دراسة تكشف إرهاب اللجان النوعية وشبكة التمويل الدولى للجماعة التاريخ السرى لتنظيم هدم الدولة

وفاء شعيرة
فى الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو 2013 نعرض دراسة حديثة مهمة تتناول البُعد التاريخى والسياسى والدينى لجماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، وتحليل الأساليب التى استخدمتها الجماعة لتطويع الدين لأغراض سياسية، والجرائم المرتكبة محليًّا وعالميًّا باسم المشروع الإسلامى، وتقييم أثرها على المجتمعات والدول.
أعد الدراسة الفقيه المصرى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة: (جماعة الإخوان: التاريخ السرى لتنظيم استخدم الدين لهدم الدولة، جرائم التنظيم منذ النشأة حتى اليوم دراسة تحليلية فى الجذور، أيديولوجيا العنف، بنية التنظيم، التمويل العابر للحدود والاختراق العالمى والرؤى المحتملة).
وتناولت الدراسة تكوين اللجان النوعية الإخوانية فى أعقاب فض الاعتصام، عندما أعلنت الجماعة الإرهابية عن انطلاق مرحلة «المقاومة»، وهو مصطلح استخدم للتغطية على عمليات مسلحة تخريبية، وتم إنشاء ما يسمى بـ«اللجان النوعية»، وهى خلايا سرّية نفذت تفجيرات ضد أبراج كهرباء، ومراكز شرطة، وقضت على حياة عدد من رجال الأمن».
وجاء فى الدراسة أن «هذه اللجان النوعية الإخوانية لم تكن عشوائية، بل مرتبطة تنظيميًّا بقيادات هاربة خارج مصر، فى تركيا وقطر. واعتمدت على أدبيات سيد قطب ومفاهيم مثل «الطاغوت» و«دار الحرب» لتبرير قتل رجال الجيش والشرطة الأبرياء البواسل الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن».
التحالف مع التنظيمات الإرهابية
أوضحت الدراسة أنه ظهرت أدلة على تنسيق بين عناصر من الإخوان وتنظيمات تكفيرية فى سيناء وليبيا. وتحولت سيناء إلى بؤرة للعنف، نفذ فيها تنظيم «أنصار بيت المقدس» (الذى بايع داعش لاحقًا) عمليات ضد الجيش المصرى. وأظهرت بعض التحقيقات الأمنية أن الدعم اللوجستى والمعلوماتى كان يتم من خلال قنوات جماعة الإخوان، التى استخدمت غطاءها الإعلامى (قنوات الخارج) فى الترويج لتلك العمليات بوصفها «مقاومة مشروعة».»
شبكة التحريض
أكد الدكتور محمد خفاجى «أن الجماعة أنشأت شبكة إعلامية موجهة من إسطنبول ولندن، لعبت دورًا أساسيًّا فى التحريض على الدولة المصرية. من خلال قنوات مثل مكملين، الشرق، وطن، استخدمت الجماعة وسائل الإعلام لبث الأكاذيب، والتشكيك فى مؤسسات الدولة، ودعوة الشباب للتظاهر والعنف. وروجت خطابًا دينيًّا يبرر «الخروج على الحاكم»، وفسّرت النصوص الشرعية على هوى السياسة.»
ويضيف :« وهكذا خلال هذه المرحلة، انتقلت الجماعة من خطاب الدولة إلى خطاب الهدم. وقد دلّ هذا التحول على غياب المشروع الوطنى، وترسخ عقيدة «الاستحواذ أو الفوضى».
وبدل أن تراجع الجماعة أخطاءها، اختارت طريق التصعيد والعنف، مدفوعة بوهم «العودة القريبة»
وأشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى إلى الشبكات والمنظمات التى أسستها جماعة الإخوان الإرهابية فى أوروبا بالتمويل الخارجى، وكيف بسطت جماعة الإخوان نفوذها خارج مصر، وتحول التنظيم المحلى إلى شبكة عابرة للحدود، وما صاحب ذلك من التحويلات العابرة وغسيل الأموال للجماعة الإرهابية لتمويل العنف بعد سقوطها من الحكم، وكيف أصبح الإخوان فى أوروبا الوجه الناعم للتطرف المؤسسى والمخاطر العابرة للحدود وتحذيرات غربية من المشروع الإخواني
وقال الدكتور محمد خفاجى :« منذ خمسينيات القرن الماضى، انتقلت جماعة الإخوان من مجرد تنظيم محلى فى مصر إلى حركة عالمية لها فروع وواجهات فى أكثر من 70 دولة، بما فيها الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا. واستفادت من البيئة الديمقراطية والليبرالية الغربية لتوسيع نشاطها تحت غطاء العمل الخيرى والدينى، واسست الشبكات فى أوروبا، وعمدت إلى تأسيس الشبكات فى أوروبا على النحو التالي:
ألمانيا
كان سعيد رمضان (صهر حسن البنا) من أوائل من أسسوا مراكز إسلامية كبرى مثل «المركز الإسلامى فى ميونخ»، والذى تحوّل إلى منصة لتوسيع نفوذ الجماعة
بريطانيا
استقر العديد من قادة الإخوان فيما بعد 2013، وأنشأوا منظمات مثل «منتدى التفكير الإسلامي»، و»رابطة مسلمى بريطانيا»، وهى منظمات وُجهت إليها تهم الترويج لأجندة سياسية إخوانية.
فرنسا والنمسا وبلجيكا
أُسست جماعة الإخوان الإرهابية جمعيات إسلامية كبيرة بإدارة أشخاص مرتبطين بالجماعة، وبعضها حظى بتمويل خليجى - قطرى خصوصًا - معتمدين على فكرة الواجهة الدعوية والمجتمعية، حيث استخدمت الجماعة المساجد، المدارس، والمراكز الثقافية كمنصات للتأثير المجتمعى. وقدموا أنفسهم كممثلين «شرعيين» للمجتمعات المسلمة فى الغرب، مما منحهم اعترافًا رسميًا فى بعض الحالات».
الولايات المتحدة
فى الولايات المتحدة الأمريكية تعمل الجماعة من خلال منظمات مثل: «مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)» و«الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)» وهى منظمات واجهت اتهامات بدعم أجندات إسلامية سياسية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر. ولكن لم تُصنف الجماعة رسميًا منهم كمنظمة إرهابية، لكن العديد من السياسيين طالبوا بذلك، ووصفت بعض التقارير الجماعة بأنها «الوجه المقبول للتطرف».
وروجت الجماعة لخطاب مزدوج: داخليًا: خطاب تعبوى وتكتيكى قائم على فكرة «التمكين المرحلي»، وخارجيًا: خطاب معتدل يتحدث عن التعايش وحقوق الإنسان».
التمويل الخارجى
يشير الدكتور محمد خفاجى إلى أنه بعد 2013، تحولت تركيا وقطر إلى ملاذات آمنة لقيادات الإخوان الهاربة من مصر. واستخدمت الجماعة الأموال القطرية لإطلاق قنوات إعلامية وتحريك أنشطة دولية، فى حين وفّرت أنقرة دعمًا لوجستيًّا وتنظيميًّا واضحًا، بل منحت الجنسية لبعض القيادات. وتحوّلت إسطنبول إلى مقرّ عالمى غير معلن للتنظيم الدولى للإخوان، وهو الجناح الخارجى الذى يدير الملفات السياسية، والإعلامية، والمالية، بعيدًا عن الضغوط الداخلية، أما عن التمويل الخارجى فى جنوب غرب اَسيا وأوروبا، فقد كشفت تقارير استخباراتية أوروبية عن تلقى منظمات مرتبطة بالإخوان تمويلًا كبيرًا من مؤسسات قطرية مثل «قطر الخيرية»، وجهات تركية قريبة من حزب العدالة والتنمية، وبعض القليل من هذه الأموال استُخدمت فى مشاريع دينية ومراكز اجتماعية، لكن كثيرها الآخر وجّه إلى أنشطة ذات طابع سياسى أيديولوجى.»
ويوضح الدكتور محمد خفاجى، أن جماعة الإخوان الإرهابية استطاعت بناء علاقات مع بعض الأحزاب اليسارية والليبرالية فى أوروبا عبر: خطاب «المظلومية الإسلامية» والدفاع عن «الحريات الدينية». كما نشطت فى وسائل الإعلام الدولية، حيث تم تقديم كوادرها كـ “خبراء فى شئون الإسلام»، مما منحهم مصداقية مزيفة.»
ويؤكد، أن هناك العديد من التحذيرات الغربية من المشروع الإخوانى فى عدة دول أوروبية منها عل سبيل المثال تقرير الحكومة البريطانية 2015 , حيث وصف الجماعة بأنها «تنظيم أيديولوجى يهدف إلى فرض تغيير سياسى واجتماعى يتعارض مع القيم الغربية». وفى ألمانيا والنمسا تم حظر عدد من المنظمات التابعة للجماعة، واتهامها بنشر التطرف والتخطيط لخلق مجتمع موازٍ، وفى فرنسا شددت الرقابة على الجمعيات الإسلامية بعد مقتل المدرس صامويل باتى، وتم الربط بين الإخوان وبعض الفاعلين فى خطاب التحريض غير المباشر.
وصفوة القول إن انتشار الإخوان فى الغرب لم يكن محض صدفة، بل جزء من مشروع استراتيجى طويل المدى لتقديم الجماعة كبديل «معتدل» عن الحركات الجهادية، مع الاحتفاظ بجوهر أيديولوجى لا يقل خطورة. ومع تصاعد وعى الدول الغربية بخطرهم، بدأت موجة حظر وتضييق غير مسبوقة، تنذر بانحسار نفوذ الجماعة فى فضاءها الأهم عالميًا.» ويضيف: إن بعض المنظمات الدولية استخدمت كأذرع مالية للإخوان، تتمثل فى منظمة الإغاثة الإسلامية و «المنظمة الإسلامية للإغاثة» فى أوروبا، واجهت اتهامات متعددة بتحويل التبرعات إلى أنشطة تابعة للإخوان. كما أن العديد من الجمعيات الخيرية فى لندن وجنيف تم تصنيفها فى تقارير أمنية كواجهات تمويل غير مباشر.»