
عمرو أحمد
هؤلاء يكتبون عن السيناريوهات
حرب الجواسيس بين الموساد والإيرانيين
بالنظر فى قائمة العلماء النوويين الذين اغتالتهم إسرائيل منذ هجماتها فجر الجمعة الماضية، نجد أنهم شخصيات معروفة ولديهم لقاءات تليفزيونية وحسابات رسمية على مواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما سهل الأمر على عملاء الموساد فى الداخل الإيرانى لتحديد مواقعهم وخط سيرهم وأماكن سكنهم وجعلهم هدفا سهلا لإسرائيل.
من الطبيعى ألا يعرف الناس فى الشارع هؤلاء العلماء، أو أن يخرج عمل العالم النووى من كونه تقنيا وبحثيا إلى ناشط على السوشيال ميديا يعبر عن رأيه حيال العديد من القضايا، هذه الأمور وغيرها جعلت استخبارات الاحتلال تكتب تاريخا من الاغتيالات بحق العلماء والقادة العسكريين الإيرانيين امتد لنحو 15 عامًا.
العديد من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية استغلها الموساد لتجنيد الشباب فى الداخل الإيرانى، العديد من الجماعات المعارضة للنظام الحاكم فى طهران ولها مقرات فى الخارج تعاونت مع أجهزة استخباراتية أجنبية ومنها الموساد بهدف إسقاط الحكم وزرعت عناصرها فى الداخل فهم إيرانيون ويسهل دخولهم وخروجهم من وإلى البلاد، كما أن نسبة كبيرة تعانى من أوضاع اقتصادية صعبة، وكذلك الشباب الذين يمثلون الفئات الأكثر والأكبر فى المجتمع، الكثير منهم ذو هوى غربى لم يعاصروا الثورة الإيرانية ولا الحرب العراقية الإيرانية وبالتالى الحس الوطنى لدى البعض منعدم وهو ما يفسر وجود داعمين كثر على السوشيال ميديا لهجمات إسرائيل على إيران.
محسن فخرى زادة أبو البرنامج النووى الإيرانى تمت تصفيته داخل إيران فى 2020 عبر سيارة وضع عليها سلاح جرانوف يطلق طلقاته عن بعد، وفى 2022 وفى وضح النهار قتل مسلحان على دراجة نارية العقيد حسن خدايى فى الحرس الثورى وكان ضمن القوات التى تعمل فى سوريا وغير معروف للعامة قتل أسفل منزله بعيارات نارية، وكثيرون غيرهم تم تحديدهم داخليا وتصفيتهم من قبل عناصر الموساد.
مركز بارتشين لأبحاث الاندماج النووى فى غرب العاصمة طهران كان هدفا للهجمات الإسرائيلية فى اليوم الثانى، لكن فى عام 2022 كان يعتقد الجميع أن بارتشين منشأة عسكرية لا نووية، وقتها وفى 26 من مايو 2022، تم اغتيال المهندس إحسان قدبايكى داخل المنشأة وأصيب زميله، وقتها جند الموساد شخصا يعمل فى الداخل لتنفيذ هذه العملية، وفى 2011 تعرض الأستاذ الجامعى المتخصص فى الفيزياء داريوش رضائى نجاد إلى عملية اغتيال بالرصاص على أيدى مسلحين على دراجة نارية بينما كان يقود سيارته فى طهران.
قبل بدء هجمات الجمعة، اشتعلت حرب الاستخبارات بين إيران وإسرائيل بعد إلقاء الموساد القبض على شخصين فى حيفا قال إنهما يتعاونان مع إيران، وتحدث الإعلام الإيرانى عن صلتهما بالبرنامج النووى الإسرائيلى، عقب ذلك بيان لوزارة الاستخبارات الإيرانية -قبل بدء اجتماع مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية- عن عملية استخباراتية استهدفت معلومات عن البرنامج النووى الإسرائيلى تكشف عن حصول طهران على أسماء وعناوين العلماء الإسرائيليين والأجانب والدول المتعاونة مع إسرائيل فى البرنامج النووى وشملت إشارة لدول الترويكا.
قاعدة تبريز الجوية والتى شهدت هجوما مكثفا وخسائر كبيرة، تحدثت التصريحات الرسمية عن هذا الهجوم بأنه بدأ من الداخل الإيرانى بمسيرات وصواريخ من قبل عملاء الموساد وهو ما سهل الأمر على طائرات الاحتلال، كذلك مع بدء الهجمات الإسرائيلية على إيران كان هناك حالة ارتباك جراء إصابة أهداف حيوية وشخصيات عسكرية وعلماء نوويين، ومع تعافى إيران من الصدمة واستقدام قيادات محل من قتلوا، بدأت إيران فى التركيز مع الهجمات التى انطلقت من داخل أراضيها وتمكنت من إلقاء القبض على جماعات تعاونت مع الموساد ونفذت عمليات داخلية، بل فككت إحدى الشبكات التى عملت على تصنيع مسيرات وأسلحة لاستهداف الداخل الإيرانى.
من بين هؤلاء الذين قدموا لإسرائيل معلومات دقيقة منذ 2022، إسماعيل فكرى، شاب إيرانى يعمل لحساب الموساد قبض عليه فى ديسمبر 2023، وكان يتقاضى الأموال من الموساد عبر محفظة للعملات المشفرة الرقمية، عمل بشكل نشط فى الداخل الإيرانى بهدف جمع معلومات أمنية وتنفيذ مهام فى الداخل أعدمته إيران الاثنين الماضى فى رسالة مفادها أن عناصر الموساد فى إيران أصبحوا هدفا رئيسيا للأجهزة الأمنية الإيرانية مثل الأهداف التى ألحقت الصواريخ الباليستية والفرط صوتية الضرر فى العمق الإسرائيلى.
إسرائيل استهدفت العديد من المقرات النووية، ما فوق الأرض دمر وما تحت الأرض تعجز عن الوصول إليه، مفاعل نطنز عطل لكن المفاعل الرئيسى بعمق 80 مترا ويضم أجهزة طرد مركزى من أجيال مختلفة، ومفاعل فوردو على عمق 100 متر، ومفاعل بوشهر القريب من الخليج تحت الإدارة الروسية لم تستهدفه، القدرات الإسرائيلية حدودها ما فوق الأرض وما تحت الأرض بيد القنابل الأمريكية التى تخترق التحصينات، وهو ما يدفع نتنياهو للضغط على ترامب للتدخل، فتل أبيب لا تستطيع تدمير المفاعلات النووية بمفردها.
مدير وحدة إيران بالمنتدى الاستراتيجى للفكر