقى عموم البشر فى جميع أنحاء العالم؟، وهل هذه النفس لها علاقة بما سبق أن صرّحت به من قبل بأن الشعب الفلسطينى يستحق حياة ومعيشة أفضل؟.. أسئلة متعددة عن النفس التى يتحدث عنها الطامح لنَيل جائزة نوبل. بالطبع الإجابة عنها سوف يفرضها عليه اللوبى الصهيونى الذى يتحكم فى مقدرات صاحب المعايير المزدوجة؛ لأنه فى النهاية يأتمر بأمر هذا اللوبى، ويمنع محاسبة هذه العصابة عن جرائمها المتعددة!.
عمومًا؛ موافقتك أو حتى صمتك عمّا يتعرض له أشقاؤنا فى غزة، جعل منك ومن أمثالك شركاء فى هذه الجريمة، المحرّمة فى كل الأديان والإنسانية، وتجرّمها القوانين العامة والدولية على حد السواء، بعد أن ذهب حيادك المزعوم مع الريح، وهو الحياد الذى حاولت من خلاله ابتزاز الجميع لعلاج اقتصاد بلدك المنهار، تحت حجج الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية؛ لتجعل من نفسك وعن طيب خاطر أضحوكة فى يد أصحاب المصالح واللوبى الذى يحركك، عكس ما يبدو عليه مظهرك الضخم أو تصريحاتك العنترية التى ليس لها من طائل، والتى تبدو من خلالها أنك صاحب عصمة أو قرار.
من أجل هذا وغيره كثير أقول لك ولغيرك من المتواطئين الذين يفضلون الصمت وغض البصر عن جريمة التجويع، إذا كنتم تعتقدون أن التجويع سيدفع الفلسطينيين إلى الهجرة طواعية وترك وطنهم، فأنتم واهمون، فمنذ عقود طويلة يفرض الصهاينة حصارًا غير إنسانى على الشعب الفلسطينى، وليس على قطاع غزة فقط، ومع هذا قاوم هذا الشعب وتصدى لكل أشكال الحصار والقمع، ولم ولن تنكسر عزيمته وإرادته يومًا، ورغم ما يتعرض له حاليًا من جرائم أكثر دموية ووحشية عما سبق؛ فلا يزال صامدًا ومتمسكًا بأرضه، دليلى على ذلك الخسائر اليومية التى يتعرّض لها جيش الدفاع الصهيونى فى العتاد والأفراد، وسجن غزة المفروض عليه برًا وبحرًا وجوًا، سينال منكم قبل أن يناله. ولكن ستبقى فى الذاكرة وفى كتب التاريخ صور بكاء ومعاناة أطفال غزة الجوعى.. سوف تلاحقكم مدى الحياة، بعد أن تسببتم عن قصد وتعمد فى زوال ابتسامة هؤلاء الأطفال، بنصرتكم وتواطؤكم لهذا المحتل، وللأسف بعد كل هذا تدّعون الحياد وأنكم كبار، رغم أنكم فى حقيقة الأمر صغار جدًا، ولا يمكن أن يعتد بكم فى شىء.