
هبة فرغلى
123 «إسعاف»
وجه الإيطالى «بيترو فازاي» فى 21 يوليو عام 1902، نداء إلى الجنسيات المقيمة فى مصر من أجل توحيد الجهود لإقامة مؤسسة لمواجهة الطوارئ.
فى السنة نفسها داهم مرض الكوليرا مدينة الإسكندرية فتشكلت لجنة مؤقتة بهدف بحث الوسائل الفعالة للحد من انتشار المرض وتحقيق هدف إنشاء المؤسسة، وبعد شهر من العام نفسه بدأت دعاية واسعة على صفحات الصحف بين أعضاء الجاليات الأجنبية والمصريين للمناشدة بحضور اجتماع مخصص لإقامة مؤسسة اجتماعية دولية خاصة بالإسعاف بدار الجامعة الشعبية الحرة، وكان المقر الأول للإسعاف بالإسكندرية عبارة عن مجموعة من الدكاكين بشارع الكنيسة الأمريكية، حيث بدأت العناصر الأولى للمتطوعين تمارس دورها، تحت اسم «الجمعية الدولية للإسعافات الصحية العاجلة».
خلال السنوات التالية تأسست عدة جميعات إسعاف متفرقة فى
مدن القاهرة، طنطا، والمنصورة، وظلت تعمل بشكل منفصل حتى 14 ديسمبر 1924 عندما تأسس اتحاد فى العاصمة «القاهرة» برعاية الملك فؤاد الأول، وأُطلق عليه «الاتحاد الملكى لجمعيات الإسعاف العمومية بالقطر المصري»، وأُسند إلى الهيئة المركزية للاتحاد مهمة تنظيم العلاقة بين جمعيات الإسعاف داخل مصر، وفى سنة 1952 بدأت وزارة الشئون الاجتماعية فى تنظيم عمل الجمعيات ومنها الإسعاف، وفى عام 1961 وعقب تطبيق الحكم المحلى أسند عمل الهيئة للهلال الأحمر المصرى.
ثم انتقلت تبعية الإسعاف فى سنة 1966 إلى وزارة الصحة بالقانون رقم 6، حتى صدور رئيس الجمهورية قرار رقم 139 لسنة 2009 الخاص بإنشاء هيئة حكومية ذات شخصية اعتبارية تابعة مباشرة لوزارة الصحة والسكان.
السطور القليلة السابقة هى بمثابة تاريخ يعبر عن أقدم المؤسسات الطبية فى مصر، ولكن الذى بين السطور يجعلنا نفتخر ونعتز بهذا المرفق الذى شهد احتفالية عظيمة يوم السبت الماضى بحضور الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بمقر الهيئة الجديد بمدينة 6 أكتوبر للاحتفال بمرور 123 سنة على مرفق الإسعاف.
التطورات التى شهدها هذا المرفق حالفنى الحظ بأن أكون أحد الشهود على تطورها فى مرحلة من أهم المراحل الفاصلة، ففى عام 2009 كنت محررة روزاليوسف المعنية بتغطية أخبار وزارة الصحة التى كان يحمل حقيبتها فى هذا الوقت الدكتور «حاتم الجبلي» والذى كُرِّم من قبل رئيس الوزراء فى الاحتفالية بناء على مجهودات الوزارة فى تلك الفترة.
فى ذلك اسْتُبْدِلَت سيارات الإسعاف القديمة المتهالكة التى لا يوجد بها أجهزة حديثة لسرعة إسعاف المرضى بالسيارات البرتقالية اللون الموجودة حاليا، وضمت أجهزة حديثة.
أسبوعيا كان محررو وزارة الصحة يرافقون الوزير لاستقبال أسطول سيارات الإسعاف الجديدة، وتوزيعها على المحافظات، وكانت تلك السيارات تحتاج إلى كوادر بشكل مختلف للعمل بها، لذلك فتحت الوزارة وقتها الباب لجميع خريجى الشهادات العليا للالتحاق للعمل بالهيئة كمسعفين وسائقين وذلك بعد أن يخوضوا فترة دراسة داخل هيئة التدريب بالعباسية على أيدى كبار الأطباء من جميع التخصصات وذلك بهدف تجديد الدماء داخل المرفق من مسعفين جدد دُرِّبُوا بأحدث الطرق، وبالفعل ما تم فى هيئة الإسعاف كان بمثابة البطل الحقيقى فى كافة الأحداث التى تمت بعد ذلك التوقيت، فلا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذى بذله مرفق الإسعاف فى الاعتصامات التى حدثت فى ثورة يناير وما أعقبها من أحداث.
كما أن المرفق يستقبل يوميًا بين 800 ألف إلى مليون مكالمة عبر الخط الساخن، وذلك بحسب ما قاله الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان خلال الاحتفالية.
ملحوظة:
هذا الرقم يعنى استقبال 15 مليون مكالمة فى السنة.
قريبا أيضا ستطلق الوزارة خدمة جديدة عبر الهاتف المحمول اسمها «اسعفني» وهى خدمة ستسهل استدعاء سيارات الإسعاف بدقة عبر خاصية الـ GPS.
وفى النهاية تحية لهذا الكيان العظيم الذى يجب أن نفتخر به، فقد حمل على عاتقه إنقاذ الأرواح وتقديم الرعاية العاجلة.